2012/07/04
ماهر منصور - السفير
ثمة خيط رفيع يربط بين كثير من الشخصيات التي يؤديها الفنان نضال سيجري، وهو أنها جميعها تعج بالأفعال والتعابير الشكلية أكثر من كونها تجسد حواراً أمام الكاميرا. الأمر الذي يمكن أن يلتقطه المشاهد بسهولة. فملامح «أسعد» في مسلسل «ضيعة ضايعة» للمخرج الليث حجو، وحركاته وترهل ملابسه وتعابير وجهه، كانت تكشف الكثير من شخصيته، فيما كانت التفاصيل الشكلية لشخصية «نعمان» التي حل نضال سيجري عبرها ضيفاً في مسلسل «الخربة»، وابتسامته ولباسه الأبيض ورقصة زوربا التي أجادها، كلها ترسم بلا حوار ملامح لرجل يحب الحياة، ويستلهم من «زوربا» ذلك الحب، ويرقص على إيقاعه رقصة زوربا. فالحياة كما عرفها نعمان، هي تلك التي تنطوي على غواية العيش واللعب والرقص والحب. لذلك لم يكن غريباً أن يكون صاحب الطيف الخفيف الأبيض.. لصاً ظريفاً.
على نحو مشابه، نحن على موعد مع نضال سيجري في الموسم الدرامي 2012، بدور ينطوي على كم كبير من المشاعر، حيث من المنتظر أن يجسد شخصية فنان تشكيلي يدعى «كمال» في مسلسل «بنات العيلة» للمخرجة رشا شربتجي.
كمال، بحسب الفنان سيجري، هو شخص رومانسي، يفقد صوته أثناء عملية جراحية، ويعاني من جحود زوجته الأجنبية التي تهجره وتعود إلى بلادها. لكنه سرعان ما يلتقي بالصبية «هبة» لتنسج لهما الأيام حكاية بسيطة، تتقد فيها مشاعر الإعجاب والاشتياق والحنين، مشاعر تأخذ أصحابها نحو حميمية من نوع خاص، قبل أن يضع كمال حداً لها عبر انسحابه من حياة هبة، احتراماً لوضعها الاجتماعي، فهي سيدة متزوجة ولديها ولد.
إلا أن حضور كمال على هذا النحو الحالم في حياة هبة، وغيابه عنها بالطريقة ذاته، يحركان في قلب الصبية بركانا راكدا من العواطف والمشاعر، فتتمرد معها على واقعها، وتطلب الطلاق من زوجها رغم ابتعاد كمال، فالقصة بالنسبة لها صارت قصة حياة ووجود إنساني.
البناء الدرامي لشخصية كمال، وطبيعة مهنته، وسير شخصيته المليء بالمشاعر وتحولاتها، تفرض شكلاً من الأداء، يمكن توصيفه بـ«أداء التفاصيل» إن صح التعبير، وهو التوصيف الأدق لأداء نضال سيجري التمثيلي، حيث يتراجع الحوار لصالح التفاصيل الشكلية والنفسية والحوارات الصامتة التي تديرها العيون. الأمر الذي يرجح أن نكون أمام شخصية تمثيلية تنطوي على كثير من الغواية، هي نقطة تحدي نضال سيجري الأساسية في العمل، ورهاننا عليه في إيصالها لنا، تساعده في ذلك رؤية رشا شربتجي الإخراجية التي يبدو نضال مطمئناً إليها، فيبدي لـ«السفير» إعجابه بقدرة شربتجي على «تحويل الورق إلى حياة، وتحويل أشخاص من حبر على ورق إلى شخصيات من لحم ودم»، متوقعاً أن يحقق «بنات العيلة» نتيجة تنطوي على قيمة فنيه عالية».