2012/07/04
زينب حاوي - السفير
لا توافق الكاتبة كلوديا مرشليان على القول ان ثمة طفرة في الدراما اللبنانية اليوم، فهي برأيها ما زالت «دون الحد الأدنى» مقارنة مع الدراما السورية أو التركية أو الخليجية التي تنتج عشرات الأعمال على مدار العام.
أما «طفرة» كتاباتها الدرامية فترده الى كونها «انسانة نشيطة»، بالإضافة الى أن «هذه الكتابات تلقى استحساناً لدى الجمهور الذي يطلب مشاهدتها أكثر من مرة»، الأمر الذي يجعلها تصّنف نفسها أنها «في المكان السليم»، مؤكدة في الوقت عينه أنها خارج أي قوانين تحكم كمّ الأعمال المتوجب تنفيذها خلال السنة الواحدة.
أعمال مرشليان اقترنت باسم المنتج مروان حداد الذي يملك شركة «مروى غروب»، في هذا الصدد تجزم بعدم وجود اي عقد مبرم بينهما «ما دمنا راضين عن أعمال بعضنا فنحن نعمل معاً» .
وعن عملها الدرامي الاجتماعي «غلطة عمري» (بطولة نادين الراسي وزياد برجي) الذي تعرضه حالياً قناة «أم تي في»، تقول انه يتناول موضوع أحوال المتخرجين الجدد من اللبنانيين حاملي الكفاءة، الذين يضحون في نهاية المطاف عاطلين عن العمل بفعل ما أسمته «النوع الجديد» من الفقر، «حيث تحول متوسطو الحال الى فقراء معدمين، هذا عدا مشكلة الحصحصة الطائفية والحزبية والاجتماعية التي تقضي على كل طموح لدى هؤلاء، وتضطرهم الى تقديم تنازلات أو الى الهجرة لتأمين معيشتهم».
وتلفت مرشليان الى أنها تحاكي في كتاباتها الدرامية المجتمع اللبناني بكل أطيافه، وتضع اللوم على الاعتقاد السائد بأن الدراما فقط يجب أن تنحصر في تناول العموميات. بل كل عمل برأيها يجب أن يعبر عن عينة من الناس، عن حالة واحدة من المجتمع. وأحياناً العمل الواحد قد يتضمن الحديث عن عدة فئات من المجتمع، كما حصل في مسلسل «أجيال» الذي جمع أكثر من عائلة وقصة تحت سقف مجّمع سكني واحد بين الأم الأرملة التي تحاول جاهدة تأمين معيشة أطفالها، وبين أخرى مطلقة تتأخر في دفع الإيجار نظراً لأحوالها المادية الصعبة.
تقول مرشليان ان كل تلك الشخصيات وتفاصيلها تستقيها من أسفارها واكتشافها جميع الحضارات، وانفتاحها على جميع الأديان والمذاهب، والتردد الى المسارح العالمية والأهم من كل ذلك مراقبة المحيط. فبرأيها الكاتب لا يستطيع أن يعيش في عزلة ويكتب دراما مثلاً، لافتة الى تميّز النمط الذي تتبعه والقائم على تناول عدة شخصيات في عمل واحد لأن «الحياة لا تقوم على قصة واحدة»، الأمر الذي يستحوذ على إعجاب الناس «لأنهم يرون أنفسهم فيها».
من ناحية أخرى، تعتبر أن الكتابة مسؤولية كبيرة، فهي، عدا عن طرحها القضايا ومحاولة التأثير في الجمهور، تستعين بمحامٍ وأطباء صحة جسدية ونفسية لأن بعض الشخصيات كما تؤكد تحتاج الى الاستعانة بهؤلاء لتجسيد كيفية تصرف شخصية ما إزاء حدث معين أو حتى قضية توزيع الإرث قانوناً وشرعاً وكذلك الزواج والطلاق، بحيث يشعر الجمهور بأن ما يشاهده حقيقي.
كثيرة هي الانتقادات التي رافقت أعمال مرشليان خاصة لجهة تناولها قضايا قد تندرج في اطار المحرمات في المجتمع اللبناني، كالكلام عن المثلية الجنسية بين امرأتين في «أجيال». وفي هذا الصدد تقول انها آخر من تحدث عن هذا الموضوع بعدما شُرّح اعلامياً على الشاشات، لكن الفرق هذه المرة أنها وضعت في قالب درامي وعولجت «بشكل لائق ولطيف» في حبكة معينة.
حالة «أجيال» سبقها عرض «مدام كارمن» في إطار سلسلة «للكبار فقط»، متناولا موضوع البغاء الذي تؤكد مرشليان أنه من «أقدم المهن في التاريخ» وموجود في كل لبنان وبشكل علني، وتقول انها أرادت الإضاءة على هذه الحالات التي قابلتها شخصياً في الطرقات، وتحديداً اللواتي تعرضن لشتى أنواع التعنيف والخداع، محاولة مساعدتهن نظراً للدوافع القاسية التي تقودهن الى هذا الطريق.
شكل مسلسل «مدام كارمن» البوابة التي دخلت من خلالها الدراما اللبنانية الى العالم العربي، من خلال شاشة «أم بي سي»، التي تعاونت مع مرشليان لتنفيذ تسعين حلقة من الدراما الاجتماعية اللبنانية «روبي» من إنتاج وإخراج سوري وتمثيل لبناني، وستعرض مطلع السنة المقبلة. وقد استتبعتها في ما بعد بتوقيع تسعين حلقة إضافية. هذه الخطوة كانت المدخل لتعبر مرشليان من خلالها عن استيائها لما يحصل في مجال الدراما اللبنانية من نقد وعدم اهتمام لوصول الأعمال اللبنانية الى العرب والعالم. فبرأيها الكل يمارس سياسة «تحطيم الآخر» من دون الالتفات الى ما يقوم به بعض الكتّاب والمنتجين.. من جهد مضنٍ وشاق.