2013/05/29
راسم المدهون – الحياة
بـــعـــد عقـــود خمسة عـــلى انــطلاق الدراما التلفــزيــونـية العربــية فــي كل ســــاحــات إنتاجها، بات من المنطقي البحث عن السويَة الفنية أولاً وأساساً. لم تعد الحكاية الدرامية شفيعاً مقنعاً للتغاضي عن ركاكة الإخراج أو ضعف الإمكانات الفنية وما ينتج منهما من هزال عام.
الحكاية في الدراما لها مكانتها بالتأكيد ومع ذلك نحن نتحدث عن فن «مركَب» يقوم على تضافر مجموعة من الفنون، أي أننا إزاء شقيق آخر للفن السابع، حكاياه تحتاج إلى قوَة الصورة القادرة على التأثير في المشاهد من خلال جاذبية الجمال الفني.
فن بصري كهذا يغدو منطقياً أن تتجاوز فيه فكرة التشويق الحكاية ذاتها وأن تذهب بقوَة نحو الشكل الفني ذاته: ينبع تشويق الحكاية من تفاصيلها وقدرتها على تحفيز المشاهد على المتابعة والترقُب، ومع ذلك فالجماليات الفنية هي القادرة على جعل ذلك ممكناً، بل إنها تصبح بؤرة المشاهدة التي لا يمكن التهاون مع أخطائها وعثراتها.
ليست الدراما التلفزيونية «سينما من الدرجة الثانية»، فالصحيح أنها تلفزيون من الدرجة الأولى، أي أنها فن بصري متكامل له أدواته الجمالية الخاصة التي تجعله قريباً من الجمهور.
ليس صحيحاً أن من يحقق النجاح في السينما هو بالضرورة ناجح في التلفزيون والعكس صحيح. ولعلَ المثال الأبرز الذي يحضر في الذاكرة الكاتب الدرامي الأبرز الراحل أسامة أنور عكاشة الذي قدم عدداً كبيراً من الأعمال الدرامية المميزة، والذي لم تكن له المكانة ذاتها في أيّ من أعماله السينمائية.
للدراما التلفزيونية خصوصية تسمح بالإطالة وسرد التفاصيل والجزئيات، في المقابل تحتاج السينما إلى تكثيف أشد، يبدأ من السيناريو.
وتبدو الدراما التلفزيونية بهذا المعنى أقرب إلى «ألف ليلة وليلة» منها إلى أي شيء آخر، وهي بهذا الانتساب تحمل غزارة التفاصيل في الحكاية لكنها لا تستطيع أن تغادر مساحة الفن الجميـل، بما هو مفردات عدة، ينهض النجاح على تحققها في صورة متوازنة، فاعلة في الشكل والمضمون الجمالي على حد سواء.
هي لعبة الفن ذاتها، ولكن مع تأكيد خصوصياته التي تحتاج كلَ مرة إلى الإبداع القادر على تحقيق النجاح والجاذبية.