2013/06/21
أحمد بوبس – الثورة
في خضم هذا الضياع الذي يلف الأغنية العربية، وافتقادها هويتها ورونقها، تطل علينا بين فينة وأخرى أصوات جميلة نابعة من أصالة غنائنا العربي وروعته.
ومن الأصوات التي شدّت اهتمامي مؤخراً صوت المطربة ميس حرب التي تنهل من تراثنا الغنائي الجميل وتعيد تقديمه بصوتها الجميل الحالم مصحوباً برومانسية تسمو بنا إلى حالة روحية جميلة.
وأول مرة استمعت فيها إلى ميس حرب كانت في حفلتها بمجمع دمر الثقافي. فأدهشتني بجمال أدائها وبإتقانها وتفاعلها مع الكلمات واللحن بإحساس مرهف، تفاعل عفوي ليس فيه تكلف ولا تصنع، لسبب بسيط أنها لا تمثل، وإنما تعيش مع اللحن والكلمات، فيأتي غناؤها صادقاً.
تعوّل ميس في حفلاتها على التراث الغنائي العربي فتقدمه، ولكن بخصوصيتها المنطلقة من ثقافتها الموسيقية، فهي خريجة المعهد العالي للموسيقا، ومن شخصيتها الفنية، لكن دون أن تمس بجوهر الأغنية ولا بهويتها. قدمت ميس العديد من أغنيات سيد درويش الذي تعتبره نموذجاً يحتذى بها. ولذلك عمدت هي وزوجها عازف الكمان رشيد هلال إلى تسمية الفرقة الموسيقية التي ترافقها بالغناء باسم هذا الفنان الكبير. وعندما غنت مرة (سالمة ياسلامة) أحسست بسيد درويش يتجسد من جديد من خلال أدائها التعبيري للأغنية التي تمثل قمة التعبير عند درويش.
وميس تجيد غناء كافة القوالب الموسيقية العربية. وتعطي كل قالب حقه من الأداء. قدمت في إحدى حفلاتها دور (يللي تشكي م الهوى)، وهو من الأدوار الصعبة للموسيقي المصري زكريا أحمد فأبدعت في أدائه، وتألقت في اداء دور 0أنا هويت لسيد درويش. وغنت الموشح والقصيدة والمونولوج والفيروزيات فأجادت. ولأنها تمتلك الثقافة الموسيقية الكافية، فهي تعرف أن عليها أن تتقن جميع القوالب الغنائية العربية. وألا تسجن صوتها ضمن لون غنائي أو قالب معين، كما فعل آخرون. فأداء القوالب الصعبة بشكل خاص كالدور والقصيدة يشكلان تدريباً لصوتها، ويحافظان على لياقته.
ميس حرب لا تستعجل الشهرة، وإنما تسير بخطوات مدروسة هادئة، ضمن خطة منظمة، يساعدها في ذلك رفيق رحلتها الفنية