2012/07/04
علي محروس - السفير
اشتهر الفنان نبيل الحلفاوي بالأدوار الجادة، لكنه إزاء شائعة وفاته لم يملك سوى أن يطلق تعليقا كوميديا على موقع تويتر « يعني معقولة هاكون عملت حاجة مهمة زي دي ومش هاقولكم». والواقع أن الشائعة كانت غريبة حقًا لأنها انطلقت فور وفاة الفنان سيد عبد الكريم، وكما هي العادة على موقع «فايسبوك»، فقد ظل الخبر- الشائعة يتنقل من صفحة الى أخرى ليومين مصحوبا «بالترحم» على الحلفاوي!
ربما هو الحظ العاثر الذي صاحبَ سيد عبد الكريم، الشهير بـ«المعلم زينهم السماحي»، الشخصية التي اشتهر بها في المسلسل المصري الأشهر «ليالي الحلمية». وذلك نظرا لانشغال الناس بشائعة لا تخصه. وهو وضع لا يختلف كثيرا عن حياته التي لم يكرّم خلالها على قدر موهبته الكبيرة، وطاقاته التي كانت تتجدد مع تقدم العمر، بعيدا عن نمطية الأدوار.
أسباب أخرى، جعلت «زينهم السماحي» هو سيد عبد الكريم وليس العكس، ربما أهمها أنه من بين أكثر من ثمانين عملا فنيا شارك فيها، لم يكن للسينما نصيب سوى أفلام قليلة ربما لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، أبرزها الفيلم التاريخي «أيام السادات»، والذي أدى فيه دور وزير الداخلية النبوي اسماعيل. لكن الفيلم كان من أحمد زكي (السادات) وإليه، تفاعلت كاريزما النجم الأسمر مع كاريزما الرئيس الأسمر فلم يسطع أي وجه آخر.
وكان الدور الأسبق لعبد الكريم في عمل تاريخي آخر وهو فيلم «المهاجر»، للمخرج يوسف شاهين، حيث أدى دور طبيب مصري خبير بعلوم الزراعة (عمل عبد الكريم فعلا أستاذا في كلية الزراعة في بداياته). أما التلفزيون فكان مملكته، قدم فيه ما يناهز 70 عملا دراميا، منها سهرة درامية وحيدة وشهيرة نسبيا هي «زواج على ورق سوليفان»، وعشرات المسلسلات، أشهرها «ليالي الحلمية»، و«زيزينيا»، و«الراية البيضا»، و«الشهد والدموع»، و«المصراوية»، وجميعها من تأليف أسامة أنور عكاشة، بحيث يمكن القول إن عكاشة من منحنا عبد «الكريم - المعلم زينهم» في آن معا. الكاتب الذي لقّب بـ«محفوظ التلفزيون» منح دائما ثراء فنيا للشخصيات المساعدة والثانوية وحتى الكومبارس، الأمر الذي أفاد مواهب متعددة من أبرزها عبد الكريم، الذي لم يتألق كثيرا خارج عكاشة، على الرغم من مشاركته في مسلسلات أخرى نالت نصيبا من الشهرة، مثل «الضوء الشارد» و«أهل كايرو».
رحل إذاً «المعلم زينهم» عن 76 عاما بعد سنوات قليلة من مؤلفه. أما في الأوراق الرسمية فقد رحل «السيد حلمي عبد الكريم» المولود في الإسكندرية في العام 1936، أستاذ الزراعة السابق والحاصل في ما بعد على بكالوريوس المعهد العالي للسينما، والذي أجرى دراسات في السيناريو والإخراج. وهي صورة أكاديمية لا تشبه كثيرا صورة «المعلم زينهم السماحي» في مقهاه الشهير في الحلمية.