2012/07/07
لؤي ماجد سلمان – تشرين
قناة فضائية تدعي بأنها متخصصة بالصحة العامة، تبث منذ مدة وتمكنت من جذب عدد لا بأس به من المتابعين في زمن قياسي،
وتعريفها حسب صفحتها «الفيسبوكية» بأنها (قناة سورية طبية اجتماعية ثقافية)! أي أنها ليست متخصصة بالطب فحسب، وإنما في أمور كثيرة أيضاً، فهي قناة جامعة شاملة! تعالج أمراض المجتمع من الجوانب غير الجسدية، كما أنها متخصصة في تثقيف المجتمع من الناحية الطبية. لكن ما تبثه هذه القناة لا يبشر بالخير، ولا علاقة له بالصحة لا من قريب ولا من بعيد، فمن ناحية لم نشاهد أي لقاء مع أحد الأطباء الاختصاصيين، أو زيارات ميدانية للمشافي والمختبرات الموجودة في سورية، أو حتى زيارة لطبيب أسنان، أو مختبر للتحاليل أو التصوير الشعاعي، وهي لا تقدم على أقل تقدير أخبار الطب سواء في بلدنا أو أي مكان في العالم.
ما نشاهده خلال ساعات البث الطويلة لا يعدو كونه إعلانات تجارية استهلاكية عن كريمات للشد، خلطات للتنحيف، وصفات لتنظيف البشرة، مراكز للتجميل والتدريب، وإعلان عن دورات خاصة لتجهيز العرائس، أو نقل للمفاهيم الشائعة عن العادات التي نمارسها بشكل خاطئ من الصفحات الإلكترونية (كطقطقة الرقبة) ومخاطرها، أو«احذر من هذه الأطعمة فهي تزيد من درجة الغباء»! وأحياناً نصائح مثل: «كوني سعيدة بما لديك ولا تحزني على ما ليس لديك» أما (البنرات) السفلية التي تظهر على الشاشة فقد خصصت إحداها للإعلان عن اللاصقات السحرية التي تسحب السموم وتساعد على التنحيف والقدرة الجنسية، بينما يتلقى الآخر رسائل المشاهدين، فإحدى السيدات متزوجة منذ عام وزوجها كان متزوجاً من أخرى قبلها، وعدد النطاف عنده صفر، وأخرى لا تزال تعرض مشكلتها الصحية ذاتها منذ أكثر من عشرة أيام، من دون أن يعرف الطبيب أو المشاهد نوع المشكلة أو الحل إن كان يمر بحالة مماثلة. كما يتخلل موجة الإعلانات بعض الأدعية والتضرعات، وأحياناً صور أطفال يبتهلون إلى الله لحفظ أهاليهم، والمباركة في ذريتهم.
باختصار، القناة هي «سوق جمعة فضائي» لكل الأشياء إلا الطب، تمنحك حرية التسول والتعرف على أمراض الجنس والحمل والولادة على أنغام أم كلثوم في أغلب الأوقات، فلا تجاعيد بعد اليوم ولا خسارة للشباب، وكأن الطب لم يعرف علاجاً إلا لحالات الشد والتنعيم، والقوة الجنسية، ومعالجة العقم. وهناك فقرة للأفكار الذكية أيضاً (!) كالتخلص من النمل والحبر والعلكة العالقة على الثياب!. إضافة إلى ذلك فإن طبيباً واحداً لا يظهر على شاشة هذه القناة، وهي لا تعرض برامج علمية طبية أو وثائقية، أما النصائح التي تقدمها فهي على طريقة (النسخ واللصق) من صفحات الإنترنت، وتقدم استنتاجات غريبة لا تدعمها بأي بحوث أو دراسات علمية مثل: حليب الأم يقي من العدوى بالايدز!.
نتمنى فعلاً أن تطل علينا يوماً ما قناة طبية سورية يشرف عليها أطباء متخصصون، تقدم الفائدة للمشاهد وتجنبه الانسياق وراء قنوات كهذه تعمم الجهل من خلال نصائح طبية لا يقبلها العقل، لأن النوم على الجانب الأيمن ليس أفضل بكثير من النوم على الجانب الأيسر، والبصل ليس مفتاحاً للسعادة دوماً!.