2012/07/04
راسم المدهون - دارالحياة
في كلّ اللقاءات التلفزيونية التي أجرتها القنوات الفضائية العربية والعالمية مع نجلي العقيد معمّر القذافي، سيف الإسلام والساعدي، ظلّ
السؤال الأهم غائباً: ماذا يمثل الشابان؟
لاحظنا في تلك المقابلات أن الذين أجروها كانوا يقدّمون نجلي العقيد بصفاتهما المهنية التعليمية وحسب، أي أنهما لم يعرّفا عن نفسيهما
كمسؤولين رسميين لهما مواقع قيادية في الدولة الليبية التي يقف على رأسها والدهما، الذي حرصا عند الحديث عنه على استخدام لقب القائد
مسبوقاً باسمه، وفي أحيان أخرى بلا ذكر الإسم
هي من دون شك ملاحظة تشير إلى طبيعة النظام الذي بناه معمّر القذافي خلال العقود الأربعة الماضية، والتي جعلت كثراً من المعلقين في
الفضائيات العالمية يشيرون إلى أن القذافي أقام نوعاً من الفوضى المسيطر عليها، والتي تجعله صاحب الكلمة والقرار من دون أن يكون كذلك
رسمياً، لأنه وفق نظام اللجان الشعبية مجرّد رمز كما يقول، وليس له أيّ منصب رسمي في الدولة
في كلّ اللقاءات التلفزيونية لسيف الإسلام وأخيه الساعدي، كانت الحوارات تعبّر عن سلطة القذافي وآرائه ومواقفه وما ينوي القيام به، أي أننا
كمشاهدين كنا أمام شخصيات مسؤولة ومن العيار الثقيل، ولكن أيضاً من دون أن نتمكن من القبض على صفة رسمية للمتحدث يمكن أن تلزم
دولته ونظامه بما يقول
ظرفاء علقوا على تلك الحالة بنكتة شاعت مع الأحداث الليبية تقول إن الشعوب العربية في مصر وتونس واليمن خرجت لإسقاط النظام، في حين
هبّ الشعب الليبي لإسقاط الفوضى، وهي نكتة تجد سندها وصدقيتها في تلك الحال الزئبقية التي تجعل المسؤولية عن أي شيء في ليبيا
«غامضة»، تقع في مساحة رجراجة وغير محددة اسمها اللجان الشعبية، التي أريد لها أن تعبّر عن حكم الشعب نفسه بنفسه! كان لافتاً في
إحدى خطب القذافي التلفزيونية قوله إنه ترك لكل فرد من أفراد الشعب الليبي حصته من نفط البلاد ليفعل به ما يشاء. كنا نستمع الى ذلك
التصريح ونتخيل كيفية «توزيع الثروة النفطية» بتلك الكيفية البدائية التي تنسجم مع ذهنية العقيد
هي لقاءات وحوارات «ثمينة»، ونعتقد أننا سنتذكرها، ونتذكر كيف كانت الشاشات التلفزيونية فضاء لشكل غير مسبوق من طغيان التجهيل
والفوضى