2012/07/04
أحمد مصطفى – دار الخليج
فرضت الأحداث الجارية في العالم العربي على الفضائيات الإخبارية ومواقع الأخبار على الإنترنت العديد من المصطلحات الإعلامية مثل “ عاجل” و”ورد للتو” و”مصادر” وأنباء عن “وشاهد عيان” . جاء ذلك أيضاً في إطار المنافسة الشرسة والرغبة في تحقيق السبق الصحفي في ظل تعدد الفضائيات ومواقع الأخبار ، لكن المأزق أن كل الأخبار أصبحت عاجلة وهناك بعض القنوات التي تلجأ لحيل عدة من أجل المتابعة الفورية للأحداث مع تفادي الوقوع في عدم المصداقية من خلال كتابة “شاهد عيان” أو “أنباء عن” وذلك حتى تضمن السبق .
التقينا مجموعة من الإعلاميين والاختصاصيين في مجال الإعلام لمعرفة آرائهم حول هذه الظاهرة في التحقيق الآتي:
يقول الباحث الإعلامي د . إبراهيم الحوسني: إن أي كلمة تكتب قبل الخبر، سواء كانت “عاجل” أو “ورد للتو” يقصد بها الانفراد بنقل الأخبار، لكن كثيراً من الفضائيات العربية بدأت في كتابة مثل هذه الكلمات على أي خبر وهو ما يربك المشاهد، فليس من المعقول أن تكون كل أخبار القناة عاجلة إلا في حالات معينة في وقت الحروب أو الكوارث أو الثورات مثلما يحدث في كثير من بلدان العالم العربي .
ويضيف: بالنسبة للقنوات الإخبارية إن لم يكتب على الخبر المهم “عاجل” أو “ورد للتو” فهو بعد دقائق قليلة لن تكون له أي قيمة خاصة أننا في صراع كبير الآن بين الفضائيات للوصول للمشاهد من خلال الانفرادات التي تميز قناة عن أخرى
ويوضح الحوسني أن هناك الكثير أيضاً من الكلمات التي تكتب على شاشات الفضائيات العربية أو مواقع الأخبار بهدف السبق الصحفي، وهي الكلمات التي تكتب في حال عدم التأكد من الخبر مثل “أنباء عن” أو “مصادر” وهو ما يبعد الحرج عن أي قناة في حال عدم صحة الخبر .
ويطالب بتحري الدقة عند سماع أي خبر ونقله على الشاشة حتى لا تفقد القناة الإخبارية مصداقيتها مع مرور الوقت .
ويقول محمود الورواري المذيع بقناة “العربية” إن الخبر الذي يأتي إلى أي قناة يكون في بدايته عاجلاً وفيه أجزاء كثيرة غير مكتملة وأهمها بالطبع تفاصيله .
ويضيف: ما يحدث الآن في العالم العربي من أحداث متتالية أظهر العديد من المصطلحات الخاصة بالخبر بشكل قوي، رغم أنها موجودة من قبل مثل “شاهد عيان” أو “مصادر تؤكد” أو “أنباء عن” وكل هذه المصطلحات جاءت نتيجة عدم وجود مصدر أساسي واحد يمكن أن نعتمد عليه في الخبر وبالتالي هناك الآلاف من المصادر في وقت واحد ولا بد من التأكد من صحة الخبر .
ويوضح الورواري أن الخبر العاجل ذا الأهمية لابد أن تكون له متابعات مختلفة من خلال النشرة الإخبارية، فلا نكتفي فقط بنشر الخبر أو تفاصيله، بل لا بد من مصدر يعلق عليه لمساعدة المشاهد في فهمه بعمق أكبر، وذلك لا يأتي إلا في الأخبار ذات الأهمية حتى تزيل القناة أي التباس .
وعما قامت به قناة الجزيرة وقت تنحي الرئيس المصري السابق حسني مبارك ووقت استشهاد مصور القناة في ليبيا وكتابتها لأول مرة الخبر العاجل ببنط خط كبير لاحظه الجميع، قال: هذه سياسة كل قناة ولها الحرية المطلقة في تقديم الخبر بالشكل الذي تراه مناسباً لكن في النهاية الخبر واحد .
د . عصام نصر، رئيس قسم الاتصال بكلية الاتصال في جامعة الشارقة، يوضح أن هناك إشكالية كبيرة منذ ظهور بعض المصطلحات مع ظهور الفضائيات العربية، ومنها كلمة “حصري” المعبرة عن نوع من السبق والمصداقية والخصوصية لما تبثه القناة .
ومع مرور الوقت وانتشار الفضائيات الإخبارية كان لابد من التميز في الأخبار والبحث بشكل أو بآخر عن السبق الصحفي، وجاء ذلك من خلال سرعة نقل الخبر وهنا جاءت كلمة “عاجل” أو “ورد للتو”، وذلك من أجل سرعة اللحاق بما يحدث، لكن ذلك أحدث نوعاً من الإشكالية أيضاً في التأكد من مصداقية الخبر ودقته وتأثير السبق الصحفي فيهما .
ويضيف: كثير من الفضائيات، يتأكد من الخبر بشكل أو بأخر تفادياً لأن تكتب “أنباء عن” ثم يتضح عدم صحته وبالتالي تتحول القناة لمصدر الشائعات وليس لنقل الأخبار، والتنافس الحميم بين الفضائيات الإخبارية ساعد على انتشار مثل هذه المصطلحات .
كما أن المشاهد العادي أصبح أكثر وعياً هذه الأيام خاصة مع انتشار وسائل الاتصال الحديثة، ويمكن أن يتأكد من صحة الخبر من خلال مواقع الإنترنت .
ويرى د . عصام نصر أن كثيراً من الفضائيات العربية أخذ شكل وخصائص الصحافة المطبوعة من خلال كتابة الخبر العاجل بخط كبير أو مميز ولافت للنظر، وذلك يرجع إلى مدى أهمية هذا الخبر في ذاته أو للقناة، وهذه سياسة خاصة بأي قناة .
يوضح د . محمد عايش، المستشار بالمجلس الوطني للإعلام، أن القنوات الإخبارية دأبت منذ بدايتها على كتابة مثل هذه المصطلحات التي تعطي أهمية للخبر، كما أن انتشار مواقع الإنترنت زاد المنافسة على نقل الخبر بالشكل العاجل حتى قبل التأكد من صحته .
ويرى أن المتغيرات الكثيرة التي تحدث في المنطقة العربية أشعلت المنافسة بين القنوات الفضائية من أجل تحقيق السبق في نقل الخبر، لكن هذا لا يعني أن يكون على حساب المصداقية، كما يشدد .
ويوضح عايش أن كل قناة إخبارية ترى الخبر العاجل من خلال سياستها الخاصة، فليس كل خبر يردها عاجلاً أو ذات أهمية، إلا الأخبار القوية مثل الكوارث أو تنحي رئيس، وغير ذلك من الأخبار التي لا يختلف اثنان على أن يكتب قبلها “عاجل” .
ويشير إلى أن القارئ لمواقع الأخبار على الإنترنت أو المشاهد للقنوات الإخبارية ليس أمامه سوى الانتظار للتحقق من الخبر من خلال المتابعة المستمرة له ورؤية كل ما يتعلق به من صور أو فيديو خاصة وأن كثيراً من المواقع يعمل على إثارة المشاهد من خلال مصطلح “أنباء” عن أو “مصادر تؤكد” .
ويدعو القارئ أو المشاهد إلى التأكد من الخبر من خلال القناة الإخبارية التي يحرص على مشاهدتها أو يرى أنها ذات مصداقية لأن كثيراً من فضائيات الأخبار لا يسعى إلى البلبلة أو إثارة الأخبار الكاذبة كنوع من السبق قبل التأكد بنسبة قليلة في بداية الخبر من مصداقيته حتى لا تفقد هي مصداقيتها .
ويقول د . إبراهيم الشمسي، أستاذ الاتصال الجماهيري بجامعة الإمارات: إن ظهور كثير من المصطلحات الإعلامية المختلفة على الخبر يدل على المنافسة الشرسة التي تتعرض لها مواقع وقنوات الأخبار، كما أن وتيرة الأحداث حالت دون التوقف عن ذكر مثل هذه المصطلحات .
ويضيف: التعامل مع الأخبار أصبح في الوقت الحالي أكثر حرفية في القنوات الإخبارية، وبالتالي لا يمكن لأي قناة أن تكتب الخبر على شاشتها بشكل عاجل من دون أن تكون متأكدة منه بنسبة كبيرة والمعلومات التي وصلت عنه شبه مؤكدة حتى تبعد عنها شبهة نشر الأخبار الكاذبة .
ويرى أن الأحداث التي يشهدها العالم العربي فرضت على كل قناة أن تكتب قبل أي خبر يأتي إليها “عاجل” أو “شهود عيان” وذلك بسبب تعدد المصادر في هذا الشأن .
ويقول: في حال الثورات العربية لا نجد مصدراً يمكن التأكد منه إلا الشاهد العيان، وبالتالي فعلى القناة أن تكتب أن الخبر نقلاً عن شاهد عيان، ومن هنا برزت مثل المصطلحات على شاشات الفضائيات الإخبارية .