2013/05/29

عندما يغزو مساحة الشاشة
عندما يغزو مساحة الشاشة


سلوان حاتم – الثورة

في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي كان ظهور فريد شوقي يعني أن الفيلم فيه من الإثارة والقوة الكثير وكانت أفلام بروسلي تعتبر من الأفلام القتالية التي تظهر فنون القتال

وكانت هي المشاهد الأكثر قسوة (طبعاً بعد مشاهد المجازر العنيفة التي ترتكبها العصابات الصهيونية ضد الشعب العربي) اليوم بتنا نترحم على هذا القسوة التي كنا نراها في الأفلام لأن الفضائيات باتت تقدم لنا الكثير من الرعب والعنف الهيتشكوكي.‏

فقد تسرب العنف ليحتل الحيز الأكبر من المحطات التلفزيونية فأصبحت المتاجرة بالدم على الشاشة هي السلعة الأكثر رواجا في محاولة لإبعاد المشاهد عن الثقافة والفن لتغزوه بأفكار دموية وتدميرية وتحريضية وتبعده عن المعنى الحقيقي للبطولة والمقاومة.‏

الترويج للعنف بات يعرف بوجوه عديدة ويأخذ أشكالا مختلفة, إخبارية وسينمائية ودرامية وحتى رياضية, فالمحطات الإخبارية العربية اللغة الغربية الهوى لا يردعها رادع عن بث مشاهد القتل والدمار من أجل ترويج مشاريع أسيادها في المنطقة غير آبهة بأي حقيقة تفضح كذبها طالما أن بعض من غزت عقولهم مازالوا يصدقون ما تبثه فغدت دراكولا إعلامي يقتات على الدم والخراب في حين تنسى أو تتناسى المشهد الصهيوني الذي يفترس الأمة ويرتكب أبشع المجازر.‏

ولا يقتصر العنف على تسويق الأخبار إذ أصبحت محطات الأكشن أكثر عنفا من السابق ومهما كانت المهمة مستحيلة فهي ليست عصية على (البطل) الأميركي الذي يقتل ويدمر ليصل إلى فكرته متذرعاً بإحلال السلام وطبعاً أيا كان الخصم فالأميركي هو الفائز لأنه يستطيع أن يقتل المئات وهذا مشرع له حتى سينمائيا وهو تبرير غير منطقي لما يقوم به الأميركان من عنف باستخدام شتى أنواع السلاح وطرق التعذيب وكأنها رسالة واضحة المغزى بل تهديد وتخويف لكل من يتابع, مبررة ذلك بأنه بطولة وليس إجراماً.‏

ما نراه سينمائياً انتقل إلى الدراما بذات الطريقة وبنفس العنف الممنهج وتحديداً الدراما التركية التي سارت على خطا الدراما الأميركية في نقل السلاح والقتل وطرق التعذيب إلى دراماها وبعد الدبلجة انتقلت هذه الدراما لتنشر العنف عبر الشاشات العربية التي عرفت كيف تستقطب الشباب العربي الذي تأثر بها.‏

ولم تخلُ الرياضة حتى من العنف فقد تحولت المصارعة الحرة من رياضة إلى مجموعة حركات استعراضية عنيفة عبر افتتاح العديد من القنوات الخاصة لهذه اللعبة لتنقل لنا طرقاً جديدة في استخدام العنف بعيداً عن الروح التنافسية والرياضية كاستخدام السلاسل الحديدية في الضرب والكراسي وحتى الدرج الذي يصعدون عليه إلى الحلبة لضرب المنافس حتى إدمائه أو عطبه.‏

كثرة العنف والمشاهد العنيفة والمرعبة والدموية تحرض على السؤال, من يقف وراء كل هذا العنف ولماذا يتم تسويقه بهذه الأشكال الفنية وهل بات المشهد الدموي سلعة مرغوبة وتجارة ناجحة لا تعرف الخسارة أم هو إعلان مدفوع الأجر مسبقاً ؟‏

بالتأكيد هناك من يقف ويدعم ويروج لهذا العنف لتحقيق أهداف واضحة وأخرى خفية باتت مفضوحة فهل سيبدأ العد التنازلي لهذا العنف ويبدأ الترويج لثقافات أكثر حضارة؟؟‏