2013/05/29
يزن كركوتي – دار الخليج
تنتقل كاميرا المخرج السوري باسل الخطيب في عدد من المواقع السورية بين دمشق والقنيطرة لترصد أحداث فيلمه الجديد “مريم” الذي من المتوقع أن تبدأ عروضه في الشهر الجاري .
ويحكي الفيلم قصة ثلاث سيدات يعشن في ثلاث فترات زمنية مختلفة يحملن اسم “مريم”، وتمتد هذه الفترات الثلاث من نهايات العقد الثاني من القرن الماضي 1918 إلى العام 1967 وصولاً إلى بدايات العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين 2011 ،2012 والمشترك في هذه الشخصيات أنها ضحية حرب اجتماعية، عسكرية، سياسية ونفسية، استطاعت الصمود وعدم الركون والقبول بأنها ضحية، ضمن سيناريو مبني بطريقة مختلفة يجمع خلاله مؤلفا الفيلم المخرج باسل الخطيب وأخوه تليد الخطيب بين الحقيقة والواقع المتخيل .
“الخليج” زارت أحد مواقع التصوير في القنيطرة والتقت فريق العمل .
تحدث بداية المخرج باسل الخطيب عن قصة الفيلم قائلاً: “الفيلم يتحدث عن ثلاث شخصيات نسائية في فترات زمنية مختلفة، وهنالك قاسم مشترك بينهن . . وهو أن النساء الثلاث اسمهن “مريم” وثلاثتهن يعانين الحرب النفسية والعسكرية والاجتماعية، ويكون سبب تطور هذه الشخصيات هو حرمانها العيش بسلام .
وأضاف الخطيب: “الحكاية الأولى التي تدور أحداثها عام 1918 في نهاية الحرب العالمية الأولى عندما كانت بلاد الشام تقف أمام مستقبل غامض وغريب جداً بعد انتهاء الحرب، والحكاية الثانية تدور أحداثها عام 1967 أواخر أيام الحرب وسقوط مدينة القنيطرة والجولان السوري المحتل بأيدي “الاحتلال الإسرائيلي”، والحكاية الثالثة والأخيرة ترتبط بمطلع عام ،2011 ونرى من خلالها حكاية عائلة دمشقية تعيش صراعاً إنسانياً واجتماعياً، ومن خلال هذه الشخصيات نرصد تاريخ سوريا المعاصر خلال القرن العشرين ومطلع قرن الحادي والعشرين .
وعن المصادر التي اعتمد عليها في نسج حكايات الفيلم أو محاوره أشار المخرج إلى أن “العمل يجمع بين الجانبين التاريخي والدرامي المتخيل، وهناك بعض الوقائع الحقيقية موجودة ضمن الفيلم، فالمرحلة الأولى 1918 ليست غريبة بالنسبة لي حيث عملت أكثر من عمل عن هذه الفترة، وبالتالي لم أواجه صعوبة في هذه المرحلة لتعمقي فيها، ونفس الحالة في الحكاية الثانية 1967 قد بحثت قليلاً لأجد الملامح العامة لهذه المرحلة، لكن بالتأكيد نحن بصدد عمل درامي وليس تاريخياً، أما عن المرحلة الأخيرة 2011 فنحن نعيشها” .
وعن وجود فريق عمل إيراني ضمن الفيلم (السوري بامتياز) الذي يجسد مرحلة سورية في القرن التاسع عشر دخولاً بالقرن العشرين أوضح الخطيب: “فريق الماكياج إيراني، لأن المطلوب معالجة مختلفة على مستوى الماكياج لمشاهد هذه المرحلة، وهذا الفريق تعاون معنا في أكثر من عمل، كما أنه أثبت إمكانيته وكفاءته في العمل، أيضاً استعنا بخبرة مدير تصوير إيراني له باع طويل في السينما الإيرانية، وكما معروف أن هذه السينما قدمت أفلاماً مهمة، وهذا كان سبب استعانتنا بطاقم إيراني” .
أما عن ابتعاده عن الدراما السورية وتوجهه إلى السينما قال: “أخذت قراراً في الموسم الرمضاني 2012 بأنني لن أخرج أي عمل درامي، بسبب انشغالي مع أخي في كتابة نص فيلم مريم” .
وهل يمكن اعتبار العام 2012 انطلاقة للسينما السورية؟ أجاب الخطيب: “نتمنى فعلاً أن تستطيع السينما السورية مواكبة النجاح الذي حققته الدراما، فلا ينقصنا شيء ولا يوجد ما يمنعنا من الوصول إلى أعلى المراتب مقارنة بالسينما العربية الأخرى” .
المخرج باسل الخطيب كشف في ختام كلامه عن خطط أخرى موجودة لديه تخص تجارب سينمائية أخرى في المستقبل، مشيراً إلى أنه يعتبر نفسه مقصراً بحق السينما السورية وأضاف: “إن شاء الله إن كان هناك الطاقة والصحة والعافية، بالتأكيد سيكون المشروع السينمائي ضمن ما أقدمه” .
فيما أكدت الفنانة سلاف فواخرجي في بداية حديثها أن معظم النجوم والممثلين السوريين تواقين للعمل في السينما لأنها الأرقى، خاصةً أن الإنتاج السينمائي السوري قليل، فأغلب الفنانين متعطشين للعمل في السينما، خاصةً أنه توجد دراما ممتازة وكوادر فنية وتقنية جيدة جداً .
وأشارت فواخرجي إلى أن ما جذبها لفيلم “مريم” هو السيناريو، فهو مكتوب بطريقة بديعة جداً، وعند قراءة الممثل لأي نص جميل يحمل في طياته المعنى والحبكة الصحيحة، فبالتأكيد هو ميال ليكون له شخصية أو دور ضمن هذا العمل (إن كان فيلماً أو مسلسلاً)، بالإضافة إلى أن العمل مع مخرج مثل “باسل الخطيب” مخرج مهم وكبير في الوسط الفني السوري وهو صديق عزيز شجعني وحمّسني” .
أما عن دورها في العمل فأوضحت سلاف أنها تجسد دور إحدى النساء اللواتي يسمين “مريم”، من إحدى الحكايات الثلاث التي يطرحها الفيلم، وهي سيدة من مدينة القنيطرة، زوجة شهيد، و”نرى هنا معاناتها بالبقاء على قيد الحياة من جراء القصف على القنيطرة، ودائماً ما تركز على نقطة مهمة وهي ألا يتدمر الحب الذي نملكه بداخلنا، كما أنها تفقد ابنتها وحماتها خلال محاولتهما الهروب في هذه الأجواء، ولا أرغب بالإفصاح أكثر عن دوري، باختصار هناك ثقل في هذا الدور وتعب، عدا عن الموضوع الحسي الموجود” .
وعلّقت على كون الفيلم أقرب لحكاية تاريخية ومدى تقبل الجمهور لمثل هذه الأفلام قائلة: “لا يمكننا أن نصنف الفيلم على أنه تاريخي، فعام 1967 هو تاريخ قريب، ومازال هناك من عاش هذه الفترة، والآن نحن نصور في مدينة القنيطرة، وكما نرى مناظر الدمار والهدم من جراء القصف “الإسرائيلي” عام ،1967 فهو محزن لدرجة كبيرة، ومازال العدو موجوداً حسياً لدى كل مواطن عربي” .
وأضافت عن كيفية تطوير السينما السورية بشكل يواكب نظيرتها المصرية: “الموضوع كبير ولا يمكننا الانتهاء منه هنا . . لكن كما قلت انه لا ينقصنا شيء ليكون لدينا سينما قوية وشباك تذاكر، والموضوع يعود لعدة عوامل منها: دخول رؤوس الأموال الخاصة بدعم السينما، وجود دور للعرض بالشوارع والمراكز التجارية وكل المدن السورية، كما يجب على القطاع الخاص المغامرة في إنتاج عمل سينمائي، وألا يشعر بأنها مغامرة، ونعود كما كنا في السابق، ولا ننسى أن السينما في مصر هي عراقة وتاريخ وعمرها طويل” .
وتحدثت الفنانة ضحى الدبس عن تجربتها وقالت: “عندما تشعر بأن هناك مخرج ترتاح للعمل معه، وتعلم عالمه وتفكيره، وتقدم إلى العمل إن كان سينمائياً أو درامياً بثقة عالية بأنك تقدم شيئاً ناجحاً مئة في المئة”، وعن تقصيرها في السينما قالت: بالنسبة لي لم يرسلوا لي سوى عدد قليل من النصوص السينمائية التي تعد على أصابع اليد الواحدة .
وأضافت الدبس: “أحببت هذا الفيلم كثيراً منذ قراءتي للصفحات الأولى من النص، ولا يهمني حجم الدور أو المشاهد، وأجسد فيه شخصية “أم غسان”، في دور له دلالاته ورموزه على أرض الواقع، ف”أم غسان” تقول جملة في إحدى المشاهد أعتقد أنها كفيلة بشرح الشخصية كلها وهي: “أنا بخاف من كلمة “أسبوع زمان ومنرجع” . من وقت ما كنا في فلسطين قالوا: “يومين زمان وبترجعوا” . . وإلى الآن لم نرجع ولا أعلم إن كنا سنرجع”، تموت “أم غسان” بعد نطقها بهذه الكلمة، ولا ترجع إلى أرض الوطن” .
وعن تعاملها مع المخرج باسل الخطيب أشارت الفنانة إلى أنها عملت معه في الدراما التلفزيونية أكثر من مرة وأضافت: “لذلك أنا أعلم إلى أين أتيت، لكن الاختلاف هنا في أن العمل هو سينما وكاميرا سينمائية، وبالتالي فإن الظروف بين السينما والتلفزيون مختلفة” .
وتابعت ضحى: المخرج باسل الخطيب يقود الممثل بشكل ممتاز . . فهو يخرجه من الروتين الذي يسيطر عليه من دون علم الممثل نفسه، كما أنه يخلق لغته الخاصة بينه وبين أي ممثل في المشهد، وهذه اللغة مهمة جداً بين الممثل والمخرج كي يستطيعا إيصال الأفكار.
بدوره قال الفنان القدير أسعد فضة إنه يجسد في العمل شخصية الإقطاعي، مختلفة تماماً عن الصورة المعروفة لهذه الشخصيات لدى الناس، هو في هذا الفيلم شخص إيجابي وإقطاعي محب لوطنه .
وأوضح فضة: “أؤدي شخصية الإقطاعي، وهي شخصية مختلفة تماماً عن النمط المعروف الذي اعتدنا عليه، حيث يكون الإقطاعي متجبراً وظالماً وقاسياً، في حين أن شخصيتي مختلفة تماماً، فهنا هو إقطاعي واع وطيب، كما انه وطني، ويتعرَّض للاعتقال والسجن من قبل الفرنسيين، كما أنه شخص محب يمنح الحب لكلِّ مَن حوله”.
وعبّر الفنان أسعد عن سعادته للمشاركة في الفيلم واعتبره ينتمي إلى مناخ مختلف عن المناخات التي تقدمها السينما السورية، مشيراً إلى أن أبرز ما يميِّز الفيلم هو أنه مفعم بالحب، وأنَّ الإطار العام الذي يغلِّف الحكايات الثلاث هو المحبة .
من جهتها قالت الفنانة ميسون أبو أسعد إنها تجسد شخصية فتاة صوتها جميل تعيش في كنف إقطاعي شهم وتقع في حالة حب، إلا أنها تموت محترقة .
وأوضحت ميسون: “أجسد في الفيلم دور المرأة الأولى، وهي فتاة يافعة تعيش في قرية صغيرة، في الفترة التي تسبق الحرب العالمية الأولى، وهي ذات الفترة التي بدأ فيها جلاء الاحتلال العثماني عن الوطن العربي وبدء مرحلة الاستعمار الأوروبي” .
وأضافت: “هذه الفتاة تعيش في كنف إقطاعي شهم وكبير، يختلف عن الإقطاعيين الآخرين من حيث إنه ليس ظالماً أو متجبراً على الناس، ولأن الفتاة تملك صوتاً جميلاً، يجعلها الإقطاعي تغني في القصر الخاص به لضيوفه، وهناك تقع الفتاة تحب شاب، وتجمع بينها وبين الشاب (فرس) خيل يقعان في غرامها هما الاثنان، وهذه الفرس تكون على وشك الموت، ثم تموت الفرس فتحزن الفتاة عليها كثيراً، ثم تتطور حالة الحزن عندها وتدفعها كي تحرق نفسها وتموت .
أبو أسعد عبرت عن سعادتها للمشاركة في هذا الفيلم، الذي اعتبرته فرصة للتعرف عن كثب إلى آثار الدمار التي ألحقها العدو الصهيوني بمدينة القنيطرة، خاصة أنَّ كثيراً من المشاهد تمَّ تصويرها هناك، على أرض الواقع، وهو ما أثَّر بشكل إيجابي في الأداء، وجعله أقرب إلى الحقيقة .
أما الفنان عابد فهد، فقد قال إنه يجسد في العمل شخصية الجندي “عبد الله”، وهو رمز للجندي المرسوم في مخيلة الناس وموجود بذاكرة الكثير من شخصيات الفيلم، والشخصية لها مساحة ومسؤولية كبيرتان .
وأضاف عابد: “عبد الله يبدو متعباً في العمل كونه كان يخوض غمار حرب ،1967 وبعد أوامر للجيش بالانسحاب، يعطيه قائده أمراً لإنقاذ فتاة وأمها من الحرب، ونراه يحاول ذلك بأقصى ما أوتي من طاقة وإمكانية كونه مصاباً، وسنرى ما إذا كان سينجح في هذا الأمر أم لا؟” .
وتابع “تصوير المشاهد متعب، وأغلبها تكون في خضم الحرب، وبالتالي يجب أن تكون قريبة جداً من الواقع، لكن هذا التعب أقل من التعب المضني والشاق في الدراما” .
من جهة أخرى كشف عابد فهد أنه سيخوض غمار تجربتين سينمائيتين لاحقاً، مشيراً إلى أنه يعتبر السينما استراحة من تعب الدراما، وأن الموسمين السابق والحالي بداية انطلاقة جديدة للسينما بالنسبة له قائلاً “بالنسبة لي عجلة السينما بدأت بالدوران” .
يذكر أن فيلم “مريم” إنتاج المؤسسة العامة للسينما ومؤسسة جوى للإنتاج الفني، وسيناريو تليد الخطيب وباسل الخطيب وإخراج باسل الخطيب، تمثيل سلاف فواخرجي، أسعد فضة، عابد فهد جهاد سعد، فاروق الجمعات، بسام لطفي، صباح الجزائري، ديمة قندلفت، لمى الحكيم، نادين، أمية ملص، رباب مرهج، ضحى الدبس، سعيد عبد السلامميسون أبو أسعد .