2012/07/04
شكري الريان
العنوان أعلاه يوحي بأني ضد مهرجان السينما.. والحقيقة أنني معه قلبا وقالبا، ولكن كلما ذكر هذا المهرجان تحضرني حكاية الصلعاء التي تتباهى بشعر ابنة خالتها.... والصلع للحقيقة ليس عيبا، تداركا لتأثير الزمان في رأسي حيث بات ظهور شعرة كائنا ما كان لونها أدعى للاحتفال.. ولكن هذا الزمان اللـ... يؤثر في كل شيء إلا في صناعة السينما عندنا. والسبب حتى لا نظلم الزمان، هو أن الحضيض الذي وصلته صناعة سينمانا بات قاع لا يمكن النزول إلى ما تحته بعد.. ولأننا نرجوا ارتفاعا لا نزولا، فإننا نبقي الأمل عسى أن تحصل المعجزة وتبدأ عجلة الإنتاج السينمائي في بلادنا بالعودة إلى الدوران.. ولكن قطعا وبدون مواربة أو تهجم أو مجاملة لأحد، فإن هذه العجلة يمكن أن تدور في أي مكان، وبمساعدة أية جهة، إلا المؤسسة العامة للسينما، فتلك الأخيرة عندها من المهام الجسام ما يجعلها لا تنظر إلى سفاسف الأمور، ومنها صناعة السينما في بلاد اسمها سوريا.. في المؤتمر الصحفي الأخير الذي عقده السيد محمد الأحمد مدير المؤسسة العامة للسينما حول فعاليات المهرجان الذي سيقلع خلال الأيام القادمة، تناول كل شيء، بدءا من حاجته إلى استاد رياضي ضخم لاستقبال جمهور الافتتاح، مرورا بإنجازات المؤسسة ومهرجانها، وصولا إلى الضيوف ومنهم نجوم يحضرون بدون أجر، فقط لسمعة المهرجان.. ولا نريد أن ننكر على السيد المدير العام (إنجازاته).. ولكنه بدوره قدم إنجازا خارقا للمألوف، وغير مفهوم مطلقا، عندما رفض جملة وتفصيلا الحل الوحيد الذي يتداول اليوم في شأن صناعة السينما في بلادنا، والمقصود شراكة القطاعين العام والخاص في إنتاج الأفلام السينمائية.. مبررا الرفض بأن الفيلم الذي ينتج من جهتين يحمل هويتين ويصل إلى نتائج غير محسوبة!!!!.. من يريد أن يجد حلا لمشكلة.. وصناعة السينما عندنا مشكلة حقيقية لا يمكن إنكار وجودها إلا عبر إنكار أن الشمس تشرق من الشرق.. من يريد أن يجد حلا، يفكر ويبتكر ويجد بدائل ولا يكتفي بالرفض فورا وعلى طريقة المدراء العامين دائما.. الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون قدمت مثالا، عن عمد أو بالصدفة، هذه ليست مشكلتنا الآن.. ولكنها نجحت في تكريس حالة باتت اليوم أحد أهم وجوه سوريا في العالم العربي.. وذلك عبر القيام بصناعة الدراما ورفد القطاع الخاص بكوادر وفنيين وبنية تحتية، ما كان للقطاع الخاص في سوريا أن يقوم له قائمة لولاها.. وليعذرنا السيد المدير العام، فالدراما السورية هي من تقدم وجها مشرفا لبلادنا، لا مهرجاناته... فقط.. ولكن السيد المدير العام يصر على أن المهرجان هو الإجابة الشافية على كل الأسئلة ودليله على ذلك أنهم، أي المؤسسة العامة للسينما، باتوا ملزمين بإنتاج ثلاثة أفلام روائية سنويا من أجل المهرجان.. بل إنه يمط "أفق" استشهاداته ويصل إلى بر مصر دفعة واحدة، قائلا بأن مهرجان القاهرة لا يشارك فيه أي فيلم مصري لهذا العام.. وكأن مصر تعاني أيضا من مشكلة في صناعة السينما!!!.. بل إنه وصل إلى استنتاج يفوق كل ما سبق قائلا بأن الدول تصنع مهرجاناتها أولا لتتمكن من صناعة سينما حقيقية.. واستشهد بمهرجانات قرطاج وأبو ظبي ودبي والدوحة.. وشخصيا كنت أوده أن يضيف مهرجانا يمكن أن يعقد يوما ما في الصومال.. ولم لا.. وعلينا أن نصبر ونصابر ونثبت على ما يراه السيد المدير العام لنرى سينما "حقيقية" في تلك الدول المذكورة بما فيها الصومال.. خصوصا وأنني أذكر أنني حضرت ختام مهرجان 1981 في سينما السفراء في دمشق وفاز وقتها "بقايا صور"، وكان عندنا وقتها أيضا، سينما.. الآن ماذا يوجد عندنا؟!!.. هل اكتشف أحد ما أننا وضعنا العربة قبل الحصان، صناعة سينما في بلاد باشرت للتو في مهرجانها السينمائي؟!!.. يا للهول!!. فقرر عكس الآية ولكنه في الطريق أضاع كلاهما، العربة والحصان معا!!!!.. وبالعودة إلى صلعة صناعتنا نقول أن السيد محمد الأحمد ربما لم يشعر بخطورة المشكلة وحجمها الحقيقي وهو الغزير الشعر (نمسك الخشب).. ولكني وأنا الأصلع أقيم احتفالا لاحتمال شعرة واحدة.. وثلاث شعرات في صلعة سينمانا تستحق مهرجانا!!!!..