2012/07/04
عباده تقلا
مع كل موسم رمضاني جديد، تطرح الدراما السورية على جمهورها العزيز أوراق اعتمادها، فبعد أن تكرمت عليه و قررت إخراجه من مجاهل ما سمي يوماً بالفانتازيا التاريخية، قررت أن تمنحه دروساً في ثقافة الحارات وخلافات الضراير وعلم الدايات ومكائد المشعوذين والمشعوذات، وخبايا العشوائيات، دون أن تنسى أن تضيف إلى ذائقته ملاحم تاريخية وبدوية تهدف إلى ترميم ما قد يغيب عن ذهن المسلسل الحاراتي أن يزرعه فيه و فينا!
أما السير الذاتية فتشهد هي الأخرى هجمة شرسة، جاعلة من كل شخصية مشهورة راحلة مادة لمسلسل قادم ، مكررة أخطاءها الدائمة في منح الشخصية لممثلين أبعد ما يكونوا عن أداء تلك الشخصية.
عرابو هذه الدراما يرون فيها حلاً سحرياً، ومغيثاً لدراما تعاني خطر الإفلاس، مما يرشحها لتحظى بمساحات أكثر رحابة في المواسم الرمضانية القادمة.
دون أن ننسى الثرثرات الإذاعية التي يتذرع صناع الدراما بضرورتها خدمة لربات البيوت وتسهيلاً عليهن عند تواجدهن في المطبخ بقصد إعداد وجبات رمضان وموائده العامرة.
كان ذلك التصريح المشجع كافياً ليعيد إلى ذاكرتي أسماء وتفاصيل أعمال قدمها مخرجون غارقون الآن في وحول الدراما الثلاثينية وغبارها، أعمال هي عبارة عن أفلام تلفزيونية بقيت بعد كل تلك السنوات عصية على النسيان، مشكلة مادة خصبة للحديث وملهمة للكثير من الرؤى.
- أقف مع المخضرم هيثم حقي متذكراً أفلامه التلفزيونية التي قدمها قبل أكثر من خمس عشرة سنة ضمن مسلسله الجميل صور اجتماعية، ويستبد بي شجن من نوع خاص لذلك العمل المشبع بالحنين والذي كتبه وأخرجه ضمن مسلسل موزاييك، وعنونه بـ: واختلطت الأصوات.
- وأيمم وجهي شطر المخرج باسل الخطيب لأستعيد تجارب البدايات المتمثلة في أفلام تلفزيونية خاصة من مثل "جليلة" مع سمر سامي بحضورها الطاغي، وفيلم" الأسوار" الذي نجح وينجح حتى اللحظة في إثارة السؤال في دواخل الكثيرين: من هو السجين فينا حقاً؟ من يقف وراء الأسوار أم خارجها؟
- دون أن أنسى ما أثاره فيلم الشرخ الذي قدمه فهد ميري في بدايات البدايات مع الفنان بسام كوسا من أحاديث عن لغة خاصة مميزة.
ولأن كثيراً من الثلاثيات لا تختلف في روحها ونبضها عن الفيلم التلفزيوني، أتذكر ثلاثية" اللعبة" التي قدمها حاتم علي في بداياته الإخراجية مع الممثلين جمال سليمان ويارا صبري.
وعلى ذكر الثلاثيات أقف عند تجربة تقديم عمل ثلاثيني يضم عشر ثلاثيات مختلفة وذلك قبل أعوام قليلة من قبل المخرج نجدت أنزور، وهي تجربة تمنينا أن يتم تعزيزها وتطويرها، معتقدين أنها من الممكن أن تشكل خطوة أولى في سبيل الخلاص من سطوة المسلسل الثلاثيني الجاثم على قلوبنا وأوقاتنا، ولكن يبدو أن الفكرة لم ترق للمنتجين المتعصبين لسحر المسلسل الرمضاني الثلاثيني، القادرين على إخضاع أي فكرة فيلم تلفزيوني لعمليات شد ومطمطة تحولها إلى مسلسل رمضاني، فنحوها جانباً ونحوا معها أحلامنا بدراما بديلة تخترق جحيم التكرار الذي أغرقونا في رماله!