2012/07/04
عبد الرحمن سلام - الكفاح العربي
أين الفنان العربي في "الربيع العربي"؟ ما هو دوره وما مدى تأثيره في الجمهور العربي الثائر؟ المسرح المصري شهد الكثير من المنافسة الدرامية بين أهل الفن وأهل السياسة، حيث لعب بعض الفنانين أدواراً وطنية جريئة أدخلتهم إلى نجومية جديدة أكثر شعبية من نجوميتهم السابقة.
الفائز الأول بجائزة "الثورة" كان الممثل عمرو واكد الذي اتخذ من ميدان التحرير مسرحاً لتأدية دوره الثوري ودعوة "الثوار المستمرين بالوجود في الميدان إلى عدم الانسحاب، قبل أن تتحقق مطالبنا، ومن ابرزها، تنحي المجلس العسكري، سياسيا، وبشكل تام ونهائي، وعودة الجيش الى ثكناته، وتشكيل حكومة انقاذ وطني كاملة الصلاحيات وغير مسلوبة الارادة ولا يتحكم بمفاصلها المجلس العسكري".
أما الفنان احمد عيد، فأوضح ان المجلس العسكري اثبت انه لا يجيد لعبة السياسة. وتساءل: لماذا يلجأ هذا المجلس الى العنف؟ ومن سينسى الـ35 شهيدا (في اشارة الى ضحايا المصادمات التي جرت اواخر تشرين الثاني/ نوفمبر 2011 بين القوى الامنية من جهة ومعتصمي "ميدان التحرير" من جهة ثانية).
الفنان خالد النبوي، كانت له ايضاً مواقف مناهضة لمواقف المجلس العسكري، حيث أكد ان خطاب رئيس المجلس العسكري لم يقنع ثوار ميدان التحرير لأنه لم يتضمن اي اعتذار مباشر لهم او للشهداء الذين سقطوا.
الممثلة تيسير فهمي، والتي خاضت الانتخابات الاخيرة، وحققت نسبة معقولة من الاصوات، اكدت انها لن تغادر ميدان التحرير قبل الاستجابة الكاملة لمطالب "ثوار الميدان"، وانهاء الحكم الانتقالي المضطرب الذي قتل الشعب، مضيفة ان ثورة 25 يناير لن تضيع، وأن الاجتماعات مستمرة بين شباب الميدان، وانها موجودة في كل تحرك داخل الميدان بصفتها مواطنة مصرية، وفنانة، ومسؤولة عن حزب سياسي.
أما الممثلة صفية العمري التي تحمل رسميا صفة "سفيرة السلام في الشرق الاوسط"، اعلنت تأييدها للمعتصمين في "ميدان التحرير" ووصفتهم بـ"الوطنيين"، لكنها، اعلنت ايضا عن دعمها للمجلس العسكري ولا توافق المطالبين برحيله، أقله في الفترة الراهنة، وإلى حين الانتهاء من اعادة اوضاع مصر الى نصابها، وأنها ترى أن مثل هذا الرحيل قد يخلّف صراعا سياسيا وربما دمويا، حول الشرعية، ومن يتولاها، ومن يمثلها. وتذّكر صفية العمري ثوار "ميدان التحرير" بأن القوات المسلحة، بمجلسها العسكري، وقفت الى جانبهم ووفرت لهم الحماية، حين كان البطش بهم سيد الموقف. وتنهي انها مع كل مطالب المعتصمين في "ميدان التحرير"، ومنها الغاء المحاكمات العسكرية وتحقيق العدالة الاجتماعية، لكنها ترفض مطالبتهم بمقاطعة الانتخابات، وهي، كما اعلنت، شاركت، وناشدت كل المصريين التوجه للصناديق، لأن الانتخابات تشكل الضمانة الأساس لتحصين الوطن.
الممثلة صابرين، اعلنت انها مع "الثوار" المستمرين في "ميدان التحرير"، خصوصا وأن البعض يحاول سرقة ثورتهم، وبالتالي، من حقهم استردادها ولا يعقل ان يكونوا هم صناع الثورة ثم تأتي تيارات سياسية او دينية اخرى لجني الثمار. وتضيف: لكنني اناشدهم التعقل والحكمة، حرصا على مصر من الضياع.
اما الممثل خالد الصاوي والذي يعتبر من رواد "ثورة 25 يناير"، فقد ابدى قلقه من كل ما يحدث في "ميدان التحرير" أخيرا، معلنا تخوفه من ان يكون النظام السابق لا يزال يحكم ويتحكم؟ ويضيف انه مستمر في تأييد "معتصمي التحرير" لأنهم يعبرون سلميا عن مطالبهم، ويرفض بالتالي اراقة الدماء بحجة الحفاظ على الاستقرار.
لا شك في ان كل هذه الآراء، رسمت صورة واضحة لمواقف الكثيرين من اهل الفن من الاحداث التي نتجت عن "ثورة 25 يناير"، وايضا عن كل ما يجري في الشارع المصري راهنا. لكن ماذا عن موقف اهل الفن من الانتخابات التي جرت، وعن نتائجها التي اسفرت عن تقدم واضح للتيارات الاسلامية والسلفية؟
المخرجة المثيرة للجدل، بحسب ما يصفها الاعلام في مصر، ايناس الدغيدي، وبعد أن ادلت بصوتها، نفت كل ما تردد عن نيتها الهجرة والخروج من مصر، معلنة انها، وكلما زادت سيطرة التيارات الدينية والمتزمتة على البرلمان وتزايدت احتمالات وصولها الى الحكم، تزايد تمسكها بالبقاء في مصر للنضال ضد الافكار السلبية التي تهدد الحريات في المجتمع المصري.
أما الممثلة غادة عبد الرازق، ومنذ أن اعلنت موقفها المنحاز لنظام الحكم السابق، واستمرارها حتى اللحظة بتبني هذا الموقف غير عابئة بكل الحملات التي تشن عليها، فهي حاليا تواجه عددا من النشطاء الذين يواصلون تدشين صفحات جديدة على موقع التواصل الاجتماعي (الفايسبوك) وكلها تدعو الى مقاطعة فيلمها "ريكلام" المقرر عرضه في اجازة نصف السنة في مصر. وذكر احد النشطاء ان الحملة لمقاطعة فيلم غادة عبد الرازق مستمرة، ولسببين رئيسيين: اولهما لما يحتويه من مشاهد مثيرة تؤديها بطلة الفيلم، وأيضا، لأن الممثلة موصوفة بمعاداة "ثورة 25 يناير" واسمها على رأس القائمة السوداء التي تضم اسماء الفنانين اعداء الثورة (بحسب النشطاء).
ورغم تمسك غادة عبد الرازق بمواقفها الرافضة لكل ما جرى منذ "25 يناير"، إلا انها تتخوف من استمرار شبح المقاطعة لأعمالها، كما تخشى الشركة المنتجة انخفاض نسبة الاقبال الجماهيري على الفيلم، خصوصا بعد تراجع اسهم الممثلة عبد الرازق واعتبار مسلسلها "سمارة" الذي عرض في رمضان 2011، "الأسوأ" بين مسلسلات العام المنصرم.
إذاً، بين شبح المقاطعة لـ"أعداء الثورة" وبين التأييد الجماهيري المطلق لمناصريها، لم يعد نجاح الفنان المصري أو فشله رهناً بموهبته الفنية وجدارته في تأدية الأدوار الصعبة، بقدر ما باتت رهاناته السياسية هي التي تحكم إن كان يستحق الفوز بجائزة أفضل ممثل.