2012/07/04
أحمد خليل - البعث ارتبط الفنان هاني الروماني (1939- 2010) في أذهان الناس على مدى أربعين عاما من الفن بأدوار الشر أو الأدوار السلبية فقد ساعد شكل الفنان الروماني (الفيزيك) وصوته وتعابيره في تجسيد أدوار كثيرة مؤثرة دراميا وبعضها قد يكون محركا للأحداث فهو أبو طراقة الذي يسرق كنوز ابن العلقم ويتآمر على قبيلة ابن الوهاج في مسلسل (الجوارح) حيث يتحدى (ابن الوهاج) فهو على قناعة بأن سر قوة أبناء ابن الوهاج تكمن في القبيلة وليس في الأبناء ذاتهم ولكي يؤكد رأيه يطلب من ابن الوهاج اختبار قوة و قدرة أبنائه من خلال العيش خارج القبيلة ....، وهو الحاخام العنصري في مسلسل عز الدين القسام والشيخ هديبان الضرير والبخيل واللئيم في مسلسل هجرة القلوب إلى القلوب، وهو أبو شعبان المشعوذ المقعد والساحر في ليل ورجال والدور الوحيد الايجابي بالمعنى الدرامي ربما الذي جسده هو دور أسعد الوراق الرجل الطيب الساذج المحب الفقير وبنفس الوقت الصلب من الداخل والوطني والذي يفاجأ الناس بصلابته وهم الذين كانوا يعتقدون أنه مجنون وأهبل...هذه السباعية التي بثها التلفزيون السوري عام 1975 والمأخوذة عن مجموعة قصص للكاتب صدقي إسماعيل (الله والفقر) تحولت إلى مسلسل بثلاثين حلقة يتم تصويره حاليا بريف دمشق لكن الموت لم يمهل أسعد الوراق الحقيقي (هاني الروماني) ليرى أسعد الوراق بالألوان في نسخة رشا شربتجي الجديدة وبطلها الجديد تيم حسن بدل (الروماني) وبطلتها أمل عرفة بدل (منى واصف) ورغم إخراج الروماني لعدد من المسلسلات والأعمال التلفزيونية إلا أنه اشتهر كمخرج لمسلسل حمام القيشاني بأجزائه الخمسة والذي يستعرض تاريخ سورية من أربعينيات القرن الماضي وحتى عام 1963 أراد المخرج الروماني والكاتب دياب عيد من حمام القيشاني محاكاة المسلسل المصري الشهير (ليالي الحلمية ) للكاتب أسامة أنور عكاشة والمخرج إسماعيل عبد الحافظ من خلال التعرض لحركة المجتمع وأحزابه ومثقفيه وسياسييه خلال حوالي ثلاثين عاما من عمر سورية الحديث ... هاني الروماني في حمام القيشاني لم يخرج من الاستديو ولم يتجاوز الطريقة التقليدية في التصوير حيث استخدم الكاميرات الثلاث والتقطيع بينهما ودافع عن أسلوبه هذا بأنه حتى في هوليود لم يتم الاستغناء عن الاستديو وفيه يمكن خلق ظروف مثالية للتصوير رغم أن المسلسل (حمام القيشاني) صور بعد أن حسمت المعركة الفنية لصالح الكاميرا المحمولة والأماكن الواقعية وهذا الأمر كان موضع خلاف فني بين المخرج الراحل الروماني والمخرج هيثم حقي الذي كان من أوائل المخرجين الذين نظروا للكاميرا المحمولة الواحدة والأماكن الطبيعية وترك الاستديو وأكد الروماني مرارا على مصداقية أحداث مسلسله (حمام القيشاني) وحقيقية شخصياته: (في كل أجزاء المسلسل أسماء الشخصيات ظهرت حقيقية حسب ضرورة إظهارها على الشاشة كالشخصيات التاريخية، وعندما كان هناك ضرورة درامية لإظهار هذه الشخصيات على الشاشة أظهرناها، وإذا لم يكن هناك ضرورة درامية والأحداث لا تمس الشخصيات مباشرة فنتحدث عن هذه الشخصيات غيابيا...). لقد أنصفنا النقاد والباحثين والمؤرخين في الأجزاء الأربعة السابقة فإننا في هذا الجزء أيضا (الخامس) لم نتجن على التاريخ إطلاقا، وكل شيء حدث قلناه، كما هو وأننا نتأكد من مصداقية كل حدث من خلال تقاطعه مع عدة جهات ومن عدة وجهات نظر، حتى نثبت أن هذا الحدث حصل فعلا). وفي حمام القيشاني حاول الروماني التأكيد أن لا موقف مسبق له من أي اتجاه سياسي أو أي من الشخصيات التاريخية (ليس لدينا أي موقف مسبق من احد، فنحن نقدم الأحداث كما هي ونترك الحكم للجمهور).