2013/05/29
فجر يعقوب – الحياة
ما إن بدأت الدائرة تضيق من حول الداعية المتشدد عبدالله بدر مع إفلاس معركته ضد الفنانة إلهام شاهين، حتى بدا أن الرجل قد أصبح في موقف لا يحسد عليه. لم يكن ممكناً توصيف موقفه الجديد في المعركة الحامية الوطيس التي قادها عبر قناة «الحافظ» الفضائية، واستغل كل الذرائع ليصل إلى هدفه حتى وصل به الأمر لأن يقود تظاهرة علنية يحمل فيها «صوراً» مفبركة للفنانة شاهين سرعان ما تبين أنها تعود إلى فتاة ليل رومانية، وأن من قدمها له، تلاعب بها من خلال برنامج «الفوتوشوب»، وهي لا تحمل قيمة من أي نوع.
بدر الذي تراجع عن مواقفه المتشددة في هذه الآونة بسبب صدور حكم ضده لمصلحة شاهين كشف عن هوان لا مثيل له في التعامل مع قضايا مجتمعية من هذا النوع. بل أن القضية برمتها لم تكن تحتمل مثل هذا التشهير الذي طبّل وزمّر له في بلد مثل مصر. القضية اليوم تحولت إلى جنحة جنائية بطلها داعية متشدد ظهر فيها على حقيقته، إذ ثبت بالدليل القاطع أنّ لا علاقة له بجامعة الأزهر التي نسب نفسه إليها، وهو لا يحمل شهادة أستاذ علم التفسير، كما كان يُعرّف به عندما كان يطل مهدداً الفن والفنانين عبر الفضائية.
الآن يبدو الداعية في موقف لا يحسد عليه. قد يبدو هذا صحيحاً. ولكن من قال إن الجو من حوله سيكون معادياً له إلى درجة أن الرجل قد يختفي من المشهد العمومي، ويؤثر عدم الظهور على الفضائية التي ساهمت بإقلاق المجتمع المصري وتهديد سكينته، وترويع السلم الأهلي بمفردات منقرضة لا تمت بصلة للدين الحنيف.
ربما يغدو تراجع بدر مناسبة لقراءة موقفه من زوايا مختلفة، فلم تكن مواقف شخصية أسيرة مجالس خاصة، وسيبدو من الصعوبة فهمها في ضوء التجاذبات الخطرة التي لا تزال تكتنف حضوره على الفضائية ذاتها، على رغم انكشاف حقيقته، ليس لجهة الصور المزيفة فحسب، بل ولعدم امتلاكه أي شهادة علمية تؤهله بالظهور على منبر عام من أجل البت بمستقبل هذا أو ذاك.
صحيح أنه توجه بخطابه أخيراً إلى إلهام شاهين بقوله إنه ليس متخلفاً ليقول عنها كافرة، ولكن بعض ما يقدم باسم الفن يشكل معصية، وهو ليس فضّاحاً ليقول ذلك.
لن يطول الأمر بالداعية المتشدد لينال عقابه. هذا لا يبدو مهماً. حكم عام واحد قد يبدو مسألة عادية بالمقارنة مع التهديد الذي شكله ظهوره في الفترة الماضية على فضائية «الحافظ» ليهدد ويروع ويحرّف حقائق كثيرة عن مسارها. والأخطر هو الاستسلام الجماعي لـ «قدراته» عبر فضائية أدمنها وأدمنته.