2013/05/29
لبنى شاكر – تشرين
لن يمر عيد الجلاء هذا العام، كما مر سرياً لأعوام سبقت، نحن اليوم نستعيد ذكراه والسواد يلف شوارع البلد كما قلوب أبنائه.
نستعيد الجلاء، وفي العيون دموع تبكي كل من رحل، شهداء الوطن أينما كانوا لهم منّا أكثر من الدموع، لهم منا وقفة مع الذات، ذاتنا وذوات الآخرين، لهم منّا أيضا وقفة مع الوطن.
طويلاً غاب الوطن، سبقه إلينا الكثير ممن نحب، أجل أخطأنا حين غيبنا الوطن، واليوم نعود كما كنا دائما، أكثر خجلا، وأكثر ألما، وأكثر حبا.
في ذكرى الجلاء، كان للفنانة جيانا عيد، كلمة لـ«تشرين»، تروي فيها قصة الجلاء حتى اليوم.
قناع زورو
تقول عيد: إنه واهم، ذاك الذي يظن أن سايكس بيكو وذلك الاحتلال الاستعماري لأقطار وطننا العربي وخلق الكيان الوطواطي من بني صهيون، الذي يقتات على دماء الآخر العربي والمختبئ دائما بكهوف المؤامرات والظلمة والخيانة والفكر الاستعماري المرتدي لبوس المتحضر والمدعي المعرفة والثقافة مغطيا عينيه بقناع زورو وباتمان الخارق الممتشق سلاح الفتك بالسرعة القصوى عندما تتاح له أول فرصة سانحة.
يخطئ من يظن أن ذلك كله انتهى مع خلق ذلك الكيان اللاعق للدماء في ذلك الزمان، وليس امتداده المهول الظلامي الخفي هو ما يحصل الآن في عالمنا العربي من المحيط إلى الخليج. إذا هو استنساخ خارج عن معايير الأخلاق الإنسانية، وبأدوات مفضوحة هذه المرة فالكيان الصهيوني الدموي الغاصب قد زرع في قلب الوطن العربي، وتم ذبح وتشريد ونفي شعب فلسطين البطل، وصار أهله لاجئين مشردين مناضلين فدائيين مقاومين أجيالا خلف أجيال لاستعادة وطنهم وأرضهم، وحقهم في العيش فيه بكرامة كما يجب أن يكون.
حرب إبادة
ولكن عقيدة صهيون لا حد لامتدادها وجشعها وشهوانيتها، ووجودها يعني اللاوجود لشعب آخر، وعينها كما في العقيدة على الفرات، في امتدادها الجغرافي، إذا هي حرب إبادة مستنسخة عن ذلك الفكر الإفنائي للبلد والحجر، لأرض يجب أن تكون محروقة ولشعب يجب أن يباد.
تضيف عيد: إذا هي حرب استبعد فيها الاستعمار والاحتلال ومعاهدات التقسيم القذرة شكلا عن ساحة المعركة الجديدة (أرض الشام، سورية شريان الحياة والمقاومة والامتداد الحضاري للعالم العربي)، وقود المعركة هم أهلها أنفسهم يفني فيها الأخ أخاه بادعاءات ومصالح وأسباب مختلفة، وكلما ازداد عدد الضحايا وكثر سيل الدماء بين السوريين وخلت الأرض السورية الوطن من مواطنيها كرس الفناء ليأتي المستنسخون الجدد المشوهون أخلاقا ومبادئ، أحفاد سايكس بيكو، والصهيونية العالمية، ليحتلوا سورية أرضا خاوية من أبنائها، وسالبين معهم من استنسخوا من ذوي العقول الزرقاء ومن اختارهم يهوى لشعب لا يعادله آخر، ليستمتعوا بخيرات ما فوق الأرض السورية، وما في بواطن أرضها لكن هيهات هيهات فالسوريون دعاة حياة، وليسوا أبناء للموت, وقوتهم في حضارتهم فتعالوا يا أبناء العظمة والخراط والعلي والأطرش وهنانو، تعالوا أينما كنتم وكيفما كنتم ما قبلتم الذل ولا ارتضيتم الهوان، أعلنوا التوحد والمقاومة وتجاوز الخلافات والضغائن وكرسوا ثقافة الحياة والعدل والمشاركة حتى يعود العلم العربي السوري يرفرف فرحا بكم في سماء سورية ولنعلن دفاعنا عن قيمنا وأخلاقنا وقوة إنساننا من أجل الحق وصنع الكرامة والسيادة والوطنية وليكون جلاء هذا الكرب والحزن والسواد عن قلوبنا وجلاء الدمار والموت والفناء عن هويتنا وسوريتنا، عن بلدنا الغالي النموذج الحضاري الذي نفخر به.
وتختم عيد: لتزهر دماء شهدائنا حياة كريمة عادلة جميلة أبية على الظلم والقهر والتهميش والإلغاء ولننهض ببعضنا كطائر الفينيق الذي يولد بعد الحريق أقوى وأكثر عزما وأشد تحليقا معتليا قمة الجلاء وإشراق النصر.