2013/05/29
جوان جان – تشرين
يشكل الاحتفال ببداية العام -عادةً- مناسبة للفضائيات كي تقدم إلى جمهورها أطيب أمنياتها بعام ملؤه السعادة والصحة والهناء،
لذلك تعمل الفضائيات على إنجاز برامج وفقرات تتناسب وهذا الاحتفال الذي ينبغي على المرء فيه في كل أنحاء العالم أن يشعر بالتفاؤل رغم الأجواء السوداوية التي تحيط بهذا العالم الذي لا يخرج من أزمة إلا ويدخل في أعمق منها وأكثر دموية. من هنا كان من واجب وسائل الإعلام -والفضائيات في المقدمة منها باعتبارها الوسائل الإعلامية الأكثر انتشاراً اليوم- أن تعمل على مساعدة إنسان القرن الحادي والعشرين على أن يستقبل أعوامه الجديدة بتفاؤل يساعده على التمكّن من حاضره وصياغة مستقبله بطريقة أفضل. وفي ضوء ذلك عملت فضائيات عربية متعددة في الأيام الأولى من العام الجديد على رسم صورة إيجابية إلى حد ما عما يمكن أن تكون عليه معالم العام الحالي. وباعتبار أن الشاذ لا يمكن إلا أن يكون شاذاً في كل شيء أبت فضائية «العربية» وفي اليوم الأول من العام إلا أن تشذ عن القاعدة وتبشر الشعب السوري بالمزيد من اللون الأحمر القاني الذي صبغ أيامه طوال العام المنصرم، إذ قدمت تقريراً شبيهاً بإنذار غورو سيئ الذكر تتوعد فيه سكان مدينة دمشق تحديداً بتدمير مدينتهم مستعينة في تهديدها هذا بشخص (سوري) أكثر منها شذوذاً وقدرة على سوق الأكاذيب والحيل، كيف لا وقد عُرِف عنه عندما كان يعيش في دمشق كل ما يخطر وما لا يخطر على بال الإنس والجنّ من سلوكيات!.
تعرفتُ إلى هذا الشخص عام 1989 على وجه التقريب عندما كنتُ طالباً جديداً في المعهد العالي للفنون المسرحية وكان هو في السنة الرابعة، وكان أول ما يلفت النظر إليه هو سلوكه العدائي العجيب تجاه جميع الطلاب في صفه والصفوف الأخرى والأساتذة والموظفين من دون أن يستثني أحداً من عدوانيته التي كان الجميع يؤكد أنها نابعة من شخصية معقدة وغير سوية من الناحية النفسية. حالة العداء هذه نقلها معه بعد تخرّجه إلى كل مكان عمل فيه وبالتحديد إلى الصحيفة اليومية التي عمل فيها والتي فتحت له أبوابها على مصراعيها وفسحت المجال أمامه كي يكون صاحب مشروع فيها، لكنه وبسبب العدوانية المتأصلة فيه حوّل الفرص الممنوحة له واحدة تلو الأخرى إلى منصات لتصويب سهامه باتجاه الوسط الثقافي والفني والإعلامي السوري، فلم يسلم أحد في هذا الوسط من سلاطة قلمه الذي وجّه سهامه إلى مختلف الاتجاهات من دون تمييز، وكم كانت دهشة الوسط الفني كبيرة عندما أخذ فنان كوميدي كبير بيده وكلّفه بكتابة ثلاثة أعمال تلفزيونية له كان الواحد منها كفيلاً بالإطاحة بالسمعة الفنية الكبيرة لهذا الفنان، لولا لطف الله الذي أبعد النقيضين عن بعضهما قبل أن يفوت الأوان. وبعدما أدرك الفنان الكبير مدى الهوة السحيقة التي سيجد نفسه فيها فيما لو مضى فنياً وإنسانياً مع هذا الشخص الذي لا يرِد ذكره اليوم في مجالس الوسط الإعلامي والثقافي والفني إلا وتتدفق على ألسنة الجالسين عشرات المواقف والأمثلة الشخصية من سلوكيات أقل من يقال عنها إنها شائنة.
بعد بدء الأزمة في سورية وجد المومأ إليه أن الفرصة أصبحت سانحة كي يوسع من دائرة سلوكه العدواني الذي اتسع ليشمل الوطن وأبناءه أجمعين بعد أن كان محصوراً في فئة المثقفين والفنانين، وباعتبار أن «العربية» كانت تواقة إلى تبنّي نماذج كهذه يحار المرء كيف يصفها، فقد وجدت فيه ضالّتها كي يكون محللاً سياسياً واستراتيجياً فيها وينضم إلى جوقة الحاقدين أينما حلّوا، فهنيئاً للعربية بنماذج كهذه تناسبها وتناسبهم!.