2012/07/04
بشار إبراهيم – دار الحياة
على رغم أن الأخبار المتناثرة، هنا وهناك، من مشرق الوطن العربي ومغربه، تحاول الوشاية بمقولة إن العمل على تحقيق الموسم الدرامي الرمضاني السنوي ماضٍ على قدمٍ وساق، إلا أن الحقيقة الراسخة التي يمكن تلمّس بعض ملامحها الآن، والتي من المُنتظر أن نكتشفها عياناً عمّا قليل، تفيد بأن ثمة نوعاً من الهجرة الدرامية يجرى بكثير من الهدوء. كأنما هو انتقال مركز الفعل الدرامي العربي من مراكزه الكبرى، ومحطاته الأصلية، المعروفة تاريخياً، إلى مراكز جديدة، ومحطات ناشئة.
أبداً، ليس مبكراً الحديث عن الموسم الدرامي المقبل، فالمسافة الفاصلة حتى غرّة الشهر الكريم، بالكاد تكفي للانتهاء من تصوير مسلسل درامي، وفق المعايير المتعارف عليها في مجال صناعة الدراما العربية. وطالما أنه تحقّق منذ سنوات شكل من أشكال التنضيد الدرامي، الأمر الذي جعل من المُتاح قراءة خريطة توزيع الجهات الإنتاجية، وتوزيع نظيراتها من محطات التلفزة، المعنية بعرض تلك النتاجات، فإن ذاك التحقّق نفسه هو ما يجعل من العسير الوقوع على مفاجآت غير مُنتظرة، بخاصة أن عدداً من محطات التلفزة العربية ذاتها، بات شريكاً في العملية الإنتاجية، في شكل غير مباشر، عبر وكلاء تنفيذيين (منتج منفذ)، أو في شكل مباشر، عبر استطالات وأذرع متفرّعة عن تلك المحطات (شركات إنتاج).
قد تكون إحدى أبرز نتائج «ربيع الثورات العربية»، بعد انقضاء عام ويزيد على انطلاقته، وعدم مقدرته على الوصول إلى نتائج حاسمة راسخة في أيّ بلد، أنه دفع بقوة الواقع، وطبيعة الظروف الناشئة عنه، وعنوانها القلق، إلى حالة حراك موازية، تقوم على مبدأ إعادة تنضيد مراكز ومحطات العمل الدرامي العربي، هذا العمل الذي بدا أنه ضرورة، لا يفتّ من عضدها كل ما جرى، وسيجري.
هكذا شهدنا في الموسم الماضي، ما يمكن تسميته حالات نزوح دراميين عرب، من بلدانهم الواقفة على فوهة بركان قلق، إلى بلدان عربية أخرى، أقل قلقاً. ولكن في كل حال، بقي الأمر، حينها، عند حدود حالات فردية! أما في الموسم الدرامي الحالي، والذي نقف على بوابته، ففي الظنّ أن الأمور قد ذهبت، وستذهب، إلى مدًى أبعد من ذلك. ربما يصحّ أن نقول فيها إنها نوع من هجرة الدراما العربية، وانتقالها إلى مراكز جديدة، ستطفو على السطح خلال سنوات قليلة، وربما تترسّخ.
ليس الأمر جــديداً كله، فثـــمة تجارب سابقة تكاد تشبه ما نراه راهناً. يســـتطيع المتابعون استذكار الانتقالات التي أجريت خلال سبعينات القرن العشرين وثمانيـــناته، وبفعل تحولات سياسية عاصــفة، من دمشق والقاهرة إلى بيروت، قبل الانتـــقال إلى استوديوات عجمان وأبو ظبي وبغداد وعمّان والرياض والكويت، قــبل أن تعود للانتقال، مرة أخرى، إلى دمشق والــقاهرة، في عـــودة بدت نهائية، قبل أن تدحضها مجريات العامين المنصرم والحالي، فيخفت ضجيج الدراما في دمشق، على رغم كل المحاولات التي تـــحاول إثبات أن «كل شيء على ما يرام»، وتجهد القاهرة للحفاظ على مكانتها الدراميـة، واستعادة ألقها، وقد باتت دبي وأبو ظبي، المقصد والسبيل.