2013/05/29
سلوان حاتم - الثورة
كي تصل الكوميديا إلى المشاهد عليها أن تختار قصصها من شخوص الواقع او من حكايات تنسج عن أشخاص سواء كانوا من الواقع أحياء أم أموات أم كانوا من خيال الكاتب ولكن نستطيع أن نسقط أدوارهم على الحياة ..
لكن من الملاحظ أن قصص الكوميديا تتشكل في معظم الأحيان على فكرة البساطة, ربما لأن البسطاء أو الحياة البسيطة تحمل في طياتها مأساة تصل بالمتابعين لها إلى الضحك أو بأقل تقدير تفضي إلى ابتسامة بسيطة.
قبل أن تتعارض الفكرة المطروحة مع بعض المسلسلات الكوميدية التي لم تكن عن البسطاء أو الحياة البسيطة فإننا نستطيع أن نستثني بعض الأعمال وربما أكثر من ابتعد عن هذه الفكرة كان الفنان أيمن زيدان الذي قدّم مسلسلات عن شخصيات ذات طابع مرموق اجتماعياً سواء في (يوميات مدير عام) أو (الوزير وسعادة حرمه) أو (ألو جميل ألو هناء) وغيرها بالإضافة إلى بعض الذين قدموا أعمالاً متفرقة وهذا لا ينفي صوابية الفكرة القائلة إن الكوميدية السورية تعتمد على الشخصيات البسيطة لإظهار الكوميدية, مع أن بعض مسلسلات اللوحات أظهرت أن هذه الفكرة قد تكسر وخاصة أن لوحات جميلة قدمت لم تتمحور عن البسطاء بل كان أبطالها من جميع الشرائح الاجتماعية ومن كافة المستويات.
وإذا ما أردنا أن نذكر أكثر المسلسلات التي تركت بصمتها في ذاكرة المتابعين وحققت رواجاً تلفزيونياً عبر العديد من المحطات وكانت في معظمها بعيدة عن التهريج سنجد أن أعمال دريد ونهاد : صح النوم وحمام الهنا, وكذلك عائلة(خمسة وستة وسبع .. نجوم) - دنيا - الخربة - ضيعة ضايعة - أبو جانتي - البناء 22- حارة على الهوا - بطل من هذا الزمان وعودة غوار .. جميعها مسلسلات بنيت على قصص البسطاء أو الأماكن البسيطة الجماعية فحققت النجاح المطلوب دون ان ننكر أن بعضها لم يكن بالمستوى المتفوق والذي يضمن له أن يبقى لسنوات طويلة لكننا نستطيع أن نقول إن شخصية دنيا أسعد سعيد أو أم أحمد بلاليش وغوار وأبو عنتر وبهلول وجودي وأسعد و أبو نمر وأبو نايف والكثير من الشخصيات الطريفة في معظم الأعمال كانت شخصيات اجتماعية بسيطة لذلك اتسمت أفعالها بالطرافة واستطاع الممثلون تأديتها ببراعة .
حتى الشخصيات المساعدة في هذه الأعمال كانت غالباً طريفة مثل ياسينو وديبو وسمعان وفياض وأبو ليلى كانت شخصيات بسيطة أيضاً وكي لا يفهم معنى البساطة على أنه (الغباء) فالقصد بالبساطة هي شخصيات إما فقيرة أو طيبة قد تصل أحياناً مرتبة السذاجة ولكن ليس الجميع ساذجا كما سيفهم البعض بل بسطاء في العيش أو التفكير وهذه الشخصيات المحورية في الأعمال استطاعت تحقيق النجاح مع أنها شخصيات مساعدة.
ما مرت به الكوميديا في السنوات الأخيرة وما قيل عن مشاريع كوميدية وعن بعض الأعمال التي لم تنجح أو لم تحقق النجاح المنتظر قد يكون سببه الاعتماد في البحث عن البسطاء أو عن مجتمع بسيط وحصر الكوميديا والمواقف الطريفة بشرائح اجتماعية معينة, مع أن بعض الشخصيات الطريفة في المجتمع والواقع قد تكون من أصحاب الثقافة أو من المهن الجيدة اجتماعيا ولا تنحصر على البسطاء ، فهل الكوميديا فن للبسطاء فقط أم أن كتابها لا يجيدون الكتابة عن باقي الشرائح, ام أن المواقف الطريفة لا تشمل إلا حياة البسطاء, فمن الذي فتح باب الكوميديا على البسطاء ؟..