2012/07/04
خاص بوسطة- ليال حسن الحب كعاطفة سحرية يعيشها الشاب والفتاة في عالم فانتازي لا يمت للواقع بصلة، بل يتمزق على حربته عند أول لقاء، كان أحد الأفكار التي قدمتها مسرحية "تحولات" لمؤلفها ومخرجها بهاء البلخي، والتي عرضت على مسرح القباني برعاية مديرية المسارح والموسيقى وبمشاركة مجموعة من الممثلين أهمهم: زكي كورديللو، نضال حمادي، طالب عزيزي، باسمة حسن، سامر البلخي، جيهان قرحالي، ونور البلخي إضافة إلى مساهمة فرقة "رحيل" للمسرح الراقص في العرض بلوحات كريرغرافية للمصمم جمال تركماني. ترثي حكاية العمل، الحب الذي تحول إلى صراع على البقاء، بعد زواج سعيد من زميلته في الجامعة ودخول الشابين الرومانسيين سباق الحصول على اللقمة وترقيع ثقوب يومهم الطويل في هذا المكان والزمان القاسيين، وردود الفعل المختلفة لكل منهما على هذه الظروف حيث نشاهد أن الزوجة (رائفة أحمد) تستمر بإنجاب الأطفال وتضغط على زوجها (تاج الدين ضيف الله) للاستمرار بالتناسل وكأن في ذلك تحدياً للموت اليومي على مواقف الباصات وعند أبواب المؤسسات الحكومية، في دوامات روتينها الذي يعيشه الزوجان كل يوم أملاً في الحصول على الوظيفة الموعودة رغم هزالتها. وفي مستنقع البؤس اللامنتهي هذا، يلجأ الزوج للسفر إلى الخليج بعد أن أصبح مسؤولاً عن ثلاثة أطفال حاله كحال الغالبية من الخريجين البائسين في بلدنا. مابين العرض النخبوي والعرض الترفيهي، تتوازن مسرحية "البلخي" على الخيط الذي يربط الاثنين، فمع الجدية المفترضة للموضوع يزخر العرض بالعناصر "المرحة" ويبرر المخرج الأمر بكون النص بحد ذاته حكاية ملتصقة بالشارع ومأساته اليومية مما يفترض الشكل الأقرب للشعبية بعيداً عن الأشكال النخبوية التي "تعجب اختصاصي المسرح" كما يقول، وهذا رغم كون البلخي ذاته من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية سنة 1983 .. لكن وبرأيي لا يبرر النص الذي يتحدث عن البطالة والجوع والضغوط الاجتماعية الخاصة بالزواج والإنجاب أن يلعب ممثل مسرحي متميز مثل زكي كورديلو دور طفل صغير من عائلة الزوج مثيراً تهكم الجمهور ومشكلاً، مع الدبكة التي قدمتها الفرقة الراقصة في بداية العرض–بمناسبة زواج الشابين، حالة تهريجية أضحكت الحضور وربما أبكتهم ..! كذلك، يتحدث العرض عن الصراع الذي يعيشه سعيد ضمن حالة الإنهاك المادي النفسي التي تقيده، فبإمكانه، من جهة، أن يصبح مثل "السيد محظوظ" الذي جمع ثروته من تعاونه مع رجال ذوي سلطة ونفوذ فيضحي مترفاً على حساب شرفهِ، ومن جهة ثانية يمكنه الهرب من الجحيم الزوجي الغاص بالـ"نق" والمسؤوليات ويعبث مع بنات الهوى المغويات خاضعاً بذلك لشهواته. لكن الأمر في "تحولات" لم يتوقف على هذا المونولوج الداخلي للشخصية بل تجسدت الوساوس عملياً في شخصية "الشيطان" الذي يظهر لسعيد هامساًً له بهذه الأفكار "الشريرة". والواقع أن هذا الشيطان بحد ذاته، هو ما كسر جدية الفكرة، بل حولها إلى خطابية زائدة لن يتتبعها الجمهور وهو يستمتع بالقميص الأحمر و البدلة البيضاء للشيطان الجذاب الذي يتكلم الفصحى وكأنه قد قفز للتو من رواية غوته إلى الخشبة المسرحية التي يتحدث أبطالها اللهجة العامية. ولكي نكون عادلين، علينا، إن لم نرضى عن الشكل الذي اعتمده المخرج لنصه، تذكر عروض سابقة قدمها مخرجون معروفون في الأوقات الرمضانية من كل عام معتمدين في الشكل على الجو الشعبي من فضاء القهوة والأركيلة والكلام الحاراتي مع النكت المبتذلة والرقص البلدي أي –وباختصار- التجاري.. وإن كانت الحجة في ذلك الشكل التجاري هو "رمضان" شهر العائلة وجلسات السمر فلم تكن تلك الحجة موجودة في عروض أخرى مثل "السمرمر" مثلاً الذي شفع له –ورغم "ترفيهية" شكله الفني- مادته النصية التي كتبها ناصر الشبلي عن يوميات دمشق للبديري حلاق.. فهل هي الأسماء المكرسة من تستر تواضع إنتاجها، ساحبة الغطاء عن الأجساد الجديدة في الوسط، و معرّضةً إياها للسعات النقد الحادة؟