2013/05/29

مهران يوسف.. جزء من التراث الإعلامي السوري ينطفئ
مهران يوسف.. جزء من التراث الإعلامي السوري ينطفئ


صهيب عنجريني – السفير

ومن لم يمت بالحرب مات بغيرها. نوبة قلبيّة غيّبت ليل أمس الأوّل الاثنين، «شيخ المذيعين السوريين» مهران يوسف عن عمر ناهز 77 عاماً، أمضى أكثر من نصفها في إذاعة دمشق، والتلفزيون السوري الرسمي.

ولد الراحل في دمشق العام 1936، لأب أرمني مهاجر من لواء اسكندرون، وبدأ عمله في إذاعتها العام 1962. لم يكن يحمل من الشهادات العلمية سوى الثانويّة، بعدما ترك دراسته الجامعية. لكنه عوّض ذلك لاحقاً، إثر نقد قاس وجّهه له مدير الإذاعة والتلفزيون في سبعينيات القرن الماضي لأنه لم ينل شهادة جامعيّة. وكان أن حصل بعد أربع سنوات من تلك الحادثة على إجازة في الأدب العربي من إحدى جامعات لبنان.

عُرف يوسف بقراءته نشرات الأخبار، علاوةً على تكليفه بقراءة كل الأحاديث والتصريحات والبيانات الرسمية. كما ارتبط اسمه بدواليب الحظ عبر تقديمه سهرات يانصيب معرض دمشق الدولي عبر القناة الأولى، إضافةً إلى تقديمه العديد من برامج المسابقات التلفزيونية مثل «سؤال ع الماشي»، و«سؤال وجواب».. ومما ترسّخ في أذهان معظم السوريين بكاؤه فرحاً وهو يغطي إطلاق مركبة الفضاء التي حملت على متنها أوّل رائد فضاء سوري.

خلال الأزمة السورّية لم يعلن الراحل عن أيّ موقف. ويبدو أنّ صمته هذا، إضافة إلى مرافقاته الدائمة للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد ضمن البعثات الإعلامية، كانا كفيلين بتصنيفه «شبِيحاً إعلاميَّاً». هكذا، أحجم المعارضون عن تناول نبأ وفاته، بل إنَّ هجمات شرسة طالت أمس أحد الإعلاميين المعارضين عبر «تويتر» لأنه نعى يوسف. كما حذفت إعلامية معارضة نعيها للراحل عن صفحتها في «فايسبوك» بعد أقلَّ من ساعة. كأنّ تلك التصنيفات السياسيّة، تغيِر حقيقة أن الرجل يشكِّل جزءاً من التراث الإعلامي السوري.

خلال لقاء صحافي أجري مع مهران يوسف في العام 2008 قال: «لم تُغرِني المحطات الفضائية وقد عرض عليّ العمل في قطر ورفضت الذهاب وقتها. وعرض سفير قطر مضاعفة الراتب إذا كان لا يعجبني، فكان جوابي: لو أعطوني بير بترول لن أذهب خارج البلد». ظل وفياً لهذا الموقف رغم نار الحرب، فمات في دمشق من دون أن يتحقق حلمه، إذ قال قبل خمس سنوات: «الشيء الذي أحلم به وربما لا يتحقق، أن تكون شاشتنا منتشرة وأن يشاهدها جمهورها... الناس يهربون لمشاهدة المحطات الأخرى، حتى الأخبار الرئيسة لا يسمعونها من شاشتهم، وأخبارنا نسمعها من غيرنا».