2012/07/07
ميادة حسن – الثورة
كثيرة هي الأسئلة التي تراودني عندما أتابع المحطات العربية وخصوصاً ً بعد القيام بجولة سريعة على هذه المحطات الغريبة وأهم سؤال أطرحه على نفسي هو كم عدد المحطات الغنائية لدينا؟
الحقيقة انه من الصعب علينا إحصاؤها فهناك أسماء محطات تأخذ أشكالا مختلفة من الأغاني التي تقدمها وهي عديدة و متنوعة الاهتمام فمنها خاص بالأغنية الخليجية ومنها خاص بالأغنية الأجنبية أو العربية أو الاثنان معاً إلى المودرن والقديم والأصيل ومنها الذي لايعتمد على أي أصالة وعموماً إن هذه المحطات ورغم عددها الكبير إلا أنها لاتكفي العالم العربي ليشبع ثقافة التطبيل والتزمير لديه لذلك نرى تكثيفاً من المحطات الأخرى في دعم البرامج الغنائية والمطربين ابتداءً من برنامج صولا التي تستضيف المطربين في منزلها حيث نجد أن كلاً يغني على ليلاه أو برنامج « يلا نغني» للفنانة مايا دياب الذي يتابعه الجماهير بشغف كبير بسبب ضحكة مايا الساحرة وجمالها الخارق وحركاتها المبتذلة وحين حاولت لاحقا الفنانة لطيفة تقديم «يلا نغني» بطريقة مختلفة استطاعت أن تجيد انتقاء الضيوف ولكنها أظهرت أن العديد منهم أهم منها فنياً والغريب في هذه البرامج أنها تظهر الفنان المستضيف أقل احترافاً من ضيوفه المطربين وبالعودة إلى التضخم الغنائي في العالم العربي لابدّ أن نذكر البرامج التي هزت عروش العالم العربي «سوبر ستار العرب « الذي تحول إلى حرب ضروس بين المعجبين بالمواهب و«عرب أيدل» الذي جاء توقيته مع الربيع العربي ليساعد على التطبيل والتزمير والاهم من ذلك أن معظم المواهب فيه تقدم فنوناً أجنبية سواء الغناء أو الرقص منها وأكثرها على الإطلاق الفن الأميركي «برك دانس» والذي يعني رقص الشوارع وطبعاً هذا من الفنون الهامة جداً وخصوصاً بوجود موجة الديمقراطية في البلاد العربية أما «غني مع غسان» فهنا يكمن التحدي الكبير بين هذه البرامج التي تتكاثر بالانشطار ومن يتابع هذه المحطات يتأكد تماما أن أحوال شعوبنا العربية بخير لأن أعداد المشاركين فيها وبكاءهم واستجداءهم أمام اللجنة لإيجاد فرصة ً للرقص والغناء عدد كبير وهائل ويتزايد في كل برنامج جديد لان الوعود تصبح مشجعة أكثر وبالرغم من أن معاناة المشارك قد تستمر اشهراً إلا أن الفائز هو شخص واحد أما كل من جاهد وثابر فما هو إلا ضحية استمرار حلقات هذا البرنامج الذي يحث المشاهدين على الاتصال والاختيار مع أن النتيجة النهائية هي التي تحددها، ويستمر هذا النوع من البرامج في سلسلة من الكذب واللف والدوران في كواليسه، والجمهور جاهز ليصفق له فالهدف الأساسي هو خلق الأجيال الفنية البعيدة عن واقعها فبرغم كل المآسي التي يعاني منها مجتمعنا العربي ورغم الويلات التي تنتظره تخرج هذه البرامج لتكون بمثابة مخدر يبعدنا عن عالمنا وعن واقعنا الحقيقي فهذا الضخ الغزير والمركّز لابدّ أن يفعل فعله في عقول أجيالنا ليهللوا للغزو الفكري والثقافي وحتى الغنائي فما كفاهم تشويه تاريخنا وحضارتنا بل يسعون لقتل مستقبلنا أيضاً.