2013/05/29
وسام كنعان - الأخبار
«هل هي مصادفة أن تتم محاصرة «غوّار»، الانتهازي، الوصولي، المتحايل، قبل أيام في طرابلس، على خلفية مواقفه المهادنة؟ ثم يقتل اليوم ياسينو الطيّب، خفيف الظلّ، النظيف، بشكل مجاني؟» لقطة ذكية بالفعل بنت ديمة ونوس عليها مقالها على موقع «المدن» أول من أمس. رغم أنها ترثي الكوميديان الراحل ياسين بقوش، إلا أنّ بعض المقالات لم توفر شاردة وواردة لتوزيع شهادات الوطنية وأوسمة الشرف من دون التخلي عن مهنة التخوين التي صارت لازمة لأي حديث. حتى إنّ بعضها وقع _ من حيث يدري أو لا يدري _ في فخ التحريض الواضح. اللقطة الذكية للمقال المقتضب جاءت بعد التعريج على أغنية الفنانة الفلسطينية سناء موسى التي تقول فيها «يا نجمة الصبح فوق الشام عليّتي، الجواد أخذتي والنذال خليتي» ليقع المقال في فخ التحرض. في لحظة مأساوية، وجد حاملو شعلة الحرية الجدد الذين يهدرون دم كل من يخالفهم الرأي، فرصةً سانحة للتطاول على النجم السوري دريد لحام (الصورة). معظم هؤلاء تجاهلوا تاريخه الفني الطويل وقيمته الرمزية، كما تناسوا أنّه لم يفارق دمشق منذ بداية الأزمة. ما زال يعيش في عاصمة الأمويين حتى اليوم، ولا يغادرها إلا لتصوير مشاهده في مسلسل «سنعود بعد قليل» في لبنان. في سياق مشابه، غزت الصفحات الافتراضية تعليقات وصور تحرّض بشكل أكثر مباشرة وأشد لؤماً على تصفية صاحب «كاسك يا وطن» من خلال نشر صور له وهو يصافح الرئيس السوري بشار الأسد، إلى جانب صورة الكوميديان الراحل ياسين بقوش وهو مضرج بدمائه. ولم يكتف «مناضلو» الإنترنت بالتوقف عند هذا الحد، فاستهدفت حملات التحريض «فنان الشعب» رفيق السبيعي (أبو صياح) الذي كتب أحدهم تعليقاً يفيد أنّ أبو صياح سيتوجه قريباً إلى مبنى الإذاعة والتلفزيون ليسجل أغنية وطنية تدعم النظام تعبيراً عن حزنه على ياسين بقوش! وقد وصل الأمر بالمعارض ياسين الحاج صالح أن كتب عبر صفحته على فايسبوك: «استشهاده اليوم شرّف ياسين بقوش أكثر من فنه. استشهاده يشبه طيبته أكثر مما يشبه الفن المتواضع الذي قدمه «ياسينو» بطلنا اليوم. لم يكن كذلك كفنان». طبعاً لم يفهم متابعو صفحة المعارض العتيد كيف يمكن واحداً من أشهر كاراكترات الدراما السورية أن يكون فنّه متواضعاً، ولم يفهم أحد سبب هذه المقارنة الغريبة، ويستحق السؤال عمّا إذا كان الوقت مناسباً لتقييم مسيرة الرجل الحافلة وشهرته الواسعة بهذه الطريقة المجحفة. النتيجة الأكيدة أنّ من يسخِّر الدماء لخدمة رسائل سياسية، لن يبخل بالتحريض على الأحياء حتى ولو كانوا قامات شامخة.