2012/07/04
مرهف مينو - القدس العربي
احترت فعلا كيف أعنون المقالة. تبادرت إلى ذهني عدة احتمالات كانت تصطدم كلها بتلك الـدال الكبيرة التي تسبق دائما اسم (د. هالة دياب) أو هالة دياب 'حاف 'كما يحلو لمجتمع المنتديات والفيسبوك تسميتها
قررت أن أستعير- كما استعارت هي- عنوان المادة من فيلم عربي لم أعد أذكر إلا عنوانه (امسك حرامي).
مسلسل السرقات و'اللطش' والسطو الحلال، كما يحلو للبعض تسميته، امتد حتى طال نصوص الدراما السورية، فالبعض يقرأ ويفكر ويحلل ويكتب والبعض
يستورد الأفكار الجاهزة المعلبة أو يستخدم تقنية 'القص واللصق' التي بدت سائدة، متناسيا أن الأرض قرية صغيرة وأننا نتاج ثقافة شمولية لا تقف أمامها
ترجمة أو اختلاف لغة
هالة دياب - التي ربما استغلت جهل البعض، أو ظنت بأن معظم مثقفي سورية يشبهون شخصياتها الكرتونية المريضة المتقوقعة كـ(توفيق) في 'ما ملكت
أيمانكم'... مثقفين جلّ اطلاعهم لا يتعدى الصحف الرسمية أو ما ينتجه التلفزيون السوري من برامج سينما أو ثقافة - نست أو تناست وهي في مقعدها
اللندني على قهوة الرصيف، حيث وقعت فيه عقد المسلسل هي والأنزور، الذي اعترف على شاشة إحدى الفضائيات بأن الحلقات كانت تصله تباعا عن
طريق البريد أو البريد الالكتروني أثناء تصوير المسلسل
حاولت دياب الضحك على ذقوننا، مثلما تناست قيم المجتمع السوري وكم ونوعية مثقفيه من كتاب وصحافيين ومفكرين وباحثين ونقاد، فأظهرت كل
شخصيات المسلسل تقريبا منحرفين جنسيا أو مرضى نفسيين. الطريف في الأمر أنك عندما تستعيد أو تستذكر الشخصيات لا تستطيع أن تتذكر إلا
شخصا أو اثنين لا تتملكهم العقد أو يحكمهم الشذوذ
مقدمة كان لابد منها لكشف فداحة ما اقترفت هالة دياب من لطش وسرقة. سرقة تزامنت مع تصريحات نارية تكلمت فيها عن المسكوت عنه والخطوط
الحمراء. بروباغندا استخدمتها لتسويق عملها، وشغلنا بإشكاليات العمل عن الفضيحة
( السكرتيرة) secretary فيلم من إنتاج أمريكي 2003 حائز 5 جوائز منها غولدن غلوب في عدة مهرجانات عالمية , صُنّف حسب موقعه على الانترنت www.secretarythemovie.co.uk 'فيلما للكبار 'للمخرج ستيفن شينبرغ (Steven Shainberg). يروي الفيلم قصة سكرتيرة خرجت من عائلة مفككة تتمتع
بإيذاء نفسها وتعذيبها من خلال إيذاء جسدها باستخدام آلة حادة؟ وهي انعكاس لشخصية ليلى ابنه الحاج صالح وأخت توفيق الوحيدة التي يمارس عليها
سلطاته الدينية
استخدمت الكاتبة عملية نقل حرفية لكامل الحوار والتصرفات الدرامية للمحامي جهاد سعد، الذي فاجأ الجميع بظهوره في الحلقات الأخيرة بدون مسوغ
درامي أو سبب مقنع . قص كامل لمشهد المقابلة الأولية لنادين (رانية أحمد ) في المكتب وطريقة الكلام والحوار وحتى المشاهد (مشهد الرد على
الهاتف، انتقاد لباس نادين، ذهابها إلى بيت المحامي بعد دخول أبيها المشفى، حرق المحامي لأوراقها، إعطاء نادين مغلف توصية منه
ويستمر القص واللصق من الفيلم لسيناريو المسلسل ليصل لأدق التفاصيل التي تناولها الفيلم الأمريكي 'علاقة نادين الجديدة مع خطيبها' التي كُرّس لها
الفيلم الأمريكي بمنطقية أكثر ونقلتها دياب بسطحية ومواربة
المحظور الجنسي والأمني وكشف المستور، كما وصفته هالة دياب للصحف، وظهرت وكأنها جان دارك الشرق، لم يستطع مقاربة أبسط ما تعانيه
مجتمعاتنا من كبت وجهل وتخلف، فحوار الشيخ المعتدل (عمار) على الانترنت ومناقشة إشكاليات الجهاد جاءت بائسة هزيلة طويلة ومملة. معظم ما جاء
فيها من فكر منقول حرفياً من مواقع إسلامية معتدلة لم تكلف الكاتبة نفسها عناء تعديله أو حتى التعبير عن رأيها الخاص ضمن السياق
لم توفر الكاتبة جهدا أو فكرا طرحه فيلم secretary إلا وظفته كالإشارة لميول (الآنسة هاجر) تجاه طالبة العلم في الحلقة؟ حيث أشار لها الفيلم الأمريكي عدة مرات
(عليا) ومحادثاتها على المسنجر واكتشافها المتأخر، الذي صدمنا كلنا، بأن من كان يحادثها على المسنجر شخص من 'ذوي الاحتياجات الخاصة 'وهذا
بدوره مأخوذ من النسخة الأمريكية. بالإضافة لعدة نقاط سلبية نذكرها بسرعة، غياب (رنا أبيض) غير المبرر في الثلث الأخير - ظهور نجوم سوريين بدون مبرر
حتى أنهم لم ينطقوا بكلمة ـ مشاهد باريس التي أظهرت زوج ليلى وحيدا يتمشى في شوارع باريس بدون أي مشهد يجمع الشيخ نجيب مع زوجته
الافتراضية إلا مشهد يتيم في مقهى ـ نسيم بيك وتعلقه الغريب بعليا وغرامه وملله السريع منهما ـ غياب سعد مينة بعد اكتشاف علاقته مع ليلى ـ
والإشارة المستمرة إلى فساد المجتمع المخملي كله، والكثير مما تعجز الذاكرة عنه
تساؤلات مشروعة أطلقها في وجه هالة دياب ... هل هو توارد خواطر بين كاتبة الفيلم الأمريكي المنتج عام 2006 أم هو نسخة منه معربة وممنتجة
لتناسب الواقع السوري؟
هل نحن صغار لدرجة أن لا تفكر الدياب ولو للحظة بموقفها أمام منتقديها عند اكتشاف الخدعة؟ أم أنها تعتبرنا كما سبق وقلت نسخة معدلة من (توفيق)
في جمهورية القص واللصق الخاصة بها