2013/05/29
لؤي سلمان – تشرين
في ظل التكاثر غير الحميد للمحطات والقنوات الفضائية، خصصت للمرأة العربية محطة خاصة بها تحمل اسم (هي) وتعنى بهموم المرأة وجمالها، لكن برامجها لم تستطع الخروج من صالات التزيين وشد الترهلات,
ساعة لجمالك مع كمال، وساعة لجمالك مع زياد، وساعة لجمالك مع عادل، ريبورتاجات خاصة بشركات صناعة مواد التجميل أو الإكسسوارات، ساعات بث طويلة مع مستحضرات العناية بالبشرة، والصحة بالنبات مع أحد المتخصصين، أرقام وفلك مع رجوى سعيد، مراكز عالمية متخصصة بنزع الشعر، وأخرى لزراعة الشعر، لكن كل ذلك لم يرض (قناة المرأة)، بل بدأت عبر موقعها على الصفحات الافتراضية، بركوب موجة النضال من أجل الديمقراطية والكرامة والمساواة، وحسبما جاء في بيانها «إن النساء تحق لهن الاستفادة من رياح الحرية كما الرجال تماماً» وكأن القناة انتبهت فجأة إلى منتج جديد يحظى بشيء من الرواج حالياً ويمكن تسويقه على شاشتها بنجاح إلى جانب مستحضرات التجميل!.
لا أحد يستطيع أن ينكر حق المرأة في التحرر من كل أشكال العبودية، ولاسيما المرأة الخليجية والسعودية، فمن حقهن المساواة مع المرأة السورية وغيرها من النساء العربيات, لكن كيف يستقيم ذلك جنباً إلى جنب مع برامج الفلك والسحر والشعوذة التي تفتتح بها القناة برامجها وتختم بها لتستمر ساعات الليل الطويل، لفك المربوط، وجلب الغائب، وحبس القرينة، ومس الجن، ومداواة الأمراض المستعصية، بكل آفاتها واختصاصاتها، غير الترويج الإعلاني الذي يجعل أحد المقدمين يفوق بعلومه علوم الشيخ الرئيس ابن سينا في الطب الروحاني، وكأنه معجزة القرن, هذا ما أكده بعض المتصلين مع القناة بتمجيدهم للعالم الروحاني الأول في هذا العصر الفلكي، الشيخ والأستاذ المحقق في عالم الماورائيات، الحاصل على ماجستير في التربية والدراسات العليا في الطب البديل وعلم الفلك!.
لا أحد يعرف كيف استطاعت قناة «المرأة العربية» الفضائية الجمع والتوفيق بين الثقافة والشعوذة لتتحول من قناة تنشد الارتقاء بالمرأة العربية إلى قناة ترويجية للسحر والإعلانات التجارية التي تؤثر في سلوك المشاهدين واختيارهم للسيطرة على عواطفهم وجعلهم فريسة سهلة تتقبل ما يقدم إليها بكثير من الرضى، فتخضع لسحرين، سحر الشاشة الصغيرة القادر على التلاعب بالمخيلة عبر تقنياته، وممارسته اليومية لهذا النوع من البرامج، وسحر العالم الروحاني صاحب العلم والألفاظ الجزلة، حتى أضحت هذه البرامج جزءاً من الخطاب الثقافي ولاسيما بالنسبة لأولئك الذين لهن ثقة كبيرة في العلاج بالسحر، فبدل أن تكون الوسيلة الإعلامية تساهم في توعية المشاهد، من خلال مشاركة علماء وأطباء ومثقفين تحولت القنوات الفضائية إلى محطات تعود بالإنسان إلى عصر الخرافة والسحر والجن، لكن مع سيدات فاتنات يحسنَّ فن المنيكور والبديكور، ولم يبق إلا أن تنتج كريستيان ديور وماكس فاكتور تمائم تناسب المرأة العصرية.