2013/05/29
خلدون عليا – تشرين
يشكل الموسم الدرامي الرمضاني ساحة حقيقية للمنافسة بين مختلف الفنانات والفنانين السوريين لتقديم الأفضل وإثبات علو الكعب على الشاشة الفضية من خلال الأدوار التي يقدمونها عبر الأعمال الدرامية التي يشاركون فيها
وبالطبع فإن مدى أهمية حضور الفنان في هذا الموسم أو ذاك تتوقف على نوعية وطبيعة الشخصية أو الشخصيات التي يؤديها في هذا العمل أو ذاك إذا كان مشاركاً في أكثر من عمل ويتوقف أيضاًً على مدى قدرة الممثل على إقناع الجمهور والنقاد و الصحفيين بالشخصية التي يؤديها وإتقانه لملكاتها والتركيز على أهم مفرداتها وتفاصيلها وذلك من خلال قراءتها قراءة صحيحة ودقيقة على الورق والعمل مع نفسه ومع المخرج على وضع هذه الشخصية على مسارها الصحيح في العمل الدرامي وإضافة تفاصيل جديدة ونوعية من الحضور الخاص للممثل الذي يؤدي هذه الشخصية .
وبقراءة عامة لمجمل الشخصيات الرجالية على شاشات العرض الرمضاني نجد أن عدداً من النجوم السوريين بدؤوا يحققون حضوراً خاصاً ومميزاً ويتركون انطباعاً جيداً بل احياناً ممتازاً لدى الجمهور و النقاد والصحفيين ولعل من ابرز الأعمال حالياً على الشاشات هو الجزء الثاني من مسلسل «الولادة من الخاصرة» والمسمى باسم «ساعات الجمر» للكاتب والسيناريست سامر رضوان و المخرجة رشا شربتجي، حيث يستحوذ هذا العمل على نسب متابعة واهتمام كبيرين ومن أبرز الوجوه التي قدمت إضافة للعمل في جزئه الثاني الفنان السوري باسم ياخور الذي استحوذ على إعجاب كبير جداً من خلال إتقانه لأداء شخصية «أبو نبال» هذه الشخصية المعقدة في تركيبتها النفسية و الاجتماعية والإجرامية ومستوى الغرور والنرجسية التي تعيشها وبالفعل فإن ياخور استطاع أن يقدم هذه الشخصية بأدق تفاصيلها وبروح ولمسة خاصة منه ما جعله عنصراً جاذباً ومهماً للعمل، وما يمكننا قوله ان النجم السوري صاحب الأدوار التي تترك دوماً انطباعات خاصة لدى الجمهور تفوق على أقرانه في العمل وبصراحة فإنه يمكننا ان نعد ان ياخور قد وقف إلى جانب عابد فهد الذي استحوذ على البطولة الرجالية في الجزء الأول مناصفةً مع النجمة السورية سلاف فواخرجي التي استحوذت على البطولة النسائية في العمل وقدمت أداءً لافتاً، وهذا العمل أيضاً ورغم التفوق الكبير الذي حققه ياخور فإن الحضور الكبير للنجمين عابد فهد وقصي خولي لا يزال مميزاً مع إتقان أكبر للتفاصيل والخطوط الجديدة التي تسير بها الشخصيات، واللافت في النجم السوري عابد فهد هو العمل المستمر والدؤوب على الجوانب النفسية لشخصية «رؤوف» وهي جوانب مهمة جداً وخصوصاً ان الحالة النفسية لهذه الشخصية تعد عنصراً مهماً جداً في تركيبتها والطريقة التي يجب ان تظهر بها ، أما النجم باسم ياخور فلا يتوقف حضوره المقنع والكبير عند «ساعات الجمر» بل يتعداه إلى مسلسل «المفتاح» للروائي والكاتب خالد خليفة والمخرج هشام شربتجي حيث يقدم شخصية «مسعود» معقب المعاملات والذي يعرف كيف يستفيد من أخطاء وخبايا وروح القانون ليحقق مايريد وينتقل من حياة الفقر المدقع إلى حياة الغنى والجاه والمال وعلى الرغم من أن العمل لم ينل حقه في المتابعة الجماهيرية الكافية بسبب موعد عرضه غير المناسب للجميع وعلى قناة واحدة هي الفضائية السورية وتوقيت العرض كما علمنا من مصادرها الخاصة مرتبط بتقرير الرقابة الذي يؤكد على عدم عرضه في وقت الذروة بسبب جرأته الزائدة ، وبالعودة إلى شخصية مسعود فإن إتقان ياخور للشخصية وخصوصاً ان العمل من فكرته جعل من هذه الشخصية مطواعة بين يديه واستطاع تقديمها بحرفية ومهنية عاليتين ليضيف إلى رصيده في الموسم الحالي إبداعاً جديداً، اما قصي خولي فيحقق حضوراً جيداً آخر من خلال مسلسل «أرواح عارية» عبر شخصية «صلاح» الذي يمتلك فلسفته المختلفة في الحياة، أكسبته مهنته التي يعمل فيها الكثير من الخبرات رغم أنها مهنة عادية، ويدخل الحب حياته من باب المصادفة ليعيش قصة عاطفية غريبة ومميزة، ورغم الأداء المقنع والجميل لخولي فإنه على ما يبدو مازال متأثراً بشخصية «يعرب» التي أداها في مسلسل « تخت شرقي» للمخرجة رشا شربتجي حيث يتشابه أداء خولي في الشخصيتين رغم تباعدهما فنياً وفكرياً والتشابه يبدو ملاحظاً من خلال ردات الفعل والتعاطي مع مفردات الشخصية شكلياً وفنياً وانفعالياً ومع ذلك يبقى اداء خولي جيداً ومنافساً بشكل عام رغم الملاحظات التي أبديناها سابقاً وعلى ما يبدو فإن رغبة خولي في انجاز أعماله في سورية بسرعة والسفر إلى الولايات المتحدة ربما أثرت في مردوده الفني والدرامي.
ولن يغيب النجم السوري غسان مسعود عن ساحة المنافسة هذا الموسم حيث يحقق أداء لافتاً من خلال شخصية «محمد الحلبي» البطل الشعبي وهي المرة الأولى التي يتم من خلالها تجسيد شخصية بطل شعبي في مسلسل بصورة واقعية بعيدة عن المبالغة ، ومن الواضح ان مسعود وكعادته يقدم نفسه نجماً كبيراً بعيداً عن التعقيدات وبحس عال ممزوج بواقعية حقيقية ، إضافة إلى حضور ذي طبيعة خاصة ومنفردة من خلال شخصية الصحابي الجليل «ابو بكر الصديق» في مسلسل «عمر» للمخرج حاتم علي وبالطبع لهذه الشخصية رونق ومميزات خاصة وخصوصاً أنها المرة الأولى التي تظهر فيها شخصيات الصحابة على الشاشة كصوت وصورة، وأداء مسعود في هذا العمل وقدرته على تحمل مسؤولية تاريخية بهذا الحجم وتقديم أداء متميز جداً جداً جعلاه أحد أبرز المنافسين على الساحة الدرامية في الموسم الحالي .
وكعادته سيكون النجم السوري عباس النوري منافساً قوياً في كل موسم رمضاني ولكن وعلى خلاف العادة سيكون النوري حاضرا بعمل بيئة شامية فقط بينما يغيب عن الدراما الاجتماعية وبالطبع مرد ذلك إلى حجم الإنتاج الدرامي السوري هذا العام ، و«النوري» من خلال «الأميمي» للكاتب سليمان عبد العزيز والمخرج تامر اسحاق يقدم نفسه بشخصية جديدة في عالم «البيئة الشامية الحقيقية» ومن الواضح أن النوري يقدم تفاصيل جديدة في تجربته كممثل نجم حيث نراه الشخص الشرير والفقير نتيجة الظلم الذي يتعرض له واللافت أن تجربة النوري التي يؤديها باقتدار تترك انطباعات خاصة لدى الجمهور من خلال قدرته على التنوع في تفاصيل الشخصية ذاتها والغوص في عوالهما الداخلية وانعكاس ذلك على الطريقة التي يظهر بها شخصية «سلامة الأميمي» التي اكتفى بها النوري هذا الموسم.
وسيكون مسلسل «عمر» سبباً في ألق وظهور نجم جديد هو «سامر اسماعيل» الذي يقدم شخصية الخليفة الفاروق «عمر بن الخطاب» وفي الحقيقة فإن الممثل الشاب استطاع أن يفرض نفسه رقماً صعباً في عالم الدراما من خلال قدرته على التعاطي النفسي والفكري والفني مع شخصية «عمر» رضي الله عنه وخصوصاً انها تجربة أولى وخوضها يحتاج إلى الكثير من القدرات والثبات والثقة بالنفس وهو ما استطاع اسماعيل تحقيقه إلى حد كبير.
إذاً، هؤلاء يخوضون معركة فنية للمنافسة على لقب الأفضل وربما تكشف الحلقات القليلة المتبقية من الأعمال المعروضة حالياً أسماء جديدة لنجوم كبار لم تسعفهم ربما الفرص ولا الحظ وربما الأزمة التي تعيشها البلاد وانعكاسها على الدراما أن يظهروا بالشكل الذي يطمحون إليه ورغم غياب عدد من النجوم وربما ضيق ساحة المنافسة فإن ذلك لا يعني ان النجوم المتفوقين في الموسم الحالي والذين ذكرنا أسماءهم لم يقدموا أداءً لافتاً بل على العكس كانوا مبدعين وخلاقين ومتميزين بأدائهم لشخصياتهم و استحقوا على ذلك كل التقدير والثناء.