2012/07/04
وسام كنعان - الأخبار
منذ أن عرضت محطة mbc المسلسلَين التركيَّين المدبلجَين «سنوات الضياع» ثمّ «نور»، تحوّل أبطال هذين العملَين إلى نجوم تفوّقوا في شعبيتهم وحضورهم على مشاهير العالم العربي. ومع نجاح التجربة التركية، قرّرت القناة السعودية تحويل هذه الأعمال المدبلجة إلى ما يشبه التقليد في برمجتها. وهي بذلك تحقّق أكثر من هدف دفعة واحدة، أبرزها استثمار نجاح اللهجة السورية بعدما اعتادها المشاهد بسبب انتشار الدراما السورية من دون أن تكون مضطرة إلى إنتاج مسلسلات سورية. هكذا، اعتمدت المحطة الخليجية على «شركة سامة» (أديب خير) لتنفيذ الأعمال المدبلجة الطويلة وعرضها تباعاً حتى احتلت هذه المسلسلات مكانها على شاشات العرض، حتى في رمضان. وما لبثت أن انتقلت هذه العدوى إلى المحطات العربية. وبعد سنوات من عرض الأعمال التركية، قرّرت شبكة mbc التفرد بمشروع جديد، فعرضت مسلسلاً فنزويلياً شهيراً بنسخة عربية، حمل عنوان «مطلوب رجال» في تسعين حلقة. وقد نفّذ إنتاج العمل المخرج السوري حاتم علي، وأخرجه كل من سامر البرقاوي وسامي الجنادي. وحاول هذان الأخيران إعادة بناء مجريات السيناريو بطريقة تقرّبه من المشاهدين العرب.
لكنّ العمل جاء سطحياً وطويلاً. ويبدو أن المحطة تسير في الاتجاه نفسه هذا العام أيضاً؛ إذ كلّفت «شركة سامة» إنتاج مسلسل «روبي» الذي كتبته اللبنانية كلوديا مارشيليان ويخرجه الممثل والمخرج السوري رامي حنا، فيما يقوم ببطولته كل من السوري مكسيم خليل واللبنانية سيرين عبد النور والمصري أمير كرارة («الأخبار» 5 كانون الأول/ ديسمبر 2011). يمتدّ العمل على تسعين حلقة ويناقش قضايا بسيطة تعتمد على قصص الحب والخيانة وتفاصيل تتماهى مع المسلسلات التركية وتستقي منها جزءاً مهماً من أحداثها وطريقة تصويرها واختيار مواقع التصوير.
وفي السياق نفسه، يرى بعض المراقبين أن السوق الخليجية تسعى إلى التحكّم بشكل العمل التلفزيوني، على اعتبار أن الخليج يملك أكبر محطات عرض وشركات إنتاج فنية. ومن المتوقّع أن تنفذ هذه الأعمال الجديدة في لبنان لتحمل قدراً أقل من الهموم الحياتية، وتنأى بنفسها عمّا يجري من أحداث سياسية عاصفة في المنطقة عموماً، وتهمّش القضايا الأساسية للعرب. وبذلك، يتغير نمط المسلسل التلفزيوني وتعمّم المسلسلات الطويلة.
من جانب آخر، بات شبه مؤكد أن هناك خطة عمل لدى القناة السعودية للاستمرار في شراء حقوق عدد كبير من النصوص التلفزيونية الطويلة من أميركا اللاتينية، والعمل على تعريبها وتصويرها، مستفيدةً من الخبرات السورية، لتكون جاهزة للعرض على شاشاتها، فضلاً عن السعي إلى تأسيس ورشات سيناريو تكتب أعمالاً طويلة بعضها يستمد مادته الرئيسية من التاريخ، وبعضها يسير على خطى الدراما التركية...
ورغم هذا التوجه، يفصح بعض نجوم الدراما السورية عن إمكان إعادة العمق للمسلسل التلفزيوني السوري على اعتبار أن خيار المسلسلات المعربة الطويلة والتركية المدبلجة لن يدوم طويلاً. على سبيل المثال، تسعى الدراما المصرية المستقلة بقرارها بسبب العدد الكبير من المحطات الفضائية، إلى إنجاز مسلسلات تحكي عن الثورة وهموم المجتمع المصري في المراحل الأخيرة وأثناء حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك...
إذاً، يتفق صناع الدراما السورية على أنّ الحل يكمن في إيجاد سوق عرض خاصة لهذه الصناعة لتقديم ما تريده من أفكار، ووضع حدّ للرغبة الخليجية بتسطيح المسلسل التلفزيوني وتحويله مادةً استهلاكية بحتة عاجزة عن معايشة الواقع العربي بكل معطياته.