2012/07/04
أسامة عسل _ البيان يعتبره النقاد متمرداً وحالماً، لا تؤرقه فكرة البطولة المطلقة لأن أهم نجاحاته خرجت من عباءة البطولة الجماعية، لا يجري وراء بريق الشهرة، لكنه استطاع في سنوات قليلة أن يضع لنفسه مكانة متميزة بين نجوم جيله. فتحي عبد الوهاب، ممثل بمواصفات لم تكتشف بعد، يعيش حالة نضج خاصة، ولا يخلو مشواره الفني من روح المغامرة، بدأ رحلته مع دنيا الفن من الجامعة وبالتحديد من كلية التجارة التي التحق بعدها بقسم المسرح بكلية الآداب جامعة حلوان.وعندما وصل للسنة النهائية ذهب مع أحد أصدقائه للينين الرملي ومحمد صبحي، واجتاز اختباراتهما بنجاح ليقدم معهما مسرحية «بالعربي الفصيح» التي عرضت ثلاثة مواسم متصلة، وجد بعدها أن موهبته تنطلق نحو الاحتراف فشارك في فيلم «سهر الليالي» و«بحبك وأنا كمان» و«صعيدي في الجامعة الأميركية» و«فيلم ثقافي». وأعاد اكتشاف نفسه حديثا في فيلمي «عزبة آدم» و«عصافير النيل»، والأخير فاز عن دوره به بجائزة أحسن ممثل من مهرجان القاهرة السينمائي، كما حصل الفيلم أيضا على جائزة أفضل مونتاج في مسابقة المهر العربي لمهرجان دبي السينمائي في دورته الأخيرة، حيث التقاه الحواس الخمس على هامش فعالياته وكان الحوار التالي: ما شعورك عند اختيارك لجائزة أحسن ممثل عن فيلم عصافير النيل في الدورة 33 لمهرجان القاهرة السينمائي؟ سعدت جدا بهذه الجائزة، فقد شعرت أنها جاءت تتويجا لي عن الفترة الماضية من حياتي الفنية. ولكنها في الوقت نفسه وضعتني في مأزق واختيار صعب في الفترة المقبلة، فيجب أن تكون اختياراتي على مستوى الجائزة، وأحب أن أوجه شكري للمخرج المبدع مجدي أحمد علي ولولاه ما نلت الجائزة، كما أتوقع نجاح الفيلم على المستوى الجماهيري بعد نزوله إلى صالات السينما. أداؤك في هذا الفيلم يتسم بالصدق والتلقائية الشديدة وهذا يجعل أدوارك ترسخ بأذهان المشاهدين، فكيف تؤدي أدوارك؟ لابد أن أجد نفسي في الشخصية التي أؤديها وأشعر بالشخصية حتى أؤديها بحرفية، لأنني لا أقوم بالتمثيل في أي عمل إلا إذا اقتنعت به وسأستعير كلام النجم يحيى الفخراني عندما قال «لابد أن يكون الممثل طبيعيا وتلقائيا لأن الطبيعية قمة الحرفية وهي تتولد من إحساس الممثل بالشخصية التي يجسدها وهذا شيء في منتهي الصعوبة». وماذا تقول عن شخصية عبد الرحيم التي قدمتها في «عصافير النيل؟ قدمت من قبل شخصية فلاح لكن في عصافير النيل تعمقت في تفاصيل الفلاح وما حدث له في الريف مرورا بوجوده بالقاهرة واصطدامه بها وخسارته لحبه الأول نرجس. والذي جعل منه شخصا متخبطا طوال أحداث الفيلم، المأخوذ عن قصة أدبية لإبراهيم أصلان، وبهذا نعود لتراثنا الأدبي، حيث يتم مناقشة موضوع أحلام الناس الغلابة القادمة من الريف إلى الحضر وهي من الأمور التي تدفعني دوما إلى التألق لأنها تمس بداخلي أوجاع ومشاعر خاصة. ما رأيك في الرواية الأصلية التي كتبها إبراهيم أصلان؟ الرواية تحمل لوحات فنية جميلة، والكتابة كان لها دور في سرد الصورة والتفاصيل الخاصة بالشخصيات، والفيلم كان قريبا جدا من الرواية، لأن إبراهيم أصلان أبدع في كتابتها بشكل رائع وممتع شكلا ومضمونا. وماذا عن تعاونك مع الفنانة عبير صبري؟ أجد أن مجدي أحمد علي موفق باختياره لعبير، لأن عبير كانت مشتاقة لعودتها للسينما، ولذلك بذلت أقصى ما لديها، وقدمت دور نرجس بصدق كبير وحقيقة استمتعت بالعمل معها. ألا تجد أن الفيلم وبالتحديد دورك فيه جرعة مكثفة من المشاهد الساخنة؟ المشاهد كلها في سياق درامي وليست مبتذلة. هل تقديمك لهذه النوعية من الأفلام سيفيدك تجاريا خاصة بعد «خلطة فوزية»؟ في الحقيقة لا تهمني المعايير التجارية لأن هذا الجانب يهم المنتج فقط، وأنا ممثل وما يهمني فقط هو القيمة الفنية للعمل والدور الذي أقدمه من خلال منظومة العمل الفني، وأترك للجمهور والنقاد الحكم في النهاية، وما قدمناه في عصافير النيل هو حالة من مجموعة حالات موجودة في المجتمع، ونحن نقدمها من خلال السينما لعدد أكبر. بعد أدوارك في فيلمي خلطة فوزية وكباريه هل يمكن تصنيفك بأنك ممثل كوميدي؟ بالنسبة لي لا أصنف الأعمال هذه كوميدية وهذه غير كوميدية، فأنا أرى أن الكوميديا يجب أن تكون غير مفتعلة بل وليدة الموقف والمشهد، فمن الممكن أن يكون هناك عمل وغير مصنف كوميدي ومع ذلك توجد به بعض المواقف التي تدعو للضحك أو السخرية بحكم الموقف، أما الكوميديا فأنا لا أقدمها لأنها ليست منطقتي، ورغم ذلك فأنا قدمت بعض الأدوار الخفيفة التي يمكن أن تصنف كوميدية مثل دوري في فيلم ثقافي وراندفوا. «فرحان ملازم آدم» كان أول بطولاتك المطلقة، هل كان اختيارك لهذا العمل موفقاً؟ قد يفكر الممثل أن يقدم عملاً للانتشار الجماهيري وهذا خطأ فمهما كانت قوتك في الصناعة لا يمكنك أن تتحكم في نجاح أي عمل جماهيريا أو أن تضمن الطرف الثاني من المعادلة وهو الحالة المزاجية للجمهور، وأبرز مثال على ذلك فيلم ثقافي فالكل كان يراهن عليه بأنه سيحقق إيرادات غير مسبوقة في تاريخ السينما أكثر حتى مما حققه فيلم محمد هنيدي صعيدي في الجامعة الأمريكية، ولكن بدأ عرض الفيلم يوم الأربعاء ويوم الأحد التالي استشهد محمد الدرة. وتم عرض صورة الطفل محمد الدرة أكثر من 150 مرة، وهو يحاول أن يستنجد بوالده وطبيعي أن يصاب الجمهور وقتئذ بالاكتئاب، وهو ما عانيت منه أنا شخصيا، ولم أذهب للسينما، وهذا مثل قوي لفكرة تحكم الظروف والجمهور في إنجاح فيلم دون آخر وهذا ما ينطبق أيضا على فرحان ملازم آدم. هل من الممكن أن تقدم عملا وأنت واثق من عدم تحقيقه إيرادات؟ نعم وهذا ما حدث في فيلم فرحان ملازم أول، فأتذكر عند قراءتي لسيناريو العمل للراحل محسن زايد تأكدت من أنه لن يحقق إيرادات، ولكنني كنت أميل إلى تقديم الدور لأن الشخصية فنيا بديعة جدا. يتردد بين الحين والآخر مصطلح السينما النظيفة فما مدى اتفاقك معه وكيف يمكن تحقيقه؟ السينما النظيفة هي التي لا تحتوي على قبلات أو أحضان أو مشاهد تخدش الحياء، وكأن السينما مطلوب منها أن تحل محل الواعظ، ولهذا أرى ضرورة التوصل إلى صيغة واضحة للتقييم تبتعد عن ربط الفن بالمعايير الأخلاقية فقط. وماذا تقول عن فيلم عزبة آدم؟ سيناريو الفيلم يجذب أي فنان، لأن أحداثه تدور في إطار الأكشن الدرامي حول أربعة أصدقاء يعملون في الصيد مع والد أحدهم الذي يعمل شيخا للصيادين، وتقع العديد من المشاكل التي تحتاج إلى تدخل الشرطة، وبالنسبة لي أجسد شخصية حامد، ذلك الشاب الذي تملؤه مشاعر الشر والحقد والكراهية، ويتبع لطرق غير مشروعة لتحقيق أحلامه، وقد اجتهدت كثيرا في أداء هذا الدور خاصة وأنني أعشق مثل هذه الأدوار المركبة. هل فعلا حذفت الرقابة مشاهد من الفيلم أثرت عليه سلبا؟ الرقابة هي المسؤولة الأولى عن إجازة الأفلام، وقد أصرت على عرض سيناريو الفيلم على وزارة الداخلية كشرط أساسي قبل عرضه جماهيريا، لكن المؤسف أن الرقابة اعترضت على بعض مشاهد الفيلم، بحجة أنه يسيء إلى رجال الشرطة، فتم تعديل السيناريو أكثر من مرة، حتى تمت إجازته وبدأ العمل في الفيلم. ولكن فوجئت بعد ذلك بالرقابة تعود لتقرر عرض السيناريو على وزارة الداخلية لتتخذ القرار المناسب بشأنه وهو أمر أزعج جميع العاملين بالفيلم، وكأنه مطلوب إظهار رجال الشرطة بشكل رائع بالرغم من وجود نماذج سيئة بكل مهنة نقدمها في الأفلام، والرقابة لا تعترض، فلماذا الاعتراض على رجل الشرطة بالذات؟!. ولماذا لا تميل إلى أدوار البطل الأوحد؟ لا أفضل أدوار البطولة الفردية بل أعشق البطولة الجماعية لأنها هي الأقرب للواقع، فليس هناك بطل أوحد في الواقع بل هناك تكاتف مجموعة من الأبطال، وبالتالي لا أهتم بمساحة الدور ولكن اهتم بقيمته وتأثيره على الناس حتى لو كان مشهدا واحدا.