2012/07/04
عهـد صبيـحة
يصور فيـلم مراقـبو الطيور Bird Watchers دأب القبائل الهندية (الغورانية) من أجل المحافظة على إرث ديانتهم الشامانية، ومن أجل هذا اخترقت كاميرة ماركو بيتشيس غابات البرازيل في رحلة أكثر من سياحية للتعرف على طيور المنطقة، في رحلة إلى أعماق مآسي هؤلاء التائهين بين المحافظة على هوية ضربت فيها الحضارة الحديثة حتى كادت تموت وبين هذه الثقافة الجديدة التي ما تزال تغوي عيون نسائهم وشبابهم تحت ضغط الجوع والحاجة للاستقرار.
بعد انتحار امرأتين من السكان الأصليين تقرر مجموعة منهم مواجهة الغرباء الذين احتلوا أرض أجدادهم، فيهربون بقيادة زعيمهم (ناديو) من المحمية التي يعيشون فيها وكأنهم حيوانات إلى تخوم مزرعة (مورييرا). وهذا الموقع الجديد هو نواة لحركة استرجاع الأرض. تستمر المعركة بين الطرفين فيضع (مورييرا) حارساً على أرضه من أجل إخافة قبيلة (ناديو)، وفي المقابل يقوم (أوزفالدو)، المرشح أن يصبح شاماناً، بالصلاة طوال الفيلم لإله الخير من أجل طرد الغرباء. تغويه ابنة صاحب المزرعة لينام معها مخالفاً أوامر آلهته، كذلك يهرب صديقه في الصيد وابن (ناديو) إلى المدينة ليعمل في محل تجاري وينتحر أخيراً غير قادر على مجاراة الحضارة الحديثة ومخالفة أبيه. تستمر المواجهات ويستولي أبناء القبيلة على الأرض عنوة فيقوم (مورييرا) بقتل (ناديو). عندها يعود (أوزفالدو) إلى درب قبيلته متوعداً صاحب المزرعة (مورييرا) بالقتل.
استطاع الفيلم أن يظهر التباين حول مفهوم الأرض بين القبائل الهندية والشعوب التي سكنت هذه الأرض حديثاً. بالنسبة للغورانيين الأرض هي أصل الحياة، هي الأم الحاضنة. في مشهد جميل يتناول (ناديو) حفنة من تراب الأرض ويمضغها أمام مورييرا ورجال الشرطة ليقول لهم بدون أن ينطق: "هذه الأرض لا أعيش عليها فقط، أنا جزء منها". بينما الأرض بالنسبة للرجل الغريب (مورييرا) هي مكان احتله أجداده منذ ثلاثة أجيال يزرعها ليعيش منها، وبالنسبة لزوجته هي مكان للرحلات السياحية يبحث فيها السائحون عن طيور جميلة. نجح المخرج في استخدام رموزه التي جاءت كومضات بين المشاهد، نذكر منها صورة التنين على أرضية مسبح (مورييرا) والذي يظهر معتقد أصحاب المكان بأن الهنود الأصليين هم آكلو لحوم بشر، وحذاء ابن (ناديو) المنتحر والرامز إلى الحضارة الحديثة. وأخيراً صرخة (أوزفالدو) في نهاية الفيلم بعد أن تراجع عن الانتحار: "أنت خسرت وأنا ربحت" إشارة إلى خسارة ذلك الغريب. أوزفالدو لن ينتحر ليفتح الباب أمام استمرار المعركة.
ماركو بيتشيس
ولد في العام 1955 في تشيلي من أب ايطالي وأم تشيلية. ترعرع في ساو باولو وبوينس إيرس حتى طرد من الأرجنتين عام 1977 لأسباب سياسية. يعيش الآن متنقلا بين ايطالية والولايات المتحدة وفرنسة. درس الاقتصاد في ايطالية ثم عمل مدرساً قبل أن يحترف لعمل السينمائي بعد دراسته بمعهد ألبيدو السينمائي في ميلانو.
أول أفلامه Alambrado عام 1991، وأهم أفلامه:
Luca's Film 1997، كرم فيه صديقه النحات لوكا بيزورنو، وفيلم Garage Olimpo 1999، عن معسكرات الاعتقال في الأرجنتين خلال عهد الديكتاتورية العسكرية. حاز عن أعماله، كاتباً ومخرجاً، على أكثر من أربع عشرة جائزة دولية.