2013/05/29
رمضان ابراهيم – الثورة
منذ أن حفلت الشاشات العربية ببرامج المسابقات المختلفة سواء أكانت فنية أو ثقافية وسواء أكانت ابتكارية أو ملطوشة من محطات أجنبية أخرى بعد إضافة منكهات عربية عليها
فإن لجان التحكيم في تلك المسابقات ظلت على الدوام مثار جدل سواء أكانت إيجابية أم سلبية. ولعل الجدل الأكبر والتجاذبات الأكثر حدة هي ما تطفو على السطح في المسابقات الفنية إذ غالباً ما نشاهد مثل هذه التجاذبات خلال عرض البرنامج ولا نعلم حقيقة إن كانت تلك الإشكالات والتباينات في الرأي تأتي لزيادة الإثارة في البرنامج أم أنها حقيقية وأحياناً نجد توافقاً في الرأي بين عضو لجنة تحكيم وآخر لدرجة أننا نشتم رائحة تحالف وتوافق قد يكون في غير محله.
فمنذ أول برنامج للمسابقات الفنية تم عرضه وكان بعنوان نجم الخليج الذي ضم يارا وعبد الله الرويشد وسيد سعيد وتبعه برنامج ارب آيدول الذي ضم راغب علامة وأحلام وحسن الشافعي ونانسي عجرم إضافة الى برنامج صوت الحياة الذي شاركت فيه سميرة سعيد وهاني شاكر إلى جانب حلمي بكر وصولاً الآن إلى برنامج اكس فاكتور مع اليسا ووائل كفوري وكارول سماحة وحسين الجسمي مايعني أن معظم نجوم الوطن العربي باتوا خبراء لجان التحكيم الأمر الذي أثار انتقادات واسعة .
يمكننا القول بأنه تكاد لا تمر مسابقة إلا وتطفو على السطح بعد إعلان النتائج إشكالية التحكيم بل يبدأ الهمس بين المتسابقين بأن التحكيم لم يكن منصفاً ويبدأ هؤلاء بالقول بأن الفنان فلان أو الفنانة فلانة لا تستحق المركز الذي منحت إياه من قبل لجنة التحكيم أو بأن الفنان أو الفنانة كان مظلوماً من قبل هذه اللجنة وبالتالي يظهر السخط بصورة دائمة أو شبه اعتيادية خلال كل مسابقة تنافسية والحقيقة ان لجان التحكيم في اي مجال تنافسي لن تنال رضا الجميع .
ما سأتحدث عنه هنا هو ما أشار إليه الإعلامي طوني خليفة في برنامج للنشر والتي تحدث فيها عن استهزاء بعض لجان التحكيم ببعض الموهومين بأنهم موهوبين وعن نظرة لجان التحكيم للمشاركين في المسابقة وحتى كلمات الاستحسان من قبل مقدمي البرنامج إذ غالباً ما نسمع المقدم يغدق على مشارك ما الكثير من الألقاب والصفات مما يربك المتابع ويجعله أحياناً أسير تلك الألقاب .
في البرنامج المذكور ( للنشر) استضاف الإعلامي طوني خليفة المتسابقة رغد من العراق التي تلقب بـ /مجنونة هيفا/ كشاهد على الطريقة الخاطئة التي تعاملت معها لجنة التحكيم في برنامج آرب آيدول وخاصة من قبل حسن الشافعي أحد أعضاء لجنة التحكيم ولا أجد من الضروري التركيز عليها بل سأنتقل للحديث عن الفارق بين الطريقة التي كانت سائدة في برامج المسابقات أيام زمان كبرنامج استديو الفن الذي بدأ مع بداية 1972 والذي يعتبر أول برنامج هواة في العالم والذي خرّج العديد من الفنانين أمثال ماجدة الرومي ووليد توفيق وغسان صليبا ومنى مرعشلي وغيرهم الذين أغنوا الحركة الفنية على الساحة العربية وبين ما هو سائد اليوم .
في تلك الأيام كانت اللجنة مؤلفة من عدد من المتخصصين في الموسيقا والشعر والثقافة وكانت شبه خالية من نجوم الغناء على اعتبار أن التخصص هو الأهم فالمخرج المعروف سيمون أسمر الذي لمع مع برنامج استديو الفن تحدث عن الفارق الكبير بين أيام زمان وبين ما يحدث الآن من قبل لجان التحكيم وحتى من قبل مقدمي البرامج وأضاف: تغير العصر وتغير الناس الذين كانوا يعتمدون على اللجان الأكاديمية كي يوصلوا فنانين. اللجنة كانت عبارة عن أساتذة من مختلف الفنون ( شعراء موسيقيين مسرحيين عازفين وملحنين.. الخ) فالفارق بين لجان الأمس ولجان اليوم هو الفارق بين التلفزيون في الامس والتلفزيون اليوم .. إذ كان التلفزيون للثقافة والتربية في أكثر برامجه أما اليوم فالتلفزيون يعتمد طق الحنك والضحكة كي يستجلبوا المشاهد ومن هنا كانت الاستعانة بالفنانين الذين الفهم المشاهد ويتمنوا مشاهدتهم وتتبعهم.. بعض هؤلاء الفنانين مؤهلين ولكن بعضهم الآخر غير مؤهل .. أما الأستاذ الياس الرحباني فيرى أن هكذا برامج هي للتسلية.. الحياة بحاجة لنمرر فيها أشياء للتسلية وتعبئة الوقت .. أنا لدي طريقة أستطيع من خلالها أن أعطي رأيي بحيث لا أحدث صدمة لدى المشارك وبدون أن أجرحه.. بالنهاية يخرّج البرنامج الأحسن - طبعاً هذا رأيي – وهناك أمر لابد من الإشارة إليه وهو عدم وجود إنتاج منذ 1990 بالشكل المطلوب.. يضيف الاستاذ الياس الرحباني: المال الذي دفع في الشرق بلا سبب هو الذي هبّط الموسيقا.
إذا كان البعض يرى بأن لجان التحكيم بشر وهم معرضون للخطأ والصواب فإنه هناك من يخالفهم ويرى ان بعض لجان التحكيم يكون فيها عنصر مهيمن قد يقود اللجنة إلى ما يريده هو أو وفق أهوائه ورؤاه الشخصية أو الأسلوب الذي يحبذه ويميل إليه أو الأسماء التي يفضلها او يفضل أساليبها وتقنياتها إعجاباً منه بهذا الاتجاه والأسلوب في التعبير!!