2012/07/04
5حواس- البيان في هذه القضية لا يمكن أبدًا أن تعرف الظالم من المظلوم، فالجميع يذرفون دموع التماسيح، الجميع قد يكونوا جلادين، أو يكونوا ضحايا مقهورين.. لا تدري هل يمارس الأقوياء جبروتهم على الضعفاء ويزيدوا من عنائهم؟ أم يمارس الضعفاء أساليب الابتزاز والتحايل للضغط على الأقوياء لاستنزافهم وإثارة الدنيا ضدهم؟.. هذا باختصار شديد ما يحدث بين الفنانات وخادماتهن.. ضرب وسرقة وتعذيب وتحرش وادعاءات كاذبة ظل الإعلام بالمرصاد لهذه القضايا التي هزت الرأي العام مثل الحادث المروع الذي اتُهمت فيه الفنانة وفاء مكي بتعذيب خادمتها بحبسها وحرقها، الأمر الذي انتهى بدخولها السجن ثلاثة أعوام بعد تخفيف الحكم من عشرة أعوام، ومن ثم نعود إلى التساؤل حول العلاقة الغامضة بين الفنانات وخادماتهن في ظل ارتفاع حالات الاتهام بين الفريقين ووصولها إلى مشارف الظاهرة.. من الظالم ومن المظلوم؟. نذكر في البداية أن كثيرًا من الفنانات استطعن تحجيم بعض الحالات قبل الوصول إلى ساحات المحاكم، لكن ما ظهر منها كان كافيًا للفت النظر إلى قضية خطيرة أشارت إلى تحوُّل الفنان أي فنان في بلادنا إلى سلطة رادعة لكل من دونه.. عشرات القضايا في هذا الملف الشائك الذي تصدرته الفنانة وفاء مكي قبل سنوات، وتحديدًا في العام 2001 بعد أن تقدم والد الخادمتين مروة وهنادي فكري عبد الحميد اللتين تعملان في شقة الفنانة ببلاغ إلى النائب العام يتهمها بتعذيب ابنتيه بالاشتراك مع والدة الفنانة وطليقها وابن خالتها.وذلك بالكي بالنار في أماكن حساسة واحتجازهما لمدة 21 يومًا داخل حمام منزل الفنانة، وحين أوشكت إحدى الشقيقتين على الهلاك، وضعتها داخل سيارة، وألقت بها في الطريق الموصل إلى قريتها التابعة لمركز قويسنا بمحافظة المنوفية. حيث عثر عليها المارة وقاموا بتوصيلها إلى منزلها ونقلها إلى المستشفى للعلاج؛ بعدها بفترة تم القبض على الفنانة لتبقى خلف الأسوار ثلاثة أعوام كئيبة.براءة بوسي سميروأثناء قضاء وفاء مكي العقوبة ظن البعض أن ملف تعذيب الخادمات من قبل الفنانات قد أُغلق، إلا أن العاصفة عادت من جديد قبل أن تنتهي وفاء من قضاء عقوبتها؛ حيث اتُهمت الفنانة بوسي سمير بقتل خادمتها بعد احتجازها بشقتها في بداية العام 2004، الأمر الذي دفع الخادمة للهروب من الشرفة عن طريق ربط ملاءات ببعضها والنزول عليها إلى الشارع، إلا أنها سقطت جثة هامدة، وحينما سئلت الفنانة عن ذلك قالت إنها كانت تخشى أن تقوم الخادمة بسرقة أشياء من الشقة. كما أنها كانت تخشى عليها من الخروج إلى الشارع وحدها؛ لذلك أوصدت عليها الشقة، لكن المحكمة حكمت على بوسي بالحبس سنة مع الشغل، ومن ثم استأنفت الحكم حتى حصلت على البراءة، معلقة بأن خادمتها المغدورة تتحمل مسؤولية أفعالها، وأنها لم تكن موجودة في المنزل وقت الحادث وقد أكد الشهود ذلك، فكانت البراءة. تلفيق كما فتحت قضية عزة جلال عبدالعزيز، خادمة الفنان محمود ياسين، ملفًا أكثر سخونة؛ حيث فجرت خادمته مفاجأة من العيار الثقيل أثناء التحقيق معها في قضية سرقة فيلا الفنان التي تعمل بها منذ عدة سنوات؛ حيث أكدت أن رانيا، ابنة الفنان، طلبت منها الخلود إلى النوم مبكرًا على غير عادتها؛ حيث كانتا تسهران حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي؛ لذلك لم تستطع النوم وظنت الفنانة أنها نامت. وسمعت الخادمة صوت جرس الباب، فاستطلعت الأمر، فوجدت رانيا تقف مع أحد الأشخاص الذين يعملون مع والدها، وبعد انصرافه هدَّدتها بعدم التفوّه بكلمة واحدة، وإلا سيتم تلفيق قضية كبيرة لها، فغادرت الخادمة الفيلا لرؤية بناتها، وبعد عودتها فوجئت بالفنانة وخالتها يقتحمان عليها غرفتها، وينهالان عليها بالسباب والضرب بعصا خشبية، وقاما وفق أقوال الخادمة بحملها وإلقائها من شباك الطابق الثالث. وطلبت الخادمة من أمن الفيلا إحضار الإسعاف لإنقاذها من الموت، إلا رانيا أمرتهم بالابتعاد عنها، وظلت على هذا الوضع حتى الثالثة صباحًا، إلى أن حضر أفراد من قسم شرطة العمرانية يتهمون الخادمة بسرقة مبلغ 10 آلاف جنيه من فيلا الفنان محمود ياسين، فأنكرت علاقتها بالسرقة، وضاع حقها في القضية وتحوَّلت من مظلومة إلى ظالمة ولم يتوصل أحد إلى الحقيقة حتى هذه اللحظة. حبيسة منزل فيفي عبده وفي بداية العام 2009 تلقت الشرطة أغرب بلاغ من إحدى المنظمات الحقوقية الخاصة بالمرأة التي اتهمت فيه الراقصة فيفي عبده باحتجاز خادمتها الفلبينية بشقتها منذ 8 سنوات، وذلك عندما كانت سامية عبدالقادر، رئيس جمعية حقوق المرأة، في زيارة لفيفي عبده لعرض بعض أوراق الجمعية التي تعمل عضوًا بها عليها، وأثناء وجودها هناك طلبت منها الخادمة مساعدتها للخروج من المنزل لاحتجازها منذ 8 سنوات وتعرضها للضرب والإهانة. فاعتقدت في البداية أن الخادمة تمزح، إلا أنها فوجئت بعد عودتها برسالة على التليفون المحمول تؤكد أنها تتعرض للتنكيل من الراقصة، وروت ما تتعرض له من تعذيب لا يتحمله بشر، إلا أن فيفي عبده وزوجها أنكرا ما وُجه إليهما من تهم، وقالا إن الخادمة استغاثت برئيس جمعية المرأة لمساعدتها في العودة إلى بلادها، بينما أصرت الخادمة على اتهامها بالضرب المبرح والتعذيب، فتمت إحالتها إلى الطب الشرعي لبيان ما بها من إصابات، وما زالت القضية قائمة في أروقة المحاكم، ولم يتم الحكم فيها. واستمرارًا لمسلسل تعذيب الخادمات، كانت الفنانة مها أبو عوف ضيفًا جديدًا على حلقات الاعتداء على الخادمات في الوسط الفني، بعد اتهامها بضرب خادمتها بعصا غليظة أحدثت إصابات شديدة، وذلك لإجبارها على العمل لمدة 24 ساعة كاملة دون راحة؛ حيث أصدرت المحكمة حكمًا بالحبس لمدة شهر على الفنانة التي لم تنكر الواقعة. رابطة للخادمات إلى ذلك، أكدت د. نادرة وهدان، أستاذ التنمية البشرية بمعهد التخطيط، أن ملف الخادمات في حاجة إلى اهتمام وتدقيق شديدين؛ لأن الأمر صار قنبلة لو انفجرت ستؤثر بشكل سيئ في المجتمع، وتضر بسمعة الأسرة المصرية ككل، وليس على مجتمع الفنانين فقط؛ لأن القسوة والعنف ليسا مقصورين على الفنانات، فهناك قضايا تدمي القلوب. لكنها لا تظهر على السطح؛ لأن أبطالها أناس عاديون ليسوا على المستوى نفسه من الشهرة، الأمر الذي يؤكد أن الصحافة والرأي العام يركزان على قضايا تعذيب الخادمات من قبل فنانات فقط، ما زاد الأمر تعقيدًا؛ لأن حجم التعاطف مع مثل هؤلاء الخادمات يكون أكبر؛ حيث إن الجمهور لا يحب أن يرى النجم الذي يعشقه في صورة المعتدي الغاشم. وتشير د. نادرة إلى أن الخادمات عندما وجدن أنهن يتعرضن للابتزاز والتعذيب والتنكيل بهن واتهامهن بالسرقة، قررن مواجهة هذا الخطر بتكوين رابطة الخادمات؛ لكي تحميهن، واتفق أصحاب مكاتب تشغيل الخادمات مع عدد من المستشارين القانونيين والمحامين للتقدم بأوراق إنشاء أول رابطة لحماية الخادمات تحت إشراف وزارة التضامن الاجتماعي. حقد طبقي وتقف الناقدة السينمائية ماجدة موريس ضد كثير من الفنانات في صف الخادمات.. معتبرة أن الشهرة التي تحظى بها نجمات الفن كان من المفترض أن تجعل منهن قدوة ومثلاً أعلى، إلا أنها أكدت أنهن برعن في إخفاء ذلك الوجه القبيح عن العيون، متظاهرات بالملائكية، مدعيات أن الخادمات هن اللاتي يثرن المشاكل بسبب حقدهن المستمر على الدخل المادي المرتفع للفنانات، أي أن الأمر يتحول إلى حقد طبقي من الفقراء على الأغنياء، ما يدفع بالخادمات حسب ادعاء الفنانات إلى سرقتهن. وكدفاع عن النفس تتقدم الخادمات ببلاغات يتهمن فيها الفنانات بتعذيبهن، إلا أن هذا الكلام الذي تسوقه كل فنانة متهمة غير صحيح، ويفتقر إلى كثير من المنطق، والدليل على ذلك سقوط عدد كبير من المصابين والقتلى بسبب طرق التعذيب التي تتبعها الفنانة لإيذاء خادمتها، رغم تظاهر الفنانات بالنبل والشهامة