2012/07/04
أحمد الخليل - تشرين
انتهت عروض مسرحية (ليلة القتلة) للكاتب المسرحي الكوبي خوسيه ترييانا، من إعداد وإخراج مأمون الخطيب مع نهاية 2010 وهي العرض الأخير في العام المنصرم من عروض مديرية المسارح والموسيقا.
العرض يتحدث عن صراع الأجيال من خلال أخوة ثلاثة يعيشون صراعا مع الأهل المحملين بعادات وتقاليد يعتبرونها قيما ايجابية لكنها تتناقض مع رغبات الأبناء وطموحاتهم وعصرهم، منهم من يريد أن يقوم بثورة ومنهم من هو راض بالواقع الذي يعيشه ومنهم من يهرب من هذا الواقع، وكل واحد من أفراد الأسرة يعتقد أنه على حق، الأهل يعتقدون أنهم على حق والأبناء يعتقدون أنهم على حق وإذا لم يستطع هؤلاء تحقيق حلمهم فهم يحلمون بأنهم حققوه...!!.
بلال (يامن سليمان) هو الأخ الكبير الذي يقود الثورة على تقاليد الأهل بطريقة دائرية وعبثية منذ البداية حتى النهاية وليس لديه أي أداة من أدوات التغير ولا يعرف كيف يغير، أهله لم يعطوه مفاتيح التغير، هو حالة تمثل هواجس شباب الشرق حيث يريد كل أب من ابنه أن يكون نسخة (كوربون) عنه، بينما صبا (علا باشا) تحاول إيقاف هذا التمرد العشوائي الذي يتشكل فجأة من الإخوة على الأهل وتحاول إيصال فكرة أن هذا التمرد يؤدي إلى دمار الطرفين الأهل والأبناء، وأن يتفاهم الأبناء والأهل من خلال الحوار وإقناع الأهل بأهمية أحلام وطموحات الأبناء وصولا لصيغة تصالحية، أما هبا (ندى العبد الله) الأخت الصغرى بين الأشقاء فتريد تغيير الواقع الذي تعيشه مع الأهل عن طريق الهروب منه من خلال لعبة التغير وتبادل الأدوار التي تلعبها مع إخوتها.
السينو غرافيا الحاضنة
في العرض يخلق المخرج مأمون الخطيب سينوغرافيا تكون حاضنة لفكرة المسرحية فهي تساعد العرض على إعطاء دلالات وإشارات توضح مقولة العرض دون أي زخرفات مجانية لا لزوم لها، فالمخرج توصل مع مهندس الديكور لوضع ديكور هو مناخ يوحي بالمراد من خلال مساعدة الشخصيات عبر استخدام رموز معينة مثل (الطقم) الذي هو عبارة عن الأب والأم، و(الحبال) هي دلالات توحي بتماسك الجو العام عبر الربط بين الفراغات على الخشبة لتبدو عناصر السينوغرافيا مترابطة متناغمة لا تناقض بينها...
في (ليلة القتلة) ثمة بحث سابق حثيث ويومي عن كركترات تناسب الممثلين وتظهر كوامن وأفكار الشخصيات مع ترك هامش كبير للارتجال ضمن رؤية المخرج وتوظيفه درامياً مع الأحداث بما يتناسب مع الجو المفترض ومقولة النص، لذلك رأينا اتقانا بتجسيد الممثلين للشخصيات المختلفة التي لعبوها من خلال تبادل الأدوار وتقمص شخصيات الجيران والأب والابن والقاضي والمدعي العام...
كوميترا جيديا مسرحية
(ليلة القتلة) لعبة مسرحية بإطار (كوميتراجيدي) ليس فيها أي أثر لدم أو جثث هي ليلة حلم تراود الأبناء بقتل أهلهم الذين يشكلون عائقا أمام طموحاتهم وأحلامهم إنهم يتقمصون شخصيات مختلفة هي في نهاية الأمر صورة مصغرة عن مجتمع يعج بالمتناقضات وخاصة بين الأجيال المختلفة هذه التناقضات تكبح فعالية المجتمع وتعوق تطوره ...تجسيد الأخوة الثلاثة لشخصية الأب والأم والجيران و....هدفه التخلص منهم من خلال لعبة الحلول محلهم أو من التقاليد التي يمثلونها وهذا هو معنى القتل الذي يريده المخرج مأمون الخطيب انه قتل ينتمي لجريمة بيضاء أو هو قتل رمزي سببه تناحر الأجيال وأحقية كل جيل بتجريب أفكاره وأحلامه...
في ليلة القتلة نحن أمام عرض مسرحي متماسك من الإعداد وحتى تحية الجمهور فيها ابتكار حقيقي لحلول إخراجية ممتعة بصريا وغنية دلاليا، مع ممثلين شباب من خريجي المعهد الجدد استطاع المخرج بالمناخ الذي صنعه في العرض إطلاق قدراتهم ومخيلتهم لتجسيد شخصيات متنوعة تظهر مدى قدرتهم على الإمساك بالشخصيات وفهم دواخلها وطبيعة سلوكها النفسي والفيزيولوجي ...
مأمون الخطيب استطاع بالاشتغال على نص عميق وغني الوصول لعرض مكتمل وناضج فنيا وفكريا يناقش مسألة من أعقد مسائل القضايا في عالمنا الثالث ...ليلة القتلة واحد من العروض الممتعة التي قدمتها مديرية المسارح في عام 2010
النص من تأليف الكاتب الكوبي: خوسيه ترييانا
إعداد وإخراج: مأمون كامل الخطيب
إنتاج مديرية المسارح والموسيقا
تمثيل : ندى العبد الله، علا الباشا، يامن سليمان
دراماتورج وداد سلوم، مساعد مخرج رامي عيسى، سينوغرافيا وسام درويش، أزياء ريم الحلو، إضاءة بسام حميدي، الرؤية الموسيقية لمحمد آل رشي. [email protected]