2015/12/12
السفير - ميس ابراهيم
قدّم ممدوح حمادة نصوصاً كوميديّة، تعدّ من أيقونات ما أنجزته الدراما السورية خلال العقدين الماضيين، من «قانون ولكن» مروراً بـ«ضيعة ضايعة» و«الخربة» وصولاً إلى «ضبّوا الشناتي»، وكلّها حقَّقت نجاحات كبيرة.
حاليّاً، يصوّر المخرج الليث حجو في بيروت، خماسيّة كتبها حمادة لمسلسل «أهل الغرام 3» بعنوان «يا جارة الوادي». أُخِذ العنوان عن قصيدة أحمد شوقي التي لحّنها عبد الوهاب، إذ تشكّل القصيدة بصوت الراحلة نور الهدى ذكرى تربط بطلَي الخماسيّة يوسف (عابد فهد)، وشام (أمل بشوشة). يقول حمادة عن عمله الجديد: «لن تتطرَّق الخماسيّة إلى الأزمة الحاليَّة في سوريا، لكنّها تتحدَّث عن الاستبداد ومفاعليه كمقدمات لما يجري اليوم».
يستعرض حمادة في نصّه قصّة حب تجري أحداثها في النصف الأول من التسعينيَّات، يُسجن بطلها لسنوات طويلة، إثر تهمة نسبت إليه بغرض اختبار تفاعل الرأي العام مع نوع من الإشاعات. يصبح البطل وكلّ مَن له علاقة به منبوذاً، ويتشتَّت شمل عائلته، فيما هو قابع في السجن مجهول المصير. وعندما يخرج يكتشف أنَّ بعضهم مات وبعضهم هاجر، ولم يبقَ سوى حبيبته فيبدأ بالبحث عنها.
ليست خماسيّة «يا جارة الوادي» أوّل أعمال حمادة البعيدة عن النفَس الساخر. يقول لـ«السفير»: «ليست تجربة جديدة بالنسبة لي، إذ أنّي كتبت قصّتين عن الحب سابقاً هما «المحطة الأخيرة» (1999) و«جلنار» (2001). التجريب ضروري في عملنا، وأنا ككاتب مهتم بأن أقدم أعمالاً مختلفة، لذلك أعمل حاليّاً على نصوص أخرى تشبه أعمالي السابقة من حيث الطرح».
حملت أعمال حمادة بمعظمها رسائل سياسيّة وطروحاً إنسانيّة عميقة، ما يدفعنا لسؤاله، ماذا كان سيفعل لو امتلك قراراً بشأن ما يجري في بلاده اليوم. «من الصعب بمكان الإجابة عن هذا السؤال، فحتّى أصحاب القرار أنفسهم، لا يملكون سلطة لتنفيذه. ولو كنت صاحب قرار وسلطة لفرضت وقف القتال ووقف هدر دم الأبرياء في جميع أنحاء سوريا، ولجمعت الخبراء لصياغة دستور عصري يضمن الحريات لأفراد المجتمع كافة ويساوي بين المرأة والرجل ويتعامل مع الجميع بغض النظر عن أصولهم، ولا أقول (انتماءاتهم)، الدينية والطائفية من دون تمييز ويضمن تداول السلطة ضمن انتخابات نزيهة».
ويضيف صاحب «قانون ولكن»: «كنت سأحاكم كلّ من استغل الحرب من أجل ارتكاب جرائمه، وصادرت ممتلكات أمراء الحرب وذويهم من الدرجة الأولى من أجل تعويض عائلات الشهداء والضحايا ومعالجة الجرحى وتحسين ظروف معيشتهم، باختصار لو كنت صاحب قرار لتم اغتيالي بعد نصف دقيقة من تولّي زمامه».
انتقل السيناريست السوري للإقامة في الولايات المتحدة حديثاً، بعد سنوات من الإقامة في بيلاروسيا. لم يكن انتقال حمادة إلى الجهة الأخرى من الأطلسي، أمراً مخططاً ومدروساً، كما يُخبرنا: «كانت دعابة قمت بها على الإنترنت، ولم آخذ الأمر على محمل الجد، حتى أنني فوجئت حين حصلت على الإقامة هناك، وقررت خوض هذه المغامرة إلى النهاية.أقيم حاليّاً في نيويورك حيث استغل جزءاً من وقتي لزيارة بعض المعالم والمتاحف التي تحتوي على إنتاجات فنية، وأخطط لزيارة واشنطن وهوليود وبوسطن لاحقاً». لكنّه يلفت إلى أنّ «بيلاروسيا هي وطني الثاني الذي احتضنني وقدّم لي كل ما قدمه لأبنائه، وهو البلد الوحيد الذي أملك منزلاً فيه وأحمل جنسيته، وسأعود إليه قريباً».
في وقت متأخِّر درس حمادة الإخراج السينمائي في أكاديمية الفنون البيلاروسية العام 2009، ولكن «لم تسمح لي الفرصة بتقديم أي مشروع سينمائي حتى الآن». إلّا أنّه ينوي حاليّاً تقديم نصّ سينمائيّ كتبه سابقاً باللغة الروسيّة إلى شركات إنتاج أميركيّة، فـ«إن نجح هذا الأمر ربما أتابع بهذا العمل في الولايات المتحدة بالتوازي مع الكتابة بالعربية، خصوصاً أنني ملتزم بارتباطات عمل مع شركات إنتاج مقرها الإمارات».
«تحدٍّ من نوع آخر»
يشارك في بطولة «يا جارة الوادي» من ثلاثيّات «أهل الغرام» عابد فهد وأمل بوشوشة وعبد المنعم عمايري وحسين عبّاس، على أن يكتمل نصاب الأبطال بممثلين آخرين كأيمن رضا وفادي صبيح وغادة بشّور وغيرهم، بحسب ما أعلنت الشركة المنتجة في بيان صحافي. وقال فهد في البيان إنّه «اختار الارتباك سمة عامة لشخصية يوسف، بسبب الظروف الاستثنائية التي يتعرض لها عبر مراحل زمنية متعددة، تنهكه جسدياً ومعنوياً وذهنياً». وشدّد الممثل على «استثنائية نص ممدوح حمادة ما يدفع الممثل إلى بذل جهود جبّارة والاستمتاع بالأداء في تحدٍ يحبّذه كل فنان».
من جهتها قالت بوشوشة إنّ الدور الذي تؤديه جديد من نوعه بالنسبة لها «شكلاً ومضموناً، حيث أظهر امرأة قوية تحاول انتظار شريكها، لكنها حساسة جداً، تتفاعل مع المجريات السريعة للأحداث على طريقتها». ولفتت من جهة أخرى إلى مدى حماسها أثناء قراءة النص الذي لم يحاول أن يضعها في قالب المرأة الجميلة بشكل نمطي.