2012/07/04
خاص بوسطة- عهد صبيحة
لا يبدو الحديث عن مشاركة الإعلام في صنع القرار السياسي غريباً في الأنظمة الغربية المتطورة، لكنه يبدو مبهماً وجديداً في ظل الأنظمة العربية التي كرّست على مدى الزمن مفهوم الإعلام الرسمي الناطق دائماً باسم الأنظمة، والبعيد عن الحرفية والمهنية.
وكنت أشرتُ في مقالة سابقة إلى مهنية وحرفية قناة الجزيرة وذكرتُ «ليس ذلك بغريب على قناة اعتادت شغل الرأي العام بمتابعتها لأي حدث، بل وبمشاركتها في صنع الحدث أحياناً»، وصنعُ الحدث كما يبدو هو فعلاً سمة من سمات هذي القناة، ومناسبة هذا الكلام هو الأمر الصادر أمس عن وزارة الإعلام المصرية والقاضي بوقف نشاط الجزيرة الفضائية في البلد (مصر)، والذي أعقبه مباشرة قطع لبث القناة في بعض أنحاء الشرق الأوسط على قمر النيلسات، وكانت السلطات المصرية قد أمرت القناة في وقت سابق بوقف عملياتها في مصر وسحب تراخيص مراسليها الذين استمروا في تقديم تقارير إخبارية من خلال الهاتف، وجاء في بيان أوردته وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية أن وزير الإعلام «أصدر قراراً بأن تقوم هيئة الاستعلامات بإغلاق وإيقاف نشاط قناة الجزيرة بجمهورية مصر العربية وإلغاء جميع التراخيص وسحب البطاقات الممنوحة لجميع العاملين بها اعتباراً من اليوم»!!
يتجلى، في القرارات التي ذكرتها وغيرها من محاولات سابقة لإغلاق مكاتب الجزيرة في المغرب واليمن، دورُ الإعلام الحقيقي الفعال والإيجابي الذي اتضح أنه، بنقله الأمين للحدث، يساهم في توجيه الرأي العام للشعوب، الأمر الذي يسبب إرباكاً للحكومات ويؤدي بها إلى اتخاذ قرارات أو تغيير سياسات منتهجة أو استبيان مطالب شعبية ما كانت لتصل قوية إلى حكومات هذه الشعوب لولا هذا الدور الفعال لوسائل الإعلام الحقيقية.
وعلى الرغم من القرار الذي يمكن وصفه بالساذج، ومنع البث للجزيرة، وقطع شبكة الاتصالات وشبكة النت، لم تستطع الحكومة المصرية إيقاف إيصال صورة الموقف في الشارع المصري إلى كل المشاهدين.. إنه زمن الإعلام العربي الجديد.