2013/05/29
سلوى عباس – البعث
مازالت الأزمة التي تعيشها سورية والتي تجاوزت السنة ونصف، محطّ تجاذبات وتباينات في آراء الفنانين والمثقفين السوريين ومواقفهم، ومازالت الاتهامات تطلق جزافاً بالتخوين والتشكيك لكل من اختار الوطن ملاذاً له ورفض ما يسمّى "الثورة السورية"، إذ تناسى المتشدقون بـ"سلمية الثورة" أن ما يحصل هو حالة خراب ودمار جعلت سورية ساحة للمخربين يعيثون فيها فساداً. ومنذ بداية الأزمة أخذت الاتهامات تكال بمكاييل التسفيه والخسّة، حيث وُجّه اتهام للفنان دريد لحام بانحيازه للوطن لأنه لم يقبل الخراب الذي يعصف بسورية، ولم يميّز هؤلاء المدّعون بين رسالته الفنية والإنسانية الهادفة إلى محاربة الاستبداد السياسي عبر مشواره الفني، وبين انتمائه لوطن سخّر كل تاريخه الفني من أجل الحفاظ عليه، لكن من باعوا ذممهم وأنفسهم للمتآمرين على الوطن اعتبروا خياره هذا رصاصة وجّهت إلى صدر الشعب السوري بدلاً من الأنظمة، وهو الاتهام نفسه الذي وُجّه للفنان بسام كوسا كمعارض لثورة شباب سورية وفق ما يزعمون، وأنهم تفاجؤوا بموقفه، فلقبوه برجل الأعمال محدث النعمة الذي هزم أخلاقيات الفنان في داخله، وللأسف فإنهم يعتبرون هؤلاء النخب- وجيد أنهم يعتبرونهم نخباً- قد سقطت من خلال مواقفها من الثورة ومعيارهم في هذا هو الولاء للنظام الذي يعتبرونه عدوهم الأول.
وفي السياق ذاته عاد الفنان غسان مسعود إلى صمته، بعد أن تفاءلنا بظهوره الإعلامي وتحليله الموضوعي لما يجري في سورية، وآرائه حول ذلك، لكن البعض فسّر كلامه على غير معناه فقرّر الانكفاء على نفسه، مبرراً ذلك بقوله: "طالما أن أحداً لا يريد أن يسمع إلا صوته، وطالما أن حوارنا تحوّل إلى حوار طرشان في هذا البلد، ونقاشنا أصبح نقاشاً بيزنطياً، آسف أن أقول إنني أنكفئ من جديد وأعود إلى صمتي".
من جهته عبّر الفنان سليم صبري عن استيائه من قيام بعض شركات الإنتاج السورية بنقل نشاطاتها إلى الأردن لتصوير الأعمال الدرامية التي ستنتجها، وعبّر عن عدم قناعته بالمبررات التي تطرحها هذه الشركات بقوله: إن الموسمين الدراميين الماضيين لم تكن ظروفهما الأمنية أفضل حالاً من الآن في ظل الأزمة التي تعيشها سورية، ومع ذلك أُنجزت الأعمال بشكل مقبول، وهذا يشير إلى قدرتنا على إنجاز مواسم أخرى في سورية مهما كانت الظروف. وأكد صبري أن هذه الخطوة ليست بشارة جيدة، لأن كثيرين سيتضررون من هذا الإجراء، وأولها غياب البيئة السورية الحاضنة الأساسية والبطل الرئيسي في الدراما السورية، لكنه في الوقت ذاته أكد مشاركته في الأعمال الدرامية السورية أينما أُنتجت، وهذا يؤكد موقف الفنان الوطني وحرصه على وطنية الإنجاز الدرامي السوري الذي شكل تاريخاً هاماً للكثير من الفنانين السوريين.
كذلك لم تتوانَ الفنانة كندا حنا عن الجهر بانتمائها لوطنها سورية ممثلاً بشعبه وقائده، عندما سئلت عن موقفها من الأزمة في حوار على إحدى المحطات الفضائية، وتمنت أن يشفى الوطن من أوجاعه، وهذه برأيها مسؤولية تقع على عاتق كل سوري، بأن يكون الجميع يداً واحدة مهما كلف الأمر من تضحيات حتى تعمر البلاد تحت قيادة الرئيس بشار الأسد.
وفي الضفة الأخرى نرى الفنان سامر المصري الذي نسي فضل بلاده عليه، حيث اختار أن يكون خارج الوطن في أزمته، وقابل النقد الذي وُجّه لعمله "أبو جانتي ملك التاكسي" في جزئه الثاني بأنه لم يقدم جديداً أو إضافة على الجزء الأول، بل قرّر الدخول في جزء ثالث بعد أن أعلن نيته التجوال في العواصم العربية لتقديم أجزاء من هذا العمل، فمن أسف أن يكون هناك من يأخذون من الوطن فسحة للترفيه والسياحة بعيداً عن إحساسهم بأي مسؤولية تجاهه!!.