2012/07/04
محمد منصور- القدس العربي رغم أنني أشعر بالتعاطف مع تجربة المخرج السوري وائل رمضان وزوجته الفنانة سلاف فواخرجي، في تقديم مسلسل تاريخي ضخم وكبير، يتصدى لشخصية عظيمة كـ(كليوباترا) تنتمي للحضارة الفرعونية التي تفرد بها أشقاؤنا المصريون كهوية لمجدهم القديم والعريق، ورغم أنني أشعر بأن واجبي أن أدعم هذه التجربة باعتبارها اختراقاً سورياً قوياً للساحة الفنية المصرية التي لا ننكر عراقتها، فإن مثل هذا التعاطف يتلاشى من دون شك مع مشاهدة الحلقات الأولى من مسلسل (كليوباترا) التي بدت منذ المشاهد الأولى لظهورها متحررة من كل مرجعيات التاريخ، ومن كل هالة المجد الفرعوني بتقاليده المعقدة والصارمة، وباحثة عن مكان لها تحت أضواء الكاميرات، من أجل تجسيد مسلسل تلفزيوني تظهر سلاف فواخرجي، وكأن الأمر قد اختلط عليها فعلاً، فباتت ترى في كليوباترا صورة عن الأميرة ديانا ومغامراتها العاطفية التي هزت التاج البريطاني، أكثر مما هي صورة لامرأة استثنائية من عصر ما قبل الميلاد، اعتلت عرش مصر وهي في الثامنة عشرة من العمر، في زمن مليء بالاغتيالات والاضطرابات والمنازعات العائلية، وعملت بقوة جبارة على إحياء مجد وقوة أسرتها البطلمية، وتطوير مملكتها في مواجهة قوة روما المتزايدة! شخصياً لم أشعر بالتفاؤل إزاء نص المسلسل الذي كتبه الكاتب السوري قمر الزمان علوش، فالسيد علوش له تجربة لا تنسى في العبث بسير المشاهير من خلال مسلسل (نزار قباني) الذي كتبه قبل سنوات، وظل زمناً طويلاً يحاجج ويدافع عنه باستماتة، رغم كل ما حفل به العمل من ركاكة وسطحية وقلة أمانة تاريخية... وبالطبع لم أستغرب حالة المجاملات التي كان يسديها المخرج وأبطال العمل للنص، الذي وصفه عالم الآثار المصري زاهي حواس بأنه (أسوأ من أن يتم تعديله أو يمكن إصلاحه) فالمجاملات هي خبز الوسط الفني، وغياب الاعتراف بالخطأ هو عنوان الترويج لأي عمل بين صناعه، قبل وبعد ظهوره للنور! ولا يتسع المقام هنا للخوض مفصلاً في جوانب خلل هذه الدراما التاريخية التي تأخذنا في رحلة سياحية سورية إلى ضفاف البحيرات في (مشقيتا) لنقتفي أثر فانتازيا (الجوارح)، من دون أن نجهل أن كليوباترا هربت إلى سورية عندما أطيح بها ذات مرة، ولن نتوقف طويلاً عندما يمكن أن يقال عن الطريقة التي تناول بها المسلسل عموماً سيرة هذه الملكة العظيمة... فعلماء التاريخ والآثار، أسهبوا في بحث هذا الجانب، وأشبعوه تشريحاً وتفنيداً... لكن ما يهمني هنا، هو جرأة التصدي لعمل تاريخي كبير من دون امتلاك تصور مكتمل عن روح العصر والشخصية التي يتحدث عنها المسلسل. ثمة حالة مغرقة في الخفة في الاقتراب من النوع الفني... أي من الدراما التاريخية التي يبدو إيقاعها مختلفا تماماً عن إيقاع الدراما الاجتماعية أو دراما الحياة اليومية المعاصرة... فالحركة المحسوبة للممثل، والتعبير المقتصد الذي يحمل مفاهيم وإشارات لها معنى متصل بزمنه، والإلقاء الذي يستحضر جلال اللحظة التاريخية، في عصر كان فيه الملوك تجسيداً للآلهة حسب زعمهم... كل هذا لا يتسق مع روح الأداء الذي قدمت فيه سلاف فواخرجي شخصية كليوباترا هاشة باشة تفيض بالانشراح، ولا مع الرؤية التي أدار فيها وائل رمضان شخصياته مرتكزاً ـ في التعامل مع كليوباترا خصوصاً- على هالة الجمال الذي يرى به نجمة عمله، ومتسامحاً مع ما توحيه هذه الهالة من سحر وجاذبية على حساب روح الدراما ومتطلبات الإقناع التاريخي... فعندما نرى كليوباترا تبتسم وهي تحيي عامة الشعب حتى يظهر سنها الأخير، فإننا بالتأكيد لا يمكن أن نقتنع أن هذه الملكة هي تجسيد لروح الآلهة كما كانت تنص بذلك تقاليد عصرها... بل هي أقرب ما تكون إلى نجمة تحيي جمهور المعجبين بها أمام كاميرا زوجها المخرج! طبعاً من غير المقبول أن نسمع تبريرات من قبيل أن مسلسل كليوباترا يتعامل مع التاريخ بحس إنساني، لأن إبراز الحس الإنساني، لا يكون من خلال تجريد الشخصيات التاريخية من خصوصيتها التي تنبئ عنها ما خلفته من آثار وتقاليد ورموز على الأقل... لهذا من غير المعقول أن نرى كليوباترا تسير في ممرات القصر الأسطوري الذي تعيش فيه، وكأنها تمشي أمام كاميرات حفل توزيع جوائز أدونيا في فندق الفورسيزن بدمشق! أخيراً ما أرجوه حقاً أن يكون الهجوم الذي يلقاه مسلسل (كليوباترا) بسبب هذه الصورة التي قدم بها، درساً لصناعه في أن يتلمسوا أخطاءهم بشجاعة، وأن يتفهموا حالة الرفض التي يقابل بها المسلسل، باعتبارها حالة نقدية يجب معرفة مبرراتها الموضوعية من داخل تلك المقالات والآراء لا من خارجها... فلا تلفق لزاهي حواس مثلاً، تهمة أنه يهاجم العمل لأنه اختلف مع الشركة المنتجة على الأجر الذي سيتقاضاه كمشرف على العمل، ولا توصف الصحافة المصرية التي تنشر بين اليوم والآخر آراءً شديدة اللهجة ضد المسلسل، بأنها تنطلق من دوافع عنصرية تجاه بطلة ومخرج وكاتب العمل الذين ينتمون للتابعية السورية... فليس كل ما يكتب ينطلق من هذه الدوافع أو الخلفيات حكماً، بل ان مثل هذه الآراء سنقرأها في الصحافة السورية أيضاً لو أن كاتباً ومخرجاً وممثلة من مصر تصدوا لإخراج عمل عن زنوبيا ملكة تدمر... وحينها سيتعامل الفنانون السوريون مع تلك الآراء باعتبارها دفاعاً عن رموزنا الوطنية، لا حالة شوفينية بالتأكيد! وبكلمة مختزلة: مسلسل (كليوباترا) عمل لن تنقذه حالة خلط الأوراق واتهام الآخرين بالتجني وسوء النوايا، مهما بلغت تلك المحاولات من البراعة وقوة الادعاء! الحاجة زهرة وزوجها السوري وما دمنا نتحدث عن الإسهام السوري في الدراما المصرية، فلا بد أن نتوقف بشيء من الخيبة عند مسلسل (الحاجة زهرة وأزواجها الخمسة) للكاتب مصطفى المحرم والمخرج محمد النقلي... وأنا لا أعبر عن خيبتي هنا من المستوى الذي ظهر فيه الكاتب والمخرج في هذا العمل السخيف والمفبرك، فمصطفى محرم منذ نجاح مسلسله الأسبق (الحاج متولي) قبل سنوات، تحول إلى ضحية لذلك النجاح المدوي لدرجة أفقدته رشده الدرامي، فراح يقلب بدلة الحاج متولي وجلبابه وقفطانه، ليصنع من بطانتها مسلسلات أخرى بالقماشة ذاتها، ساعده في ذلك مخرج مطواع بلا رؤية... لكن ما أشعر بالخيبة إزاءه حقاً، هي الطريقة التي ظهر فيها النجم السوري باسم ياخور. يظهر باسم ياخور في المسلسل باعتباره (كومبارساً متكلماً) يلوك عبارات الحب والإعجاب، في مشاهد تذكر بمشاهد (الحبّيب السنيد) في السينما المصرية أيام زمان، ثم يموت في الحلقة الثانية عشرة من المسلسل، من دون أن يخلف سوى ذكرى جميلة لكنها باهتة إذا ما قيست بما في سجل الحاجة زهرة من زيجات أكثر درامية وأهمية من زيجتها السياحية مع باسم ياخور! والغريب أن باسم ياخور الذي يظهر باعتباره شقيق الزوجة السورية للحاج فرج، والتي أدت دورها بظرافة الفنانة غادة بشور، يتكلم باللهجة المصرية، بينما شقيقته المتزوجة من مصري والتي تعيش في مصر منذ سنوات تتكلم اللهجة السورية! ما الذي يمنع أن يتكلم باسم بلهجة بلده مادام المطلوب (عريساً سورياً) سؤال يبدو رغم مشروعيته هامشياً إذا ما قيس بهامشية الصورة التي ظهر بها باسم في العمل ككل... فهل هذا ما تعد به المشاركات السورية في الدرامية المصرية، وجميعها في هذا العام هامشية ورديئة؟ أعتقد أن على الفنانين السوريين أن يحددوا أحجامهم الحقيقية في الدراما المصرية مستقبلاً... وهذه المشكلة لا يلام فيها أشقاؤنا المصريون، فهم يريدون تطعيم دراماهم بوجوه محبوبة في الخليج، لكنها أقل أجرا مما بات يطلبه نجوم الدراما المصرية الكبار في السنوات الأخيرة... والمسألة بالنسبة لهم عرض وطلب وتسليك أمور. من يلام في ذلك هو الفنان السوري... والفنان السوري حصراً! كيف أصبحت هيدي مذيعة؟! ليعذرني القارئ، أو لتعذرني قناة (المشرق) إن كتبت اسم مذيعة برنامج المسابقات اليومي (دراما تك) على شاشتها خطأ... فرغم أنني تابعت حلقات عديدة منه، إلا أنني لم أميز هل اسم هذه المذيعة الهيفاء اللحظ والقوام هو: (هيفي) أو (هيدي) أو (هايدي) فالمذكورة التي أول حرف من اسمها (هاء) تقدم برنامجها بدلع لا مثيل له، ولعل هذا الدلع لا يسمح لها بأن تفصح بجدية عن اسمها، ناهيك عن أنها أبعد ما تكون عن سلامة مخارج الحروف التي هي من أبجديات حضور أي مذيعة، لدرجة أن هذه المخارج لا تيتح لها ـ أيضاً- لفظ حتى اسمها بشكل واضح وسليم. أعتقد أن مذيعة برنامج (دراما تك) تنتمي إلى فصيلة من المذيعات يعرفها السوريون جيداً، لأنهم طالما شاهدوا نماذج منها على قنوات التلفزيون الرسمي السوري، فصيلة ما ان تظهر على الشاشة حتى ينشغل عنها المشاهد بسؤال لا ينفك ينغص عليه مشاهدته: ترى كيف أصبحت هذه مذيعة؟!