2012/07/04
ماهر منصور - السفير «الفنانون السوريون في مصر» و«الفنانون المصريون في سورية». لوهلة أولى يبدو أن العبارتين وجهان لعملة واحدة، إلا أن واقع الحال يشي بأن كلا من الحضورين يختلف كلياً عن الآخر، فكما لم نشهد في الدراما السورية حتى الآن فناناً مصرياً يتكلم بـ«الشامي»، لم تقدم الدراما المصرية فناناً يتكلم بغير اللهجة المصرية، وفي وقت كان حضور الفنان المصري في الدراما السورية يقتضيه الشرط الدرامي للمسلسل أولاً والبناء الدرامي لشخصياته، كانت جماهيرية النجم السوري المقتضى الأول لاستضافته في الأعمال المصرية، هكذا كانت الحال على الأقل مع النجمين جمال سليمان وسلاف فواخرجي، اللذين دخلا بوابة مصر المحروسة بعد أن تربعا على عرش النجومية في الدراما السورية لسنوات، وتالياً مع النجم أيمن زيدان وباسم ياخور وسوزان نجم الدين وآخرين.
مع ظهور أعمال درامية مشتركة تُسقط عنها صفة ارتباطها بدراما بلد بعينه، وتقدّم نفسها بوصفها دراما عربية خالصة، سواء على صعيد الموضوع أو الفنانين والفنيين المشاركين كما كانت الحال في مسلسلات «عرب لندن»، «هدوء نسبي»، «أسمهان»، صدق وعده»، «الاجتياح»... كان من المقدر أن ينتهي الفارق بين وجهي التعاون المشترك بين فناني البلدين، فتسقط الرؤى القطرية الضيقة وتتجاوز الحدود السياسية المصطنعة، معلنة اتفاق العرب على أمر واحد بعينه حتى لو كان مسلسلا تلفزيونيا، ولا نجافي الحقيقة عند القول إن مقدمات تلك الأعمال كانت تؤكد هذه الحقيقة إلى درجة أننا سبق وكتبنا في «السفير» عن قدرة الفنانين العرب على صنع ما عجز عنه السياسيون، إلا أن ثمة من يجهض تلك التجربة والآمال التي تبنى عليها، فيعيد تلك الأعمال إلى المربع الأول التي تمردت عليه، ضارباً عرض الحائط بالتنوع الفني والإنتاجي والفكري لتلك الأعمال، بنسبه إياها إلى بلد بعينه. على هذا النحو بتنا نسمع في الإعلام المصري عن «أسمهان» بصفته المسلسل «المصري»، وبالمثل كان هناك من يروج لمسلسلي «صدق وعده» و«هدوء نسبي» بأنهما مصريان أيضاً، وخرج علينا الإعلام الأردني بالحديث عن المسلسل الأردني «الاجتياح»... وتعود حالياً إحدى الفضائيات المصرية لتروج لمسلسل «صدق وعده» بإبراز النجــوم المــصريين في المسلســل مع العلم أن كثــيرا من النقاد تكلــموا عن الأداء الهزيــل لهؤلاء الفنانين بالفــصحى. في كل مرة، يفسد الإعلام وبعض ضعاف النفوس ما أصلحه الفنانون العرب، من دون أن ندرك معنى وجــدوى تصنيف تلك الأعمال في خانات قطرية ضيقة، لا سيما أن لا أسلوب الصناعة الدرامية ولا الموضوع ولا الفنانين ينتمون إلى بلد واحد بعينه.
للأسف، في ظل الواقع هذا، تبدو لزاماً الإشارة إلى أن التعاطي «الاحتكاري» انطبق على كل المسلسلات والأعمال العربية المشتركة كلها. وللحقيقة، تجدر الاشارة أيضــاً الى أن أياً من صنّاع الدراما الــسورية لم ينسب عملاً إلى السوريين وحدهم، وبقي الجميع في ســورية يتكلمــون عن دراما عربية خالــصة، بينــما سار كثيرون في نهج معاكــس كمن يريد اختطاف النجــاح إلى بلد واحد بعينه. هل نسمي ذلك قرصنة فنية من نوع آخر؟ في الغالب لا يمكن أن نجد اسماً لها غير ذلك.