«فتافيت» تحيي ثقافة المائدة العربية

غفران مصطفى- السفير

تحوّلت قناة «فتافيت» منذ انطلاقتها في كانون الأول من العام 2006، إلى حالة خاصّة على الشاشة العربيّة... انبثقت القناة عن شركة «خيال للترفيه»، لتكون أول قناة مجانيّة مخصصة لفنون الطبخ في العالم العربي، وتبثّ بشكل متواصل على مدى 24 ساعة. استقطبت القناة جمهوراً واسعاً، ولم يعد غريباً أن نجد مشاهدين ومشاهدات متعصّبين لها، يتابعونها طوال الوقت، ويلاحقون كافة أخبارها، ويحرصون على شراء كافة أعداد المجلّة الشقيقة لها.

مع الوقت، تحوّلت قناة «فتافيت» إلى ما يشبه مائدةً عربيّة مشتركة، لتساهم في إظهار جانب ثقافي مهمّ، يتمّ التعاطي معه عادةً بخفّة، وهو فنّ الطبخ، الذي يعدّ من أبرز الميزات والخصائص الحضاريّة في حياة الشعوب.

تحمل القناة شعار «الحياة حلوة والدنيا بخير»، واستطاعت أن تتسلل إلى الركن المحبب للعائلة في البيت وهو المطبخ، من خلال برامجها التي لا تفوّت أي تفصيل من تفاصيل عالم الطبخ، بأسراره وعوالمه الصغيرة والكبيرة. وربما يكون تأثير المادة التي تقدمها القناة، أكثر إيجابية في تأثيرها الاجتماعي من قنوات متنوعة أخرى.

اشترت حنان منصور (ربة منزل) تلفزيوناً خاصاً بها، وخصصت له مكاناً في مطبخها. «لعائلتي اهتمامات وبرامج أخرى، في حين أنّ برامجي المفضلة محصورة بقناة «فتافيت»، لأني أحب الوصفات التي يقدمونها، وأسعى دوماً كي أطهو لعائلتي وجبات مميزة». وتشرح حنان سبب شغفها بمشاهدة القناة، وتقول إن «القنوات الإخبارية لا تبعث إلا على الملل والصداع، ولا شيء ينعش البيت بين الصباح والظهيرة، سوى تلك الرائحة الطيّبة التي تنبعث من إعداد الطعام، والتي تضفي على البيت نوعاً من الدفء».

نبيل الحاج (أستاذ جامعي) لا يهوى الطبخ بقدر ما يهوى التجربة. «تحفزني «فتافيت» أحياناً للدخول إلى المطبخ وتحضير وجبة ما أو حلوى، فأجد متعة في تجربة التحضير والطهو، خصوصاً أنّ برامج القناة تقوم على تحضير الطعام بشكل حيوي وممتع».

من خلال برنامج «عروستنا» الذي تعرضه القناة، استطاعت لانا الخطيب أن تتعلم أطباق كثيرة، أثناء التحضير لعرسها القريب، وتقول: «الحلويات التي يحضرونها ضمن برامج القناة تجعلني لصيقة المطبخ، أحاول تعلمها لأجدد بها نفَس بيتي».

تتوزّع مكاتب «فتافيت» بين دبي والقاهرة، وكان المحفّز الأساسي خلف إنشائها، بحسب مؤسسها ورئيس مجلس إدارتها يوسف الديب هو كون «حبّ الطعام عاملاً مشتركاً بين الناس أجمعين من كل الأعمار والأجناس. وفكرة إنشاء قناة متخصصة في فن الطعام ليست جديدة على صعيد العالم، ولكنّها جديدة في الوطن العربي. هذا بالإضافة إلى إيماننا أن مشاركة الطعام بين الأهل والأصدقاء يعزّز المحبة بينهم». ويشرح الديب هيكلية البرامج في القناة ويقول إنّ «الفارق بين كلّ برنامج وآخر، يكمن في من يقدّمه، وكذلك اختلاف فكرة كل برنامج عن الآخر. فمنها ما يركز على الحلويات أو على الأطباق العربية، ومنها ما يطلع المشاهدين على مطابخ جديدة من جميع أنحاء العالم».

ينقسم مقدّمو البرامج في «فتافيت» إلى فئتين. «الفئة الأولى هم طهاة محترفون تلقوا دراستهم في أفضل مدارس الطهو في العالم، أما الفئة الأخرى فهي التي تهوى الطبخ وتعدّه شغفاً لها، من دون أن تكون تخصصت به. ما نبحث عنه في جميع طهاة «فتافيت» هو تمرّسهم في ما يقدمون من وصفات، وأن يتمتعوا بشخصيّة فريدة لها كاريزما أمام الكاميرا».

يمكن لقناة مخصصة بالطعام، أن تدخل دوّامة الرتابة، لكنّ فريق «فتافيت» يسعى دوماً للتجديد في الوصفات، واعتماد المكونات المتوفرة بأسعار مقبولة في الأسواق في مختلف البلدان العربية. ويعتمد التجديد في برمجة القناة على قيام معدّي القناة بجولات حول العالم بغية استكشاف وصفات جديدة. ويقول الديب: «كل شيف له طريقة معينة في اكتشاف حضارة البلد، ولكن الجميع يسعى إلى اكتشاف وصفات ومكونات مختلفة، بالإضافة إلى اكتشاف أصل الوصفة التي سيقدمونها، ثمّ يضيف كل شيف لمسة خاصة في تحضير الوصفة».

ويعتبر الديب أن برامج الطبخ على المحطات العربية هي «برامج ناجحة، ولكننا كقناة «فتافيت» نعتقد أننا استطعنا خلال السنوات الستّ الماضية تغيير فكرة المرأة والرجل العربي عن الشيف. فالشيف بالنسبة لنا شخص محبب قريب من الناس، ويجعلك ترغب بالدخول إلى المطبخ لتجربة وصفات جديدة ومبتكرة بالإضافة إلى تجديد الوصفات القديمة التقليدية».

ويختـــم الديب بأن «»فتافيت» هي قناة عائلية وتتوجه لجميع الفئات العمرية لأن الطعام وحبّ الطعام ليس له عمر، لذلك نستعدّ لتغيير جذري في دورة برامجنا خلال العام 2013».