2013/05/29
أمينة خيري – الحياة
على الجزء الأعلى من جسر 6 أكتوبر، وفي الجانب الأكثر وضوحاً، أطل بوجهه الوسيم وعينيه الزرقاوين، وملامحه التي بهرت النساء وأثارت غضب الرجال. ينظر إلى الأفق البعيد، ولسان حاله يقول: «أنا جميل! أنا وسيم! فليلحظني الجميع!» وهذا ما يحدث على مدار الساعة. في النهار تتعلق به الأنظار تحت أشعة الشمس، وفي الليل تمسك بصورته الأنظار بفضل أضواء الأعمدة الكهربائية. بعضهم يقول: «لقد عاد! ما أروعه!» وآخرون يرددون: «لقد عاد! ما أسخفه!» عاد مهند في الوقت المناسب! فبعد عامين من الأحداث المحتدمة في مصر، باتت الغالبية تشعر بأنها في أمس الحاجة لنسمة هواء غير مسيسة في زحمة الثورة. لكن المطلوب بات شحيحاً! بالتالي حين انبرى مهند من بين الصفوف معلناً عودته مجدداً عبر ملايين العابرين للجسر، أو بمعنى أدق ملايين العالقين في شلل الجسر المروري اليومي، تنفس كثيرون، أو بالأحرى كثيرات الصعداء. ضحكات مكتومة وحوارات صاخبة يسمعها عابرو الجسر مع بلوغ تلك النقطة الاستراتيجية حيث يطل الممثل التركي كيفانغ تاتليتوغ المعروف باسم «مهند».
وعلى رغم أن ظاهرة الدراما التركية التي غزت الشاشات العربية، أنتجت أسماء كثيرة، فإن مهند يبقى هو الأصل والرمز لدى كثيرين. فهو لا يمثل فقط مسلسلاً – وصفه بعضهم بالتطويل والإسهاب - ونعته آخرون بفراغ المضمون، لكنه يمثل نقطة ثورية نسوية حقيقية انفجرت في وجوه الرجال الذين ظنوا عقوداً وقروناً أنهم الأكثر وسامة والأعتى قوة، فإذ بمهند يطيح كثيرين من على عرش الذكورية المصرية المطلقة، وإذ بنساء وفتيات يعلن مواقفهن صراحة تحت بند «ما أحلاه»!
هذه المصارحة الجارحة والتي تسببت قبل سنوات في جرح غائر في عدد من البيوت المصرية، عادت لتطل برأسها مجدداً، لكنها هذه المرة تأتي في توقيت حرج! فالجميع مثقل بأوجاع الأعراض الجانبية للثورة، ومنغمس في غياهب سياسية لا طائل منها، والغالبية تدور في دوائر مغلقة محاولة فرض سطوتها وجماعتها وإخراس الآخرين... ولكن يظل مهند قادراً على انتزاع تنهيدة عميقة أو ابتسامة ساحرة أو حتى غيرة كامنة في زمن بات الجدل السياسي والعراك الأيديولوجي فيه سيد الموقف.
وعلى رغم أن رجالاً يرمقون مهند وعودته بكثير من السخرية التي لا تخلو من ضغينة، وعلى رغم أن نساء تنتابهن شكوك بأن الأحداث الساخنة قد تعرقل متابعتهن لـ «عودة مهند» المحمودة، فإن ظهوره بالتأكيد حرّك بعضاً من مياه راكدة في حياة المصريين الاجتماعية.
ويبدو أن القدر لا يريد لنساء مصر أن يعدن إلى صفوف المشاهدة من دون تنغيص، ولا لرجال مصر أن يفردوا مساحة لتوابل الغيرة من دون صبغة سياسية، وإن كانت هزلية. فها هو الإعلامي المثير للجدل توفيق عكاشة يطل عبر برنامجه «مصر اليوم» وهو يسأل نساء مصر: «لماذا تنظرن إلى وسامة مهند وأنا موجود؟».