2012/07/04
راسم المدهون – دار الحياة
يمكن بـــــالطبـع الحديــــث عـــن بطلات نساء في الدراما العربية، ذلك أن الحياة ذاتها تنهض على علاقات متشابكة فيها النساء مثلما فيها الرجال. مع ذلك تبدو لنا الدراما العربية ذكورية بامتياز، بذلك المعنى الذي يعني أن «البطولة» الأساسية هي للرجال غالباً. إنهم بؤرة الحدث، تنطلق منهم خطوط الحكاية، تدور حولهم وعنهم، وإن غابت سرعان ما تعود إليهم لتنتهي بهم وبمصائرهم أياً تكن تلك المصائر.
هناك بالطبع ما يشذُّ عن تلك القاعدة من أعمال تناولت حياة نساء، لكنه الشذوذ الذي يؤكد القاعدة ولا يلغيها أو حتى يخفف منها.
لا يبدو الأمر هنا متعلقاً بمشكلة في الدراما ذاتها، ولا كما يقول بعضهم بسبب غلبة المؤلفين الرجال على ما في تلك التفسيرات من وجاهة، ولكن أساساً بسبب خلل في الرؤية المجتمعية ذاتها: هي رؤية ذكورية تماماً، ولأنها كذلك فهي تذهب مباشرة إلى رؤية العالم والحياة – وبالطبع رؤية الدراما – من حدقات الرجال، ومن منظورهم الذي لا يزال يرى النساء في «الهامش» المجتمعي، على رغم كل الأحاديث التي لم تتوقف منذ قرن كامل عن الحرية والمساواة والدعوة لمنح النساء مكانتهن، وعلى رغم ما يقال هنا وهناك عن «نصف المجتمع» الذي لا يجوز الاستمرار في تجاهله وتهميشه.
هل ينكر أحد وجود مشكلات نسائية؟
الإجابة عن هذا السؤال تحدد ضرورة وجود دراما تناسبها وتتفاعل معها. هموم النساء العربيات لا تنفصل عن هموم مجتمعاتهن، ذلك أمر طبيعي ومنطقي، ولكن تلك الهموم فيها أيضاً خصوصياتها التي تنبع من مساحة مختلفة وتفترض درامياً حكايات تقف في مركزها بطلات دراميات نساء، يكون الرجال فيها في أدوار «ثانوية» على رغم تحفظنا بالطبع على مصطلحي الأساسي والثانوي هنا.
ان عملاً درامياً ينهض على بطولة نسائية ليس ترفاً، ولا هو في الوقت ذاته «لعبة فنية» يمكن عبرها تحقيق ما هو مختلف ومثير لمرة واحدة أو مرات قليلة، فما نعنيه هو دراما لهموم النساء، ومع تلك الهموم لرؤى نسائية تعكس مفاهيم مختلفة واقتراحات مغايرة. هنا بالذات أرى اكتمال المشهد الدرامي، ودخول ذلك المشهد إلى شعاب الحياة وتفاصيلها بعمق حقيقي تستحقه النساء وتستحقه الدراما بالطبع.