2012/07/04
سهر مهنا - البعث
"فراس إبراهيم" نجم سوري متألق حقق نجاحاً لافتاً درامياً وإنتاجياً حيث قدم العديد من الأعمال التي حققت حضوراً هاماً على الساحة الدرامية السورية والعربية كمسلسل "أسمهان" و "في حضرة الغياب" الذي تناول سيرة حياة الشاعر الفلسطيني الراحل «محمود درويش» وقد لاقى هذا العمل جدلاً ولغطاً في الوسط الفني والثقافي العربي، مرده أن العمل لم يقدم تاريخ الشاعر بحقيقة ومصداقية لكن الفنان فراس ابراهيم الذي التقته البعث في حوار اتسم بالصراحة والشفافية أكد لنا أنه قدم العمل لأصحاب الثقافة المحدودة في مجال الشعراء وحياتهم، .. بداية حوارنا معه سألناه عن فراس الإنسان بعيداً عن الفن فأجاب:
<< منذ فترة كنت أعلم أما الآن ملتبس علي تقييم نفسي لأني أصبحت مجموعة أشياء بسبب الظروف العامة والعوالم التي تقتحمنا بشكل يومي ، والتي وضعتني أمام مجموعة من الأسئلة كبيرة جداً، أستطيع أن أجيب بشكل تقليدي لكنك تسألينني بالوقت ذاته الذي أسأل فيه نفسي: فراس أين موقعك حالياً وماذا تفعل وإلى أين تريد أن تصل.
< البعض يرى أن مسلسلات السيرة الذاتية تقدم للجمهور شخصيات لم يعاصروها. ألا ترى أن تجسيد شخصية الشاعر الكبير محمود درويش مغامرة خاصة وأنها مازالت في ذاكرة الناس؟
<< رغم أن محمود درويش رمز وشاعر كبير لكنه ليس بذاكرة كل الناس بل بذاكرة البعض منهم، فالشعراء والمثقفون والجامعيون هم فقط الذين يعرفونه رغم كل هذا الزخم، أما ربات البيوت وأصحاب الثقافة المحدودة هؤلاء هم الذين توجهنا لهم لتقديم القضية الفلسطينية من خلال "محمود درويش" بعدما تحولت هذه القضية لشكل إخباري و تقديم شخصيات سياسية، فنحن قدمنا قلب فلسطين من خلال ( محمود درويش – غسان كنفاني –فدوى طوقان – راشد حسين-سميح القاسم) فلسطين التي بنيت على أكتاف هؤلاء الأشخاص، ولم يكن هدفنا صغيراً لدرجة أننا كنا نريد تقديم سيرة ذاتية عن شخص ما ، عندما قررت البدء بهذا العمل لم يكن لدي أي شعور بالخوف أو أنني سأدخل في مغامرة لكن التصعيد الإعلامي هو الذي جعل منه تحدياً ومغامرة ، فالعمل كان طموحي على الرغم من أن البعض وصفوه أنه حلم من أحلامي ، لكنني أفرق بين الطموح والحلم ، الطموح هو الشيء الذي أستطيع فعله وتطوير إمكاناتي من خلاله أما الحلم فلا يتحقق دائماً، وهذا بعيد عن فكرة مسلسل تلفزيوني فمن غير المعقول أن تكون فكرة إنتاج مسلسل مجرد حلم لشخص، وأنا طموحي كبير وأعمل على تطوير إمكاناتي ليصبح طموحي قريباً منها .
< بعد هذا اللغط الكبير الذي أثير برأيك هل حققت طموحك؟
<< بالتأكيد، فالهجوم الذي سبق العمل منذ إعلاني عنه منذ 3 سنوات شكّل بداخلي تحدياً دفعني لتحقيقه، وبرأيي التاريخ هو الذي سينصف هذه النوعية من الأعمال لأنها للمكتبة والذاكرة.
* شاركت في العمل المصري "اغتيال شمس" ووقفت إلى جانب صفاء أبو السعود وأمام كاميرا المخرج مجدي أبوعميرة ماذا أضافت لك هذه التجربة؟
<< على المستوى الفني لم تكن هناك إضافة ولم تحقق لي قفزة بقيت بالإطار العادي، أما من حيث الفكرة كانت مهمة جداً، فالعمل لاقى نجاحاً في مصر، وأنا لا أستطيع الحكم هنا، فالجمهور هو الذي يقدر إذا أضاف لي فنياً أم لا ، من جهتي وجدت الدور مناسباً بالإضافة لمشاركتي بأعمال أخرى هي "أحلام كومبارس" و "ساعة الصفر" و "أسعد الوراق" وكنت سعيداً جداً لأنها ليست من إنتاجي.
< وماذا قدمت لك هذه الأعمال؟
<< في مسلسل "أسعد الوراق" مثلاً قدمت نفسي بشكل مختلف و صيغة جديدة لم يسبق لي أن قدمتها واستمتعت بالتجربة مع المخرجة "رشا شربتجي" .
< كيف تقيم اتجاه بعض الفنانين في سورية إلى الإنتاج أو الإخراج هل لأن لديهم رؤية قد تضيف للإخراج أم هي هواية لتعدد المواهب ؟
<< بالنسبة لي لدي أفكار لا أستطيع أن أقولها من خلال التمثيل لوحده فعندما أدخل تجربة ليس من مسؤوليتي الاختيار، أدافع عن العمل فقط وأؤمن بحدود الممثل ، أما عندما أكون أنا المنتج تقع المسؤولية على عاتقي كاملةً و أكون المسؤول عن نجاحها أو فشلها، لأنني أحيط بالتجربة مباشرة بدايةً من النص للبحث والتنقيب والإنتاج والتوزيع والتمويل واختيار الناس ، لكن بعض الزملاء تأتيهم فرص إنتاجية حيث تتصل بهم إحدى المحطات وتقول نريد تقديم عمل معك فيشارك ويقدم العمل لكنه لا يدفع أي مبلغ مادي فيكون مجرد منتج منفذ للمحطة، ولهذا نرى معظم المنتجين لم يستمروا بهذه التجربة لأكثر من سنة أو سنتين، فهم ليسوا منتجين حقيقيين مثلي، أما أنا أقدم عمل أساسي كل سنة. "الإنتاج" موضوع فيه إحاطة لكل المشروع ، أما "الإخراج" حالة مختلفة تماماً فهو رغبة لتقديم وجهة نظر مباشرة للممثل تجاه قضية ما، لأنه لم يجد من يستطع إيصال أفكاره، ولا أعتقد أن الإخراج هو حالة تطور طبيعية للممثل ، يوجد لدينا مخرجون متميزون في سورية فإذا جاء ( نجدت أنذور أو المثنى صبح أو هيثم حقي) ونفذوا الشيء الذي أريده فلماذا أدخل هذه التجربة وهؤلاء هم مخضرمون فيها ويعلمون مفاتيحها ومخارجها ، هل أكون خلفهم، لا على العكس من مصلحتي أن أحضر المخرج الأفضل لنجاح عملي فأنا أمامه سأبقى المبتدئ.
< صرحت أن السينما هي مشروعك القادم، حدثنا أكثرعن هذا المشروع؟.
<< ليست مشروعي القادم فأنا حالياً لست بصدد التحضير لفيلم لكن "السينما" هي مشروعي الذي أحبه وأتمنى تحقيقه لأنها فن الاختزال وفن الصورة والفن الخالد الذي يبقى للزمن بعكس الفن التلفزيوني الذي ربما يختفي بعد 10 سنوات ، و في الحقيقة البنية التحتية لدينا لاتسمح بإنتاج فيلم سينمائي وعرضه، أين سنعرضه إذا كان لدينا في سورية 3 أو4 صالات للعرض فقط، أما بمصر مثلاً عندما ينزل الفيلم يعرض بـ300 سينما بيوم واحد، فلو كانت لدينا هذه الإمكانات لما اقتربنا من العمل بالتلفزيون أبداً لكن الفيلم السوري ليس له سوق خارجية ولا يمكننا إرساله لمصر أو دبي لأنه لايشاهد ، صحيح لدينا سوق سورية ونجوم سوريون للسينما لكن السوق المحلية لا تفي بالغرض ، بينما الدراما السورية حققت انتشاراً لافتاً نظراً لوجود قنوات فضائية تمول الأعمال وتسوقها، أما لو بقينا معتمدين على التلفزيون السوري والقناة الثانية لما أنتجنا هذا الكم التلفزيوني ولا حصلنا على هذا الرصيد الدرامي.
< كيف تقيم علاقة الفنان مع وسائل الإعلام والى أي مدى يؤثر ما تتناوله هذه الوسائل على مسيرة الفنان؟
<< له أثر كبير، فوسائل الإعلام مهمة جداً في وقتنا الحالي خاصة أنها أصبحت مقروءة ومكتوبة وعلى الانترنت والناس تتابعها بشكل دائم ، الزخم الإعلامي مؤخراً (يسقط دول) فكيف لايؤثر على عمل الفنان، ولا شك أن بعض الفنانين يتعالوا على وسائل الإعلام و يظهروا أنهم ليسوا بحاجة لها وفي الحقيقة هذا خطأ رهيب . لكن بالمقابل الفنان قد يتعرض لحروب ولأشخاص ليس لديهم الكفاءة والمصداقية في المهنة، وقد يكونوا مأجورين أو ينقلوا انطباعات يأخذونها من الشارع، فالعلاقة ليست شفافة بين الفنان والشاعر والمفكر وبين الوسط الإعلامي، بينما العلاقة مع الإعلام النظيف الشريف تكون إستراتيجية واستثنائية وأنا أكثر الأشخاص لديه علاقات طيبة على المستوى الصحفي لأنني أفرق دائماً بين الناقد والصحفي الانطباعي من الكلمة الأولى فكما الشللية الآن تجتاح الوسط الفني كذلك حال الوسط الصحفي .
< أين المسرح في مسيرتك الفنية خاصةً أنك خريج المعهد العالي للفنون المسرحية ؟
<< أنا اشتغلت مسرحيتين بحياتي بعد التخرج، مسرحية بمصر "أرزة لبنان " مع المسرح المتجول المصري ومسرحية للمسرح القومي السوري وبعدها توقفت بسبب انشغالي الشديد بالعمل التلفزيوني.
< هل تقصد بأنك تفضل العمل بالتلفزيون على المسرح؟
<< لا أبداً لكن المسرح يحتاج لتفرغ تام لأنه يستهلك طاقة الممثل لمدة 7 أشهر من حياته تقريباً، وبالنتيجة يخرج الممثل دون تحقيق ما يريده مادياً ومعنوياً وفنياً، أما في حال وجدت ظروف صحية جيدة أكثر للمسرح فبالتأكيد أستطيع أن أعمل مسرحية كل سنة.
< ما هو تقييمك للدراما السورية لعام 2011؟ و برأيك ما هو مصيرها للعام القادم ؟
<< دراما 2011 كانت متراجعة ولم تكن بمستواها الحقيقي رغم وجود أعمال مهمة لكن كان هناك استسهال وحالة ركود ذهبت باتجاه هدف تجاري، يمكن أن يكون لأي مشروع فني كبير مدخول تجاري لكن التجارة لا يصح أن تكون الهدف من العمل الفني، وبرأيي 60% من الأعمال كان هدفها تجارياً. وإذا استمرت الدراما بالسير على هذا الطريق ستصبح وراء (اللبنانية والخليجية والمصرية) لكنني أتأمل وجود طاقات حقيقية وعقول مستنيرة تستطيع أن تدعم الدراما لتقف على قدميها من جديد وأملي الأكبر أن تستعيد "سورية" قوتها وتنهض وحينها تصبح الدراما أقوى من السابق إن شاء الله .
أما بالنسبة للعام القادم فأنا غير متفائل وأرى الأفق مسدوداً ومظلماً، لكن يجب على المنتج السوري أن يكون لديه عمل جاهز ليمسك بالفرصة عندما تأتيه ويباشر التصوير، فلا نستطيع أن نفصل ما يحصل في سورية عن الدراما السورية، ومن المعيب أن ننكفئ على الدراما بل يجب أن تقدم الأزمة من خلال دراما كبيرة ورائعة ، و أتمنى للدراما أن تجري بشكل غير متوازٍ مع كل ما يحدث، بل أن يأتي شخص ما يشجع الدراما السورية لتستمر بالوقوف مع "سورية" لكن برأيي أيضاً ستحارب حكماً لأنها تريد الوقوف معها، فهم يعلمون أن الدراما هي الواجهة المشرقة لسورية ولذلك لن يدعوها تنفذ هذه السنة، وفي ظل هذه الظروف كلها يجب التفكير بعمق ، وأعتقد أنه بأفضل الأحوال لن تتجاوز الأعمال الدرامية (10) أعمال لهذا العام .
< وهل تفكر بمشروع فني يتناول الأزمة التي تعيشها سورية كمنتج وصاحب شركة فنية؟
<< أفكر بتقديم عمل يعبر عن رؤية الشعب السوري في ظل كل ما يحدث من مؤامرات كبيرة جداً على هذا البلد، و كلمة "مؤامرة" أصبحت تقليدية ومستهلكة وفقدت معناها ومضمونها وعند التفكير بعمل فني يجب علينا البحث عن أشياء أكثر عمقاً من (مؤامرة –مندس- شبيح) لأنها أصبحت عناوين لا يمكن الشغل عليها، وأنا متفاجئ ومصعوق بمجموعة من الأشخاص استطاعت أن تبازر وتساوم على الوطن وكيف، استطاعوا أو تخيلوا أن بلدنا يمكن أن يسقط لمصلحة جهة معينة ، عملي القادم سيحمل سؤال: (كيف تستطيع أن تتخيل بلدك، هذه البلد التي اسمها سورية منهكة أو محطمة أو ضعيفة كيف ولمصلحة من). يجب أن نترك التاريخ ليختبر هذه الفترة و يخرج لنا بقاعدة ونتيجة نستطيع البدء من خلالها، أما الآن العمل على هذا الموضوع يعد هباءً وضياعاً للوقت لأن الأحداث تجري أسرع من توقعاتنا بكثير.
< وما هو جديدك درامياً وإنتاجياً لعام 2012؟
<< إنتاجياً لدي مجموعة من الأفكار لكنها متوقفة بانتظار التنفيذ فأنا خرجت منهكاً جداً من مسلسل "محمود درويش" ولا أعتقد أنني سأحتمل أن أنهك بشكل غير محسوب بتجربة لهذه السنة، أما درامياً إذا وجدت ما يناسب طموحي سأكون ممثلاً لهذا العام "أنا ممثل حتى إشعار آخر"، وفي حال تغيرت الظروف خلال الأشهر القادمة وفُتحت الآفاق سأدخل بعمل مهم جداً أحضر له حالياً .
< ماذا يقول "فراس إبراهيم" لقراء «البعث» ؟
<< اجعلوا إيمانكم بالله والوطن كبيراً ولا تستسلموا أبداً لفكرة السقوط فهذا الشيء مرفوض تماماً لأن هذه البلد متجذرة ومتأصلة بالتاريخ ومن الصعب أن تمسح ببساطة وسهولة لأنها عصية فالبناء الإنساني السوري بناء متماسك وكل هذه الوحشية التي نراها هي بعيدة تماماً عن سلوكنا وعن حياتنا وتراثنا الإنساني، ويجب على الجميع ممن يشاهدون ويقرؤون أن يكونوا مؤمنين بأننا يجب أن نخرج من هذه الأزمة بأسرع وقت وأفضل شكل ممكن، أما الذين هربوا أو سافروا وهاجروا هؤلاء أقول لهم أينما ذهبتم ستبقون الفنانين والشعراء والمفكرين "السوريين" فإذا لم تكن بلدكم بخير لن يحترمكم أي إنسان. لهذا من المفروض الآن أن يكون الهروب للداخل وليس للخارج.