2012/07/04
الحياة لا حدود لسلطة التلفزيون، هذا هو الاستنتاج المرعب الذي توصل إليه معدو البرنامج الوثائقي «لعبة الموت» الذي بثته القناة الثانية في التلفزيون الفرنسي قبل أيام قليلة. البرنامج مستوحى من التجربة التي أجراها الطبيب النفسي الأميركي ستانلي ميلغرام، مطلع الستينات لتقدير مدى إطاعة الأفراد للسلطة. وفي إطار تجربة ميلغرام، كانت السلطة علمية كونه تولى التجربة بنفسه في المختبر أما في «لعبة الموت» فإن السلطة هي سلطة الكاميرا والصورة. وعلى غرار ميلغرام اختار معدو «لعبة الموت» مجموعة من 80 شخصاً تطوعوا للمشاركة بعد أن أوهموا بأنهم يشاركون في برنامج ألعاب تلفزيونية. وطلب من هؤلاء المشاركين، توجيه أسئلة الى لاعب منفرد، وتوجيه شحنات كهربائية تراوح قوتها بين 20 و460 فولت اليه عند إدلائه بأجوبة خاطئة. وما لا يعرفه اللاعبون هو أن اللاعب المنفرد الذي يجيب عن اسئلتهم هو ممثل من الفريق المشرف على البرنامج وأن ما من شحنات كهربائية تصيبه عند كبسهم على هذا الزر أو ذاك لمعاقبته. وعلى رغم أن معدي البرنامج أكدوا بوضوح تام للمشاركين أن ما من مكسب مادي من أي نوع لقاء مشاركتهم في البرنامج، فإنهم وافقوا جميعاً على اللعبة على رغم قسوة شروطها. والى جانب الكاميرا، لعبت مقدمة البرنامج المذيعة التلفزيونية المعروفة تانيا يونغ دوراً مهماً في حض اللاعبين على توجيه شحنات كهربائية أكثر وأكثر قوة الى اللاعب المنفرد. وترتبت على ذلك نتيجة مذهلة، إذ ان 81 في المئة من المشاركين عاقبوا اللاعب المنفرد بشحنات كهربائية مميتة في الحالات العادية، استجابة منهم لمنطق اللعبة التي يشاركون فيها. وأظهر البرنامج الذي تبعه نقاش شارك فيه اختصاصيون في علم النفس وعلم الاجتماع، ان التلفزيون مثله مثل أي سلطة قادر على تحويل أشخاص عاديين الى جلادين وأن الخنوع والانصياع حيال أي سلطة يكشفان لدى الإنسان عن أوجه كان يجهل أنها بداخله. وكما كان متوقعاً ترتب على هذا البرنامج جدل واسع في الوسط الإعلامي الفرنسي نظراً الى جرأة التجربة التي أقدم عليها والحصيلة القاسية التي أسفر عنها، خصوصاً بالنسبة الى انعدام الإرادة على التمرد.