2012/07/04
«تي أر تي»: تركيا تدخل فضاءً صديقاً
القناة الجديدة الناطقة بلغة الضاد جاءت تتويجاً للمصالحة التي دشّنها حزب «العدالة والتنمية» مع الجوار العربي بدءاً من عام 2002. ولبيروت الحصة الأكبر في هذا الانفتاح الإعلامي ليال حداد- الأخبار
بعد ثماني سنوات على تسلّم حزب «العدالة والتنمية» زمام الحكم في تركيا، بدأت خطوات رئيس الوزراء رجب طيّب أردوغان بالانفتاح على العالم العربي، تجد صداها عند شعوب المنطقة. أحسّ الشارع العربي بأنّ الجار التركي بات أكثر قرباً وتفهّماً، وخصوصاً بعدما انتقد أردوغان إسرائيل في أكثر من مناسبة. والكلّ يتذكّر حين وقف في «منتدى دافوس» العام الماضي، متوجّهاً إلى الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريس قائلاً «إسرائيل تقتل الأطفال في غزة».
لذا، كانت الأرضية أكثر من مناسبة لانطلاق قناة «تي أر تي التركية» الناطقة باللغة العربية، التي أتت لتؤكّد نية تركيا في التوجّه مباشرةً إلى الجمهور العربي من باب الإعلام.
ولعلّ اللافت أنّ إطلاق هذه القناة التي يديرها سفر طوران، جاء بعد تمتين علاقات تركيا السياسية والدبلوماسية مع جوارها العربي. بينما تلجأ الدول الغربية غالباً إلى دخول المنطقة إعلامياً في خطوة تمهيدية نحو العلاقات السياسية. وهو ما حصل مع «بي بي سي» العربية، و«فرانس 24» وغيرهما من القنوات التي حاولت الحكومات من خلالها، استمالة الشعوب العربية، كخطوة استباقية لتحسين العلاقات السياسية.
هكذا، بعدما اجتاحت الدراما التركية فضائيات المنطقة، وأدمن المشاهد العربي هذه المسلسلات، ها هي «تي أر تي»، تعلن برمجة منوّعة «تمكّن تركيا والدول العربية، من التعرّف بعضها إلى بعض بطريقة أفضل»، وفق ما قال مدير «هيئة الإذاعة والتلفزيون التركية» إبراهيم شاهين لـ«وكالة أنباء الأناضول».
«صلاح الدين الجديد»، وهي التسمية التي أطلقها على أردوغان مناصروه في العالم العربي، أطلق سلسلة تصريحات خلال حفلة إطلاق المحطة الجديدة، كانت كافية لتأكيد متانة الحلف التركي ـــــ العربي. إذ قال: «نحن والعرب مثل الظفر واللحم، نحن مثل أصابع اليد الواحدة». تؤكّد ربى عطية أنها لن تستقبل ضيوفاً إسرائيليين في برنامجها إذاً، تصالحت تركيا مع العالم العربي سياسياً وإعلامياً، بعدما تعاطت الحكومات التركية طيلة الفترة التي سبقت عام 2002، مع هذه البقعة الجغرافية، كتركة عثمانية بغيضة. ويبدو أنّ للعاصمة اللبنانية الحصة الكبرى من هذا الانفتاح الإعلامي، «بيروت هي أهمّ عاصمة بالنسبة إلى المحطة الجديدة، إلى جانب إسطنبول. كما أنّ البرمجة التركية من بيروت ستتوسّع في المرحلة المقبلة» يقول مصدر من داخل المحطة لـ«الأخبار». ويرى المصدر أنّ تصفيق أردوغان طويلاً للنافذة التي قُدِّمت من بيروت خلال حفلة الافتتاح (شهدت الحفلة ظهور أربع نوافذ بث على الشاشة من بيروت والقاهرة ودمشق وإسطنبول) إنما هو دليل على أهمية لبنان، مضيفاً: «اختلفت نافذة بيروت في الحفلة عن نافذة القاهرة ودمشق، وحتى إسطنبول. إذ كانت فيها رسالة واضحة، هي رسالة سلام بين العرب وتركيا، وبين المنطقة وباقي دول العالم».
ورغم ما قيل عن أنّ برمجة القناة ستركّز تركيزاً أساسيّاً على المواضيع السياسية، فإنّ الأيام القليلة التي مرّت على بثّها، أثبتت العكس. تتنوّع برامج «تي أر تي التركية» بين الثقافة، والمجتمع، والتحقيقات المختلفة، إلى جانب البرامج السياسية. ولعلّ أبرزها برنامج «مدارات» (الأربعاء 22:00) الذي تقدّمه ربى عطيّة من بيروت. «البرنامج تحليلي يحاول بناء جسور تواصل بين الضيوف» تقول عطية لـ«الأخبار». وتؤكّد الإعلامية اللبنانية ـــــ الأردنية، أنّ إدارة القناة لا تفرض أيّ خطوط حمراء عليها أو على البرنامج «لكن يبقى الأهمّ هو تفادي التجييش والتحريض». ولكن هل ستستقبل عطية ضيوفاً إسرائيليين أو تتلقّى اتصالات هاتفية منهم، على غرار ما يحصل على معظم الفضائيات؟ «طبعاً لا، الأمر محسوم بالنسبة إليّ. لا أعرف إن كان هذا الأمر سيحصل في برامج أخرى على القناة، لكن أرفض ذلك في برنامجي».
«مدارات» ليس البرنامج الوحيد الذي يصوَّر في بيروت، بل هناك أيضاً جزء من البرنامج الصباحي. هذا الأخير يتخلّله بثّ مباشر من ثلاث عواصم، هي القاهرة، وإسطنبول، وبيروت. تتحدّث المنتجة في مكتب بيروت، وإحدى مقدّمات برنامج «صباح الخير من إسطنبول» (من الأحد إلى الخميس 11:00)، سحر ضاهر (إلى جانب لانا مدوّر، وريتا وهبة) عن طبيعة المواد التي تُقدَّم في الفترة الصباحية، «نختار مواضيع تمس الشعب اللبناني مثل الصحة، والسياحة، والتجميل، والمشاكل الاجتماعية».
ومن بيروت أيضاً، تعرض المحطة برنامجاً كوميدياً ساخراً بعنوان «كلّمني عربي» (الخميس 21:00)، مع كلّ من طوني أبو جودة، وليليان نمري، ووسام بريدي، ودارين شاهين.
يُذكر أن القناة لا تملك استديوهات خاصة بعد في بيروت، بل تفضّل البثّ من استديوهات جاهزة، وخصوصاً تلك الخاصة بشركة «سات لينك» التي شهدت أروقتها، حركة ناشطةً رافقت انطلاق المحطة.