2012/07/04
فاتن قبيسي - السفير
الى جانب «الفضائية السورية» التي تعكس السياسة الرسمية، والإخبارية» (قطاع مشترك)، تبرز «الدنيا» وحدها كقناة خاصة يقف وراءها عدد من رجال الأعمال في سوريا، ويعول الكثيرون، خصوصاً من أبناء البلد، على موضوعيتها وتوازنها.
والقناة التي انطلقت أواخر العام 2006، أدرجت النشرة الإخبارية على جدولها منذ سنتين. الا أن أداءها الإعلامي منذ بداية الأحداث الأخيرة في سوريا، يطرح أكثر من علامة استفهام من قبل البعض، في ظل منحى يقترب من النظام السوري، في وقت ترفع فيه شعار «صوت الناس وصورة الحياة»، وهدفها المعلن هو «نقل صوت المواطن للمسؤول».
واللافت هو أن القناة لا تكتفي بالتقارير الإخبارية، بل تحاول أيضاً تكذيب ما تطرحه بعض الفضائيات العربية، خصوصاً «الجزيرة» عبر «الصوت والصورة». كما ترد على بعض المعارضين الذين يطلون عبر الفضائيات، من خلال كشف ملفاتهم «السوداء»، وهو ما فعلته أمس عبر نشرة أخبار الثامنة مساء، عندما عرضت تقريراً عن المعارض وحيد صقر، الذي يدّعي أنه أستاذ في السياسات الإستراتيجية، مستندة الى شهادة أحد أبنائه بأنه «ما معه صف تاسع»، وبأنه «كان شرطياً مسجونا في سوريا لإخلاله بالقانون، عبر تورطه في سرقة سيارات ومنازل».
هذه الأمور وغيرها يتحدث حولها مدير الأخبار في «الدنيا» عماد سارة، في حوار مع «السفير»، كاشفاً منهجية القناة ورؤيتها للأحداث.
يعتبر سارة أن القناة تسعى الى الأداء المنطقي، عبر نقل الأحداث بالصوت والصورة والتحليل والتقرير. وتحاول قدر المستطاع أن تعري الآخرين الذين يدعون «الرأي والرأي الآخر». وينطلق أداؤها من تبييض صفحة الوطن، وليس من تبييض صفحة المؤسسة (في إشارة الى ما عرضه «يوتيوب» حول المفكر عزمي بشارة).
ورداً على سؤال يقول: «ننطلق من إيماننا بأن ما يحدث في سوريا ليس ثورة، كما يدعي البعض، وليس تجمعات من أجل مطالب إصلاحية، بل مخطط للفتنة. فالإصلاح لا يتم عبر التخريب وتدمير الممتلكات العامة والخاصة، أو عبر قتل رجال الأمن والجيش. نسعى في القناة لكشف المخطط الذي يحاك ضد سوريا، وليس هدفنا ان نقف ضد طرف آخر، بل نحاول تخليص المشاهد العربي من الغمامة السوداء التي وضعتها بعض القنوات المغرضة، عبر غرف عمليات، أعتقد أن بعضها ينطلق من إسرائيل، بهدف زعزعة أمن سوريا، تحت شعار التغيير والإصلاح. نحن نسعى الى أن نكمل ما هو مجتزأ، ونكذب ما هو مفتعل، من باب واجب الدفاع عن الوطن».
نقول له بأن الدفاع عن الوطن لا يتناقض مع نقل صوت الشارع، فيعلق سارة قائلاً: «نحن أول من نزل الى الشارع. وهناك فقرة يومية في النشرة الإخبارية منذ انطلاقها منذ سنتين، تنقل أوجاع الناس، وتهاجم المسؤولين المقصرين. ومع بداية الأحداث الأخيرة، نحن أول من نزل ميدانياً الى درعا، وجوبا وسألنا المواطنين عن مشاكلهم ومطالبهم من الحكومة الجديدة، وآرائهم بالإصلاحات، وقد طالب بعضهم بتخفيض سعر المازوت، على سبيل المثال، وأكدوا «أن المخربين الذين يطلقون النار ليسوا منا». كما كنا سابقاً طرحنا موضوع البطالة بجرأة طالت بعض المسؤولين، الذين غضبوا من القناة لانتقادها لهم».
ويضيف: «إذاً الطرف الذي اسمع وجهة نظره هو الشعب، لا المخربون. ثم إن مراسلتنا تعرضت لتهديد في درعا، وتعرضت القناة للتشويش مرات عدة، وتمت السيطرة غير مرة على موقعنا الالكتروني مع إرسال تهديد مباشر لنا. كل ذلك يشي بأننا نتعامل مع مخربين، ومن يهدد بالقتل لا يمكن أن يطالب بالإصلاح».
نسأله عن كيفية تمييز مراسلي القناة بين المواطن الشريف من بين المتظاهرين، والمندس او المخرب؟ فيقول سارة: «نزلنا الى برزة، وساحة دوما وقد تجمع الاهالي حول مراسلتنا، وكان من بينهم من يصرخ ويرفع الصوت، وطرحوا مطالب ذات سقف عالي عبر شاشتنا، ولكن لا يمكن أن نحاور من يحمل السلاح».
نقول له بأن هناك معارضين وطنيين تفتقدهم شاشة «الدنيا»، فيرد بقوله: «ليس من معارض شريف يطالب عبر الفضائيات من الخارج بإغلاق مجلسي الشعب والشورى، علماً انه ليس في سوريا مجلس شورى! وآخر يدعى وحيد صقر يدّعي أنه استاذ في السياسات الإستراتيجية ويتحدث بطريقة تثير غضب الشعب السوري، وهو بشهادة إبنه «ما معو صف تاسع». وكان شرطيا مسجونا في سوريا لإخلاله بالقانون. وكل ذلك تبينه شاشتنا بالصوت والصورة. ومعارض ثالث يقول إن هناك عشرة آلاف متظاهر في السلمية وهو يتحدث من اللاذقية، التي تبعد عن السلمية حوالى 250 كيلومتراً، فيما أهالي السلمية أنفسهم تحدثوا يومها عن حوالى مئتي متظاهر خرجوا اليهم لطردهم وفك تجمعهم. نحن باختصار نحاول أن نكذّب عبر الصوت والصورة الفبركات الإعلامية وشهود الزور».
ويضيف: «المشكلة أن هناك حرباً إعلامية على سوريا من أكثر من جهة. فنقلت فضائيات عدة على سبيل المثال، في بداية الأحداث الأخيرة، أن هناك إطلاق نار كثيفا في درعا قرب الجامع العمري، فيما كانت سيارة النقل المباشر الخاصة «بالدنيا»، تبث في الوقت نفسه مباشرة أمام الجامع، بما دحض الشائعة بشكل جذري».
نقول له إنه ربما يساهم منع مراسلي أقنية عربية من التواجد ميدانياً في سوريا في التضليل الإعلامي، فيجيب سارة بقوله: «لا يوجد منع. هذا الكلام يروج له ولكنه غير دقيق. الكثيرون من مراسلي الصحف والفضائيات يتواجدون في أماكن الحدث. ولكن البعض يمتنعون خوفا على أرواحهم. ونسأل «الجزيرة» التي تبث عبر الأقمار الصناعية من مكاتبها في سوريا: «من منعكم من التواجد ميدانياً؟»ونحن نفرق بين القناة ومراسلها، لأن من يحدد سياسة المؤسسة ليس المراسل، بل إدارتها.