2013/07/22
تشرين- ليندا حمود
على الرغم من كل الانتقادات التي تطول دراما البيئة الشامية, سواء من قبل العاملين في الوسط الفني «ممثلين, مخرجين, نقاد, أو حتى من جمهور المشاهدين, لكن الموسم الرمضاني لهذا العام كما الماضي,
يبدو حافلاً بدراما البيئة الشامية, إذ تجاوز عدد المسلسلات الشامية الستة أعمال منها ثلاثة أعمال تستكمل أجزاءً ماضية وأخرى جديدة.
إن أغلب أعمال البيئية الشامية يقدم بلا ذاكرة للمكان والزمان, فنراها تعتمد على قصص خيالية وصراعات درامية تحدث في حارات دمشقية متخيلة، حتى وإن وجدت الأحداث التاريخية فستكون مجرد خلفية فقط لأحداث العمل لا أكثر, الأمر الذي دفع كتّاب هذه الأعمال لتحقيق أجزاء ثانية وربما ثالثة لأعمالهم بعد تجاوز عراب مسلسلات البيئة الشامية «باب الحارة» الخمسة أجزاء, مسجلاً رقماً قياسياً في الدراما السورية, فمسلسل «زمن البرغوت» للكاتب محمد الزيد والمخرج أحمد إبراهيم الأحمد يطل على الجمهور الرمضاني بجزء ثانٍ, إذ تتناول أحداثه الفترة مابين 1916 حتى 1925 التي شهدت خروج العثمانيين من سورية, ودخول الاحتلال الفرنسي وكل ذلك من دون توثيق دقيق لتاريخ دمشق في تلك الفترة, فستكون هذه المرحلة التاريخية مجرد خلفية للأحداث الدرامية التي ستتناول حكاية حارة افتراضية من حارات الشام.
الأمر نفسه سنجده في الجزء الثاني من مسلسل (طاحون الشر) لكاتبه مروان قاووق والمخرج ناجي طعمي, إذ يكمل أحداث «حارة الكباد» التي تنهال عليها المشكلات من كل حدبٍ وصوب, لنجد قتلاً وصدامات وصراعات على السلطة والمال والثأر والحب, وذلك ضمن قالبٍ درامي من بطولة كل من بسام كوسا, أسعد فضة, وفاء موصللي, سلمى المصري, خالد القيش كندة حنا وآخرين.
أما الجزء الثاني من مسلسل (زنود الست) فيستمر في تقديم طبخة شامية جديدة في كل حلقة على يد الفنانة وفاء موصللي وضيوفها, لكن أسرة مسلسل «ياسمين عتيق» تشي بجديد على صعيد دراما البيئة الشامية، فالعمل يقدم الشام بشكل متميز ومختلف عما قدمه أغلب المسلسلات الدرامية الشامية, وذلك من خلال اعتماده على التوثيق وابتعاده عن المبالغة, كما يقدم العمل أكثر من أنموذج للمرأة الدمشقية بعيداً عن النمط التقليدي الذي تكرر في أعمال البيئة, الذي يعرض لزمن الحريم فأغلب الأعمال تبدو فيها المرأة الدمشقية لا همَّ لها سوى حياكة المكائد ضد ضرتها أو سلفتها ....إلخ وهذا على الأغلب ما دفع كلاً من غسان مسعود وسلاف فواخرجي وجهاد سعد للمشاركة في «ياسمين عتيق» للمخرج المثنى صبح والكاتب رضوان شبلي, فرغم انتقاد هؤلاء الدائم لدراما ما يسمى البيئة الشامية، لكنهم يرون أن «ياسمين عتيق» يقدم طرحاً جديداً كليا ًعلى صعيد هذا النوع من الأعمال.
أما بالنسبة لمسلسل «قمر شام» تأليف خير الدين الحلبي إخراج مروان بركات, الذي يحكي أيضاً حكاية شامية تتناول ثنائية الخير والشر والصراع بينهما, -«بطولة بسام كوسا وديمة قندلفت وغيرهم» فالعمل مازال يراوح في نمطيته المعهودة في تناول عاصمة الأمويين, تماماً كمسلسل «حمام شامي» للمخرج مؤمن الملا والكاتب كمال مرة, الذي يعد عملاً بيئياً شامياً كوميدياً أيضاً, فهو الآخر يتناول أحداثاً خيالية تتخذ من ساحة حمام دمشقيٍ قديم مسرحاً لها, لكن هذا المسلسل خرج من زحمة العروض الرمضانية ليتم عرضه بعد الشهر الفضيل مباشرةً.
ربما تعود كثرة انتشار أعمال دراما البيئة الشامية واستمرارها حتى اليوم لعدة أسباب أهمها: سهولة تصويرها, فهي تصوّر في استوديوهات خاصة مغلقة أو في حارات الشام القديمة ما يجعلها بعيدة عن التأثر بالظروف الأمنية الحاصلة في سورية, فتنجز من دون تأخير والسبب الثاني يعود إلى اهتمام المشاهد العربي بهذه المسلسلات, فالطلب المتزايد عليها من أغلب المحطات العربية يجعلها خياراً رابحاً للمنتجين, لكن هل كل ذلك يسوغ عرض ستة أعمال شامية في الموسم نفسه؟ ولاسيما أن أغلب الوجوه الدرامية تتكرر فيها؟ لكن في المقابل، وبالرغم من كل الانتقادات الموجهة لهذه الدراما بسبب بعدها عن الوثيقة التاريخية والاجتماعية, وتقديمها صورة مغلوطة عن تاريخ دمشق اجتماعياَ وسياسياَ, نجد هناك من يدافع عن هذه الأعمال باعتبار أنها ليست أعمالاً توثيقية لتكون ملزمة بالتوثيق لتاريخ دمشق، بل يأخذونها على سبيل الحكاية الشعبية التي تقترب من شكل الرواية التلفزيونية المعاصرة لجهة صراع الخير والشر في حارة واحدة، وعلى امتداد ثلاثين حلقة..!