2012/07/04
سوزان ناعسة - الثورة
مازلنا نذكر عيوننا المتعلقة بالشاشة الصغيرة ونحن نجلس لنتابعهم وتلك الأغاني الجميلة التي تنطلق من الشارة المحببة معلنة بداية كل حلقة أو نهايتها، فمن منا لايذكر طفولته البريئة ويحن إلى ذاكرته الأولى وإلى برامج الأطفال التي عزفت على وجداننا وجعلتنا نعيش لحظات تنبض فيها أحاسيسنا ويتحرك فيها ضميرنا لتتحقق الفائدة المرجوة والأهداف الكامنة
وراء تلك البرامج من التسلية والمتعة أولاً وتعلم القيم الأخلاقية والحياتية ثانياً.. فالمبادئ تتلخص بمجموعة أعمال تضيء على الأفعال الجيدة «مثل العطف، التسامح، الرقة في التعامل، الصدق والإخلاص».. وتعتم على كل عمل قبيح «كفرض القوة والسيطرة واستخدام العنف» نذكر منها برامج لاتزال حية في أعماقنا مثل «ليدي ليدي... غريندايزر- ساندي بل-
سالي- الفتى النبيل- أوسكار- زهرة الجبل- هايدي- توم وجيري- وغيرها» وجميعها أعمال تكشف عن خبايا الصراع الأبدي بين الخير والشر.. وانتصار الحق.. فيما يعرف «بالنهاية السعيدة» أما اليوم.. فأصبحت برامج الأطفال ثقافة غريبة ومغايرة لما تربينا عليه وتترك لدى من يشاهدها آثاراً بغيضة في الروح حتى بتنا نسأل أنفسنا.. ترى ما الذي يقبع خلف الصورة.. من اللا متوقع أو المفاجئ.. في ظل الانتشار الكثيف للفضائيات التلفزيونية التي تتخصص بتقديم برامج الأطفال والتي باتت في متناول الكل وبين أيديهم صباحاً ومساء.. فأطفال اليوم فقدوا لذة انتظار مايعرف ب (أفلام
كرتون) التي تعرض لمدة ساعة واحدة في اليوم.. بإدمانهم اللامتناهي على قنوات تبث على مدار الأربع وعشرين ساعة والتي لاتخفى أضرارها على عقول أطفالنا وأجسامهم واستيعابهم المستقبلي لبعض القضايا التي تندرج تحت مفهوم «عنف البث الفضائي» الذي امتد حتى وصل إلى قنوات الأطفال، فأطفالنا يتابعون البرامج العنيفة المستوردة أو المدبلجة
ك (الشبح- خرافية داني- المراهقة الآلية- أبطال الديجيتال) وغيرها من البرامج التي تعرض على بعض القنوات المسيئة مثل «نيك لوديان».. دون أن يعرف الطفل العواقب المترتبة على تقليد مشاهد العنف أو تقمص شخصياتها أو شراء أدواتها المطروحة في السوق تحت أسماء وماركات ألعاب تجارية هدفها الأول البيع والترويج وتحقيق المرابح المادية التي تحرج الأهل غالباً وتدفعهم إلى النزول عند رغبات أطفالهم حتى وإن كانت تتعارض مع تربيتهم..
فالطفل هنا هو المتلقي السلبي والمقلد الأعمى والمغمس حسياً وفكرياً في هذا العالم الخيالي الذي يخرب عقله ولايحمل أي قيمة أو فائدة أو عبرة أو حكمة مستمدة من الحياة، بالإضافة إلى أن هذه القنوات تعمل على تقديم بعض المشاهد الإباحية التي تتغلب على براءة الأطفال وتفوق قدرة استيعابهم لما يرونه من مشاهد فيها قبلات أو إيحاءات معينة!! يتم التعبير
عنها باللباس وبالحركات، فبرامج الأطفال اليوم هي المحرم الجديد الذي ينادي ب (العنف- الجنس- القتل والدماء)، والتي غزتنا بشكل جعلنا نتساءل هل نستطيع أن نوقف هذا الامتداد ونحاصر هذا العنف المدمر..؟! لأن أطفالنا هم أمل المستقبل وأمانة في أعناقنا تدفعنا إلى أن نرجو الإعلام العربي وفضائياته «العزيزة» أن تحترم عقول هؤلاء الأطفال وتبث مايساهم في تنميتها وتعزيز القيم الإيجابية في حياتنا وتبتعد عما هو دخيل و مصطنع ومخرب للعقل والثقافة والعادات