2012/07/04

«فيغارو» موزار تزوّج في دمشق
«فيغارو» موزار تزوّج في دمشق

انس زرزر - الاخبار

إنّها المرة الأولى التي تحتضن سوريا عملاً أوبراليّاً يقوم بالكامل على مواهب محلية. لكنّ هذه النسخة من «زواج فيغارو» التي تأتي ثمرة تعاون فني بين مؤسسات أوروبيّة عدّة، لم تخل من بعض نقاط الضعف

تدريبات مكثفة استمرت عاماً كاملاً، بمشاركة مجموعة كبيرة من الفنانين السوريين الشباب من موسيقيين ومغني أوبرا، استعداداً لتقديم «زواج فيغارو» التي كتبها الفرنسي بيار بومارشيه عام 1784. يومها، منع الملك الفرنسي لويس السادس عشر المسرحية وأمر بسجن مؤلفها. وبعد عامين، قام ولفغانغ أماديوس موزار بتحويلها إلى عمل أوبرالي، ما زال إلى اليوم من أشهر أعمال الريبرتوار.

وقد جاءت النسخة الدمشقية من رائعة موزار ثمرة تعاون فني وتقني بين «المركز الثقافي الفرنسي» و«دار الأوبرا» السورية، و«معهد غوته» في دمشق، والسفارة الإيطالية، وبدعم من صندوق «الإليزيه» الفرنسي ـــ الألماني.

تمثّل أوبرا «زاوج فيغارو» الجزء الثاني من ثلاثية بومارشيه («حلاق إشبيليا»، «زواج فيغارو» و«الأم المذنبة»)، وتتميز أحداثها بالرشاقة والطابع الكوميدي الخفيف. تحكي عن الحب والخديعة ضمن تصاعد تدريجي للحكاية، وتمثّل مشاهدها المتتالية فصول الأوبرا الأربعة، حيث تنكشف حقيقة الخديعة والغواية. أما النهاية فلا بد من أن تكون سعيدة حين يظفر كل عاشق بقلب محبوبته. مخرج النسخة السوريّة، الفرنسي كريستيان دوما، اختار عدداً من أساتذة المعهد العالي للموسيقى في دمشق (رشا رزق، وبيار خوري، وإياد دويعر، ومنار نوير، ونهى زروف) وطلبته (مكسيم أبو ذياب، وناجي حمود، وكريستينا إسحاق) لأداء الأدوار الرئيسية والثانوية على حد سواء. لكنّ هذا العنصر أدّى إلى تفاوت واضح في مستويات الأداء على الخشبة، ما أضعف العمل في أحد جوانبه.

عن ذلك، تقول رشا رزق لـ «الأخبار»: «علينا ألا ننسى أنها التجربة الأولى للطلبة المشاركين في العمل. إنه امتحان صعب جداً في ظل غياب هذا النوع من العروض عن مسارحنا، واقتصار ما نقدمه على بعض المشاهد في الامتحانات خلال سنوات الدراسة». العمل جنح نحو البساطة في السينوغرافيا التي أشرفت على تنفيذها بيسان الشريف، واقتصرت على ثلاث ستائر وبعض قطع الديكور والأكسسوار. لكنّها كانت كافية لتحاكي أجواء قصر الكونت ألمافيفا، مسرح الأحداث. حلول ومقترحات مختلفة، قدمها صناع العمل للجمهور في محاولة لتبسيط عملية تلقي عرض أوبرالي ناطق بالإيطالية، يمتد قرابة ثلاثة ساعات ونصف ساعة. وترافق العرض ترجمة عربية للحوار عرضت على شاشة صغيرة، كذلك يوزّع على المشاهدين كتيب حوى فكرة الأوبرا، وملخصاً عن كل مشهد من فصولها الأربعة.

وقد تناوب كل من قائد الأوركسترا الألماني يوليوس كالمار ومايسترو الفرقة السيمفونية الوطنية السورية ميساك باغبودريان، على قيادة الأوركسترا التي ضمت 30 عازفاً سورياً. قدمت الأوركسترا أداءً مقنعاً ومتفهماً لطبيعة الأوبرا التي تتطلب تقطيعاً موسيقياً، مختلفاً تماماً عن الحفلات الموسيقية العادية. وعن سبب اختيار مخرج فرنسي للإشراف على العرض، قال باغبودريان: «إخراج عمل أوبرالي يتطلب بالضرورة مخرجاً مسرحياً قادراً على قراءة العمل الموسيقي، وتفهم نوطته وأسلوبه، هذا ما نفتقده في مخرجينا المسرحيين المحليين، ما تطلب الاستعانة بخبرات خارجية».

ولعلّ أهميّة الحدث، أنها جديدة تماماً من نوعها في سوريا. فهي المرّة الاولى التي تقدم فيها أوبرا عالمية، تعزف موسيقاها، وتؤدّي أدوارها، مواهب وطاقات محلية بنحو كامل. ويأمل القائمون على المشروع «أن يكون خطوة جديدة نحو تكريس هذا النوع من الفنون لدى الجمهور السوري، وخلق ريبرتوار لفن الأوبرا يتكرر سنوياً»، وفق ما يقول المشرف الفني على العمل نبيل أسود.