2012/07/04
سوسن الأبطح – الشرق الأوسط الألبوم الجديد للفنان مروان خوري، الذي صدر مؤخرا بعنوان «راجعين» ميزته أنه منوع، يجد فيه السامع «الذواقة» أغنية لكل مناسبة أو حالة مزاجية. فمن الأغنية الوطنية، إلى تلك التي تصلح للأعراس، كما الواقعية المستوحاة من خناقة عابرة بين حبيبين، إضافة إلى البدوية، وغيرها أعطيت اسم «رقصة»، وهي كما يدل عنوانها شبابية تغلب فيها الموسيقى على الكلمة. تنويعة ربما تجعل مروان خوري بيتعد قليلا، عما سماه ذات يوم «رومانسية» تعطيه طابعه الخاص. لكن مروان خوري في حديث لـ«الشرق الأوسط» ببيروت يقول: «إن كل عمل يصدر لي له خط يجمعه، ومنهج عام يسير وفقه. أنا مع التنويع، وهذا، في رأي إيجابي. ومن حقي أن أعبر عن نفسي بأكثر من طريقة، وأن أفتش عن الجديد. تخففت هذه المرة، قليلا من الشجن، وأعتقد أنني أميل في هذا الألبوم إلى فرح أكثر من ذي قبل. ربما أن الناس يحتاجون هذا. التنويع في (راجعين) كان مقصودا، وسنرى من ردة فعل الناس، إن كان ما قدمته مطلوبا أم لا». هذا لا يعني أن مروان خوري لم يعد رومانسيا، أو أنه يتخلى عن هذا الأسلوب الغنائي الهادئ، القريب إلى قلبه، فالألبوم بشكل عام، يحتفظ بتلك النكهة المروانية المعهودة، رغم كل تلويناته. وعندما نطلب من مروان خوري أن يعرف لنا الرومانسية كما يراها يقول: «الرومانسية موجودة في الفنون ومعروفة، وأنا شخصيا، لم أقرر أن أكون رومانسيا. إنما من حصيلة أغنياتي، أخذت هذا الطابع. الرومانسية بالنسبة لي هي الأغنية الحالمة، والموقف الحالم، من قبل الفنان، حين يتمكن من أن يصور الحياة بصورة وردية». بمعنى آخر يشرح خوري: «أن يقدم الفنان تعويضا عما لا يستطيعه الواقع». وينبه خوري إلى ضرورة عدم الخلط بين الأغنية البكائية والرومانسية، فهذه لا تعني بالضرورة تلك. في ألبوم «راجعين» الذي يحوي عشر أغنيات من تأليف وتلحين مروان خوري أغنية تقول: «مش كل مين غنى غنية، عالحب وعالرومانسية، يعني في بقلبو مشاعر، وبإيدو حامل وردة. ولا كل مين ركّب كلام، بيحكي عن لوعة وغرام، منقلو شاعر وقادر، بلحظة يقول ردّي». وهي كلمات تغمز من قناة كثيرين يعتبرون أنفسهم رومانسيين في الغناء والأداء وكتابة الأغنية، رغم أنهم لا يملكون مقومات الرومانسية، ويقحمون أنفسهم في مجال ليس لهم، فلمن يتوجه مروان خوري بهذه الأغنية؟ مروان خوري يرى أن الرومانسية هي رسالة، وألبومه الجديد مليء بالرسائل، ويضيف شارحا: «المطلوب هو الصدق في الفن. ولا بد أن يكون هناك انسجام، وربما تطابق بين ما يظهر الإنسان ويعبر عنه، وما يضمره. فليس كل من يدعي أنه عاطفي، هو كذلك بالفعل. نحن منذ صيفين وشتاءين نعيش في أجواء الأغنية الإيقاعية. قبلها كان للأغنية الرومانسية مكان، لكن ثمة من غيروا توجهاتهم، وانقبلوا. وأستطيع أن أقول إن الأغنية الرومانسية في الوقت الحاضر، محاصرة». قيل وكتب، أن السيدة فيروز حين ذكر أمامها مروان خوري قالت إنه أفضل الموجودين على الساحة، وإنها ترغب في الغناء من أغنياته. هذا الخبر أسعد الفنان الذي يقول: «هذا كلام يفرحني كثيرا، لكنني لا أعرف مدى صحته، ربما أنني ذُكرت أمام السيدة فيروز وقالت ما سمعناه، وهذا بحد ذاته أمر كبير ومهم بالنسبة لي. ويكفيني أن يكون هذا الكلام قد قيل بالفعل، لأكبر به». لكن مروان خوري وهو يردد كلمة «ياريت» يؤكد أن أي اتصال مباشر بينه وبين السيدة فيروز لم يتم، وأنه سمع كما سمع الجميع من الإعلام، ولا يعرف أي شيء آخر عن هذا الموضوع. بصيغة آمرة يقول مروان خوري لحبيبته في إحدى أغنيات ألبوم «راجعين»: «بدي قلك كلمتين، كلمتين اثنين، وطي صوتك، ورح بحكي عالهدا، تما يسمعنا حدا، وإنت تسمعيني. وطي صوتك». ويكمل طالبا من حبيبته التي تحتد من مدة أن تهدئ من أعصابها، لأنه متعب أكثر منها. ويصل الأمر في آخر الأغنية حد التهديد: «لو فكرك صوتك عالي، لو مهما صوتك يعلى، صوتي أعلى منك بكتير». نمط من الكلمات لم يعتده مروان خوري، مما جعل البعض يتهمه بشيء من الجلافة، في مخاطبة المرأة. لكن الفنان لا يرى الأمر على هذا النحو، ويعتبر أن الكلمات هي من واقع الحياة، والحوار قد يحدث بين أي رجل وزوجته أو حبيبته. لكن خوري لا يخفي أنه تردد كثيرا قبل أن يسجل هذه الأغنية ويقول: «يهمني جدا رأي المرأة، وأنا حريص على أن لا أجرح النساء بأي من أغنياتي، لذلك حرصت على أن أسمع الأغنية لنساء عديدات، قبل تسجيلها، وردة الفعل كانت ابتسامة عريضة من كل امرأة سمعتها. ليس في العبارت التي أستخدمها أي إهانة، بالعكس، هي عبارت قد يقولها أي رجل لحبيبته، حين يحتدم الحوار، ويعلو صوت المرأة غضبا. وهي قد تقول له الشيء نفسه». يستطرد خوري: «ليس بمقدور أحد إسكات امرأة، أنا متحزب للمرأة وحليف لها باستمرار». ويضيف مروان خوري: «عندي تحد دائم، هو الاستمرار بخط واضح يعبر عني. التجريب من واجباتي الأساسية، الناس وجدوني في الرومانسية دون أن أقصد. لكنني شخص أحب التغيير، وأحاول التعبير بطرق مختلفة، دون أن أخرج من نفسي، أو أصدم الناس بشيء لم يعهدوه أو ينتظروه مني. استخدام عبارات من واقع الحياة، في إطار جمالي وفني معين، مطلوب. لكن يبقى شرط الجمالية، ضروريا، لتقديم عمل يستحق أن يسمع ويردد». لا بد من سنتين أو سنتين ونصف، كي يصدر مروان خوري عملا جديدا. «هذا هو المعدل العام»، يقول لنا إن هذا قد يكون عائدا لإصراره على كتابة الأغنيات، وتلحينها وغنائها في وقت واحد، وهي مهمة شاقة، بمقدوره أن يتخفف منها، بالاعتماد على كلمات وألحان آخرين بين الحين والآخر. هذا أمر لا يوافق عليه خوري ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «عندي قناعة، هي أنني أغني لأنني في الأساس أكتب وألحن، وليس العكس. ممكن جدا أن أغني لغيري، لكن شرط أن تأتي هذه الأعمال ضمن سياق شخصيتي. أعتقد أنني أستطيع أن أقدم أفكارا لغاية الآن، وهو ما يجعلني لا أبحث عن نصوص للآخرين. لكنني مثلا غنيت أغاني مصرية، في مناسبات رسمية، منها أغنية «دواير» للشاعر عبد الرحمن الأبنودي وأغنيات أخرى غيرها. يبدأ العمل الجديد لمروان خوري بأغنيتين غير لبنانيتي اللهجة، وهما «أدري» و«فكرت نسيت»، يقول عنهما إنهما كتبتا باللهجة «البيضاء» أو «البدوية»، وهي ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها هذه اللهجة، التي يعتبرها من أجواء الطرب العربي القديم، ويرفض وصفها بالخليجية، «لأنه في هذه الحالة، لا بد أن تحتسب لي الكثير من الأخطاء، لأن اللفظ الخليجي مختلف، والنمط الموسيقي أيضا، وهو ما لا تتمتع به الأغنيتان». على أي حال يضيف خوري: «قد أقدم مستقبلا أغنية خليجية، ولا شيء يمنع، وهذا أمر يسعدني». وحين نسأل مروان خوري إن كانت أغنياته العديدة التي قدمها إلى الآن باللهجة البدوية أو البيضاء، هي مسايرة لجمهوره العربي، حيث له شعبية واسعة في المغرب العربي ومصر والعديد من الدول العربية، بما يفوق جمهوره اللبناني يجيب: «ربما أنه نوع من المراعاة. لقد وصلت بالأغنية اللبنانية إلى كل هذه الدول، لكن هناك دائما تمنٍّ أن أغني بالمصري والخليجي، وهذا أمر مهم بالنسبة لي». لكن يوضح خوري: «حين أقول إن هناك مراعاة، هذا لا يعني أنني أغني ما لست مقتنعا به، فأنا لا أقدم على عمل لا أحبه. وحين وضعت هذه الأغنية لم يخطر لي إن كانت لبنانية أو غير لبنانية اللهجة، هكذا كتبت، وهكذا غنيت، ولم يذهب تفكيري إلى ما هو أبعد من ذلك». لا بد من تصوير فيديو كليب أو أكثر، اعتمادا على الألبوم الجديد، المليء بالأفكار المغرية للتصوير، وهذا يجب أن يتم في أسرع وقت، إلا أن الأمور الإنتاجية تخضع لبعض الجدل كما يشرح مروان خوري، مما يؤخر فرص مشاهدة الأغنيات مصورة، في القريب العاجل.