2012/07/04
محمد عبد الرحمن - الأخبار
لم تكن دماء شهداء «مذبحة بورسعيد» قد جفّت حين أطلّ علينا إعلاميو النظام السابق مستغلّين ما حصل لخدمة أهدافهم السياسية على نحو مباشر، و... وقح. «الحمدلله محدّش مات برصاص حيّ»، لم يتردّد المذيع الرياضي على قناة «مودرن سبورت» مدحت شلبي في إطلاق هذه العبارة مباشرةً على الهواء. الضابط السابق في الشرطة المصرية، أراد ببساطة التأكيد على أنّ الأمن بريء هذه المرة من دماء المصريين، والدليل سقوط أكثر من سبعين ضحية دون رصاص حي!
طبعاً لم يشر شلبي إلى الرواية الأخرى التي تفيد بوجود مجرمين في الملعب هدفهم الانتقام من جمهور النادي «الأهلي»، الذي يعدّ من أبرز المعارضين للمجلس العسكري. وتجاهل تقاعس رجال الأمن عن تحمّل مسوؤليتهم وحماية الجمهور في الملعب. ورغم ابتهاج مذيع «مودرن سوبرت» بغياب الرصاص، ظهر لاحقاً شهود يؤكدون أن الرصاص كان في الملعب. ليس هذا فحسب، بل أُلقِي أيضاً ببعض الضحايا من أعلى نقطة في الملعب إلى الأرض، إلى جانب خنق بعضهم وذبح آخرين بالأسلحة البيضاء، وهو ما يفسّر وفاة عشرات في مدة لم تتجاوز الساعة.
أداء أحمد شوبير لم يكن أفضل. استغلّ الإعلامي الشهير هذه المذبحة، ليتّهم على نحو مباشر الثورة بتحمّل المسؤولية «لأنها أخرجت المصريين من القمقم، فباتوا خارج السيطرة». لكنّ تحيّز شوبير وشلبي لم ينسحب على كل الإعلاميين. لقد هاجم المحامي جمال عيد للمرة الأولى على «أون تي في» مقدمي برامج كرة القدم، وخصوصاً مدحت شلبي، وأحمد شوبير، فيما قدّم الإعلامي واللاعب السابق نادر السيد تغطية مختلفة، نتيجة تأييده التام لمطالب الثورة منذ اليوم الأول. هكذا حمّل المجلس العسكري ووزارة الداخلية مسؤولية ما حدث. ونقلت القناة نداءات وتصريحات مؤثرة للاعبين، وأهالي المشجعين. وكان جمهور النادي الأهلي قد وجّه نداءات استغاثة منذ اللحظات الأولى للمجزرة، لكن لم يتدخّل أحد لإنقاذه. مع ذلك، أصرّ البعض على الدفاع عن اتحاد كرة القدم في مصر، وطالب بعدم التسرّع في إلغاء الدوري، أو حتى إقامته من دون جمهور. وفي الإطار نفسه، خرج المذيع الشابّ إبراهيم عبد الجواد على شاشة «التلفزيون المصري» موجّهاً انتقادات حادة إلى جميع المسؤولين، وخصوصاً الإعلاميين الرياضيين الذين سبق أن تورّطوا في تأجيج أزمة مصر والجزائر قبل واقعة أم درمان الشهيرة. وقد تناقل الناشطون هذا المقطع بكثرة على موقعَي التواصل الاجتماعي فايسبوك وتويتر.
وكان لافتاً انطلاق أصوات عدة غاضبة من شاشات وإذاعات «ماسبيرو»، ترفض اتهام أهالي بورسعيد ومشجعي «النادي المصري» بارتكاب المجزرة، وترصد كل الشواهد التي تؤكد تورّط النظام في ما حصل، أو على الأقل فشله في منع الجناة من تنفيذ مخططهم الدموي. وبعد ساعات عدة من المذبحة، أعلن المجلس العسكري الحداد في البلاد لمدة ثلاثة أيام، تنتهي مساء غد السبت، لتستجيب القنوات الفضائية وبعض الفنانين لهذا النداء. كما جمّدت «دار الأوبرا» نشاطها حتى يوم الأحد.
وفور انتشار خبر المذبحة، قدّم عمرو دياب التعازي إلى أسر الضحايا عبر تويتر، فيما أكّد عمرو واكد أن ما حصل في بورسعيد هو مؤامرة، مذكراً الجمهور بموقعة مصر والجزائر. أما خالد النبوي، فقال إن ما حدث ويحدث في مصر بعد الثورة يعطي صورة عن «الطريقة التي كانت تُحكم بها مصر طيلة 30 عاماً»، مضيفاً إنّ فلول مبارك يقولون «يا نعيش سوا يا نموت سوا». وعلى تويتر أيضاً، كتب خالد أبو النجا «إلى متى نترك مصر في يد من لا يستطيعون الحفاظ على أمنها وحياة شبابها؟ المجلس العسكري مسؤول مسؤولية كاملة عن كل حياة فقدناها اليوم في بورسعيد». ومن المتوقع أن يجري تجميد النشاط الفني في مصر أياماً، وخصوصاً لو تطورت المواجهات المتوقعة اليوم الجمعة بين الشباب من جهة، والمجلس العسكري ورجال الأمن من جهة أخرى.