2012/07/04
محمد عبد الرحمن - الأخبار
القنوات الحكومية والخاصة اجتمعت، أول من أمس، على بثّ توك شو موحّد ضم حفنة من النجوم والشخصيات، استنكاراً للعنف الأهلي، وتأكيداً للوحدة الوطنيّة. لكن «المصريون» جسّد أيضاً فلسفة السلطة: اختلفوا داخل الملعب نفسه!
القاهرة| التجربة فريدة من نوعها: للمرة الأولى اجتمع 12 نجماً إعلامياً في «توك شو» واحد، على المحطات المصريّة مجتمعة، واستغرق ثلاث ساعات ونصف ساعة، في ساحة الكاتدرائية المرقسية في العباسية. ولا شكّ في أن تجربة برنامج «المصريون» الذي بثّته سبع قنوات أول من أمس الخميس، مثّلت لحظة مهمة في الحياة السياسية والاجتماعيّة والإعلاميّة، ووقفة موحّدة ضد شبح الفتنة والوحش الطائفي البغيض، وانقسام أبناء الشعب الواحد...
ورغم الجانب الإيجابي لهذه التظاهرة الإعلامية الضخمة، فقد أعاد الحدث إلى الأذهان عصر القناة التلفزيونية الواحدة، ولو لساعات قليلة. إذ حُرِم مشاهدو سبع قنوات أساسيّة من فرصة الاختيار بين المتابعة الأكثر تناسباً والأفضل. وأعاد الجمهور اكتشاف حقيقة بارزة، هي أنّ الإعلام المصري الخاص كثيراً لا يختلف عن الإعلام الحكومي في القضايا «المصيرية»، وهو ما جعل كل محطة مشاركة تفقد فرصة التميّز من خلال تقديم مضمون إعلامي خاص ومتفرّد يضيف إلى المشاهد. أما المضمون الإعلامي للبرنامج، فلم يفاجئ أحداً، إذ كرّر الضيوف العبارات التي حفظها الشارع المصري عن ظهر قلب في الفترة الأخيرة.
وزير الإعلام أنس الفقي الذي كان «يراقب» القنوات الخاصة خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة، ويطالبها بالالتزام بالتغطية «المحايدة»، شهد تحقّق أمنيته أول من أمس: لقد كانت أبرز المحطات المصرية ذات لون واحد، ومذاق واحد، ما يجسّد فلسفة الفقي: من حقّ كل التلفزيونات الاختلاف، لكن... داخل الملعب نفسه، وخصوصاً عندما يتعلّق الأمر بقضايا مثل «الوحدة الوطنية». هكذا لم يتخلَّف أحد عن تلبية الدعوة إلى هذا البث المشترك... وما كان من نجوم الـ«توك شو» سوى أن عبروا الحدود التي تفصل بينهم.
أطلّ الفنانون عادل إمام، ويسرا، وعمار الشريعي، وهاني رمزي، إلى جانب الكتاب والصحافيين جمال الغيطاني، ومكرم محمد أحمد، عادل حمودة، ووزير المال يوسف بطرس غالي والأنبا موسى، والأنبا يوأنس... فيما لاحظنا بأسف غياب أي شخصية دينية إسلامية. وتميّز البرنامج، الذي كان أبرز مقدميه محمود سعد ومنى الشاذلي ومعتز الدمرادش ورولا خرسا... بإخراج فني عالي المستوى، وباستخدام مبهر للإضاءة ولأبعاد المكان التاريخي الذي صُوّرت فيه الحلقة. ولم يتردّد المشاركون في انتقاد طوفان الأغاني الوطنية التي تلت جريمة الإسكندرية الأسبوع الماضي. وتساءل بعضهم عن حماسة المغنّين للقضايا التي تهتمّ الحكومة بحشد الرأي العام لدعمها. وآخر هذه الأغاني كانت «أوبريت» بعنوان «مصر مفتاح الحياة» من تأليف مدحت العدل وألحان أحمد عادل. وشارك فيها كل من يسرا، ومحمد هنيدي، ومحمد فؤاد، وهاني رمزي، ونيللي كريم... وصُوّرت الأغنية في «جامعة القاهرة» تحت إدارة المخرج محمد بكير.
من جهته، سارع المغنّي الشعبي حكيم إلى تسجيل أغنية «كلنا واحد» كلمات ملاك عادل، وألحان محمد عبد المنعم، فيما وجّه المغني السوري مجد القاسم الدعوة إلى زملائه الفنانين للمشاركة في «أوبريت» من ألحانه وإنتاجه سيكون عنوانها «الدين لله ومصر الجميع»، بينما لجأت المغنية شذى إلى «فايسبوك» لتطلب من معجبيها تزويدها بكلمات تعبّر عن الوحدة الوطنية لغنائها قريباً. أما تامر حسني، فوضع على صفحته الشخصية على الموقع نفسه أغنية «ديني دينك»، فيما كان الملحّن عمرو مصطفى صاحب أسرع أغنية في الأزمة الأخيرة، وحملت عنوان «مش مصريين».
وكما كان متوقعاً، ظهر عمرو خالد لدقائق في برنامج «48 ساعة» على شاشة «المحور». وهو البرنامج الذي بدأ بثّه بعد انتهاء «المصريون»، أعلن خلاله الداعية الشهير أنه أطلق على «فايسبوك» مبادرة «إنترنت بلا فتنة» التي تهدف إلى منع التحريض على الشبكة العنكبوتية.
غير أن الفنان خالد أبو النجا قدم نموذجاً مختلفاً للتضامن مع ضحايا مذبحة الإسكندرية من خلال ابتعاده عن الشاشات المندمجة، وفضّل التركيز على عمله السياسي كأحد أبرز مناصري «الحملة الوطنية للتغيير» بقيادة محمد البرادعي. هكذا زار المصابين في «مستشفى شرق الإسكندرية»، الثلاثاء الماضي، واصطحب معه والدة «شهيد الطوارئ» الشاب خالد سعيد الذي قتلته الشرطة المصرية الصيف الماضي. وهو ما أثار ردود فعل غاضبة لا تزال مستمرة حتى الآن. وشارك أبو النجا في اعتصام جمع مسلمين ومسيحيين، مساء الخميس الماضي، أمام إحدى الكنائس في ضاحية مصر الجديدة. ورافقه المخرج داوود عبد السيد للتنديد بالتفجير الإرهابي، تحت شعار «كلنا شعب واحد... كلنا مصير واحد». كذلك شارك في الاعتصام أبطال فيلم «ميكروفون» الذي عرض أخيراً في في عدد من المهرجانات العربية والدولية، وتدور كل أحداثه في الإسكندرية، حيث يرصد ظاهرة التشدّد الديني في المدينة التي اشتهرت بالتسامح طيلة تاريخها.